المسيحيون في سهل نينوى يطالبون بضرورة ايقاف العمل في مشروع سكني بناحية برطلة، ويعتقدون بأن الهدف من المشروع هو تغيير ديمغرافي للموطن الرئيسي للمسيحيين، وعلى خلفية هذا الأمر يسعى رجال دين ومسؤولين مسيحيين إيقاف العمل بالمشروع، الا ان المكون الشبكي لهم رأي مغاير من خلال اقبالهم على شراء الوحدات السكنية في المشروع.
مشروع (سلطان ستي)، يتكون من 182 وحدة سكنية، يبلغ مساحة كل وحدة منها 200 مترا، كما ويضم المشروع المدارس ورياض الاطفال والخدمات الصحية.
يستمر الجدل على المشروع، حيث ان المشكلة الاساسية تعود للمسيحيين الذين يرون بأن الارض التي بني عليها المشروع هي ملكهم ويقولون ان الذين سيتم اسكانهم في المشروع تم اصدار “هويات المزورة” لهم، كما وان ارتفاع سعر الوحدات السكنية له تأثير واضح على كيفية حسم المشكلة بين مكونين من مكونات سهل نينوى، لان المسيحيين يعتقدون بأن الهدف الرئيسي للمشروع محاولة لتغيير ديمغرافي لمنطقتهم.
رئيس مجلس ناحية برطلة، جلال بطرس قال لـ (كركوك ناو) إن ” الارض التي بُني عليه المشروع هي ارض زراعية تعود ملكيتها للمسيحيين، وكان من الاولى ان يأخذون رأينا قبل المباشرة ببناء المشروع، ونحن كمسيحيين نرى بأن الهدف من المشروع هو تغيير ديمغرافية منطقتنا لصالح مكون اخر”.
واضاف: “رفضنا بناء المشروع سابقا ونعارضه حاليا مع رجال الدين والكنيسة وجميع مسيحيي برطلة، ونحن مع التعايش السلمي بين المكونات ونرفض اثارة المشاكل، الا اننا نعارض بشدة تغيير ديمغرافية المنطقة”.
نحن كمسيحيين نرى بأن الهدف من المشروع هو تغيير ديمغرافية منطقتنا لصالح مكون اخر
ناحية برطلة تقع على بُعد 15 كم شرقي مدينة الموصل، غالبية سكانها من المسيحيين، تمت استعادتها في شهر تشرين الاول 2016 بعدما سيطر عليها مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في 2014 وبدأ الاهالي بالعودة اليها تدريجياً.
بدأ العمل بالمشروع عام 2013، الا ان هجوم تنظيم داعش في منتصف عام 2014 تسبب بايقاف العمل فيه، وبعد استعادة الناحية من قبضة التنظيم، تم المباشرة بالعمل في المشروع، حيث قام مواطنون من المكون الشبكي بشراء 20 منزلا من المشروع، على الرغم من ان نسبة العمل في المشروع السكني لم تتعدى الـ 80%
ويقول بطرس، ان “المسيحيين لا يمتلكون القوة لايقاف العمل في المشروع او يمنعون التعامل به”.
رئيس مجلس قضاء الحمدانية، فيصل جار الله، يقول ان ” رئيس مجلس الناحية واربعة اعضاء في المجلس سبق وان عبروا عن موافقتهم على بناء المشروع السكني ووقعوا طلب بناءه، لكن مواقفهم تغيرت في الوقت الحالي ويرون بأن الهدف من المشروع هو تغيير ديمغرافية المنطقة”.
حول تأثير الحشد الشعبي على استمرار العمل في المشروع اضاف جار الله: ” صحيح ان المنطقة تخضع لسيطرة قوات الحشد الشعبي، ولكنني لا املك معلومات هل ان الحشد الشعبي لديهم مصالح من بناء الوحدات السكنية أم لا، ومن حق الشركة ان تبدأ ببيع الوحدات السكنية”.
وبحسب اتفاق مشترك بين الشركة المكلفة ببناء المشروع وادارة قضاء الحمدانية، تباع الوحدات السكنية للمسيحيين والشبك فقط، لكن المسيحيين يرفضون هذا الشرط ورفضوا شراء الوحدات في المشروع للتعبير عن استياءهم من بيع الوحدات للمواطنين الشبك.
عضو ناحية برطلة عن المكون الشبكي، علي يوسف يقول، ان ” المشروع من الناحية القانونية لا ماشاكل عليه، وتم استحصال موافقة الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان لبنائه”. مضيفا ان ” المسيحيين يقولون يجب ان تخصص الوحدات السكنية في المشروع لهم فقط، بمعنى ان يكون المشروع مجمع سكني للمسيحيين، ويأتي هذا في وقت لدينا 17 قرية شبكية تابعة لناحية برطلة كما ويشكل الشبك نصف اهالي الناحية”.
وحسب الإحصائيات الصادرة من الشبكيين، يبلغ عدد نفوس الشبك في العراقي ما بين 300 – 350 الف نسمة، 60 بالمائة منهم من اتباع المذهب الشيعي والاخرين سنة المذهب وينتشرون في عدد من مناطق العراق من ضمنها بغداد ونينوى.
لدينا 17 قرية شبكية تابعة لناحية برطلة كما ويشكل الشبك نصف اهالي الناحية
يصل سعر المنزل الواحد في المشروع الى اكثر من 75 مليون دنيار عراقي، وبأمكان المواطن شراء منزل في عدد من احياء محافظة اربيل عاصمة اقليم كوردستان بهذا السعر.
عمار حسين والذي يراقب عمل المشروع يقول: ” لم يقدم اي مواطن مسيحي على شراء الوحدات السكنية في المشروع، وقاموا بزيارة المشروع فقط، والشبكيين قاموا بشراء 20 منزل”.
مدير عام شؤون الايزيديين في حكومة اقليم كوردستان، خالد جمال قال لـ (كركوك ناو) ان “الكنيسة والسريان يرفضون المشروع ويسعون لايقاف العمل فيه”.
” تم اسكان مواطنين في سهل نينوى تحت اسم الشبك من العرب الشيعة في موطن المسيحيين جميعهم يحملون هويات مزورة، وهنالك محاولة لتغيير ديمغرافية المنطقة، ويعتبر هذا الاجراء مصدر قلق للمسيحيين الذين يسكنون المنطقة منذ مئات السنين ويسعون جاهدا لاعادة الحياة مرة اخرى الى مناطقهم”. هذا ما أكده خالد جمال.
الكنيسة والسريان يرفضون المشروع ويسعون لايقاف العمل فيه
نشر موقع (كركوك ناو)، في أب 2018، تقريرا عن اسكان مئات الاسر العربية في مناطق سهل نينوى والتي من المقرر ان تُنقل سجلات الاحوال الشخصية الخاصة بها الى تلك المناطق، وذلك بعد مرور اعوام على تهجير الاهالي الأصليين.
حسب الوثائق والمسؤولين المطلعين على القضية، تم اسكان تلك الاسر في سهل نينوى أبان عهد حزب البعث، اغلبهم من اهالي القيارة والشرقاط وعدد اخر من المناطق العراقية، الا انهم لم يعودوا الى مناطقهم وتمت الموافقة على نقل سجلاتهم الى دائرة الجنسية والاحوال المدنية في نينوى.
وبشأن نقل سجلات تلك الاسر قال عضو مجلس محافظة نينوى من المكون العربي، خلف الحديدي، لـ (كركوك ناو): “يوجد اتفاق مشترك بين وزارة الدخلية في حكومة اقليم كوردستان ووزارة الداخلية الاتحادية، على اصدار الهويات للعرب الوافدين الى المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي”.
وتقع المناطق المعنية في حدود المدن المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.
هذا الخلاف بين الشبك والمسيحيين في ناحية برطلة، يأتي في وقت بوصلة اهتمام الحكومة العراقية وادارة محافظة نينوى نحو الملف الامني واعادة اعمار المناطق المتضررة والصراعات الحزبية المتعلقة بتشكيل الكابينة الوزارية للحكومة العراقية الجديدة.