آمنة وخاور تحديتا نظرة المجتمع...دخلن سوق العمل ونجحن فيه

آمنة نوري و خاور محمد    تصوير: كركوك ناو

ليلى أحمد – كرميان

مع بزوغ أول خيوط الفجر، تخرج آمنة من البيت قبل الآخرين وتتوجه الى محل بيع الخضار والفواكه الذي تديره وسط سوق قضاء كفري.

تدير آمنة المحل منذ 27 سنة، فقد اختارت أن تعيش من تعبها ولا تستجدي شيئاً من احد. "كنت شابة، وكنت أول امرأة تدخل مجال العمل في السوق، أهلي واقاربي استغربوا الأمر، البداية كانت صعبة، تحملت الكثير من الكلام المسيء والسخرية"، حسبما قالت آمنة نوري.

آمن تحدت أهلها وتقاليد مجتمعها في الوقت نفسه، لم تستسلم وواصل المسير، الى أن أرغمت الجميع على احترامها وباتوا يلقبونها بـ"آمنة كفري".

"كان زوجي يدير المحل، لم يكن لدينا أطفال، توفي زوجي وقررت أن أحل محله رغم العراقيل الكثيرة التي واجهتها، أشقائي وشقيقاتي قالوا لي لا تعملي سنتولى رعايتك، لكنني لم أرض".

"في السابق كان من المعيب على المرأة أن تعمل، لكنني كسرت هذه القاعدة، الآن أصبح الجميع يحترمني"، وتقول آمنة بأنه لا يوجد فرق بين الرجال والنساء، يتوجب عليهن العمل دون الالتفات الى الأقاويل والمعوقات.

amina
كفري/ 2024/ آمنة تبيع في محلها الخضروات والفواكه وبعض الاحتياجات المنزلية   تصوير: كركوك ناو

تبيع آمنة في محلها الخضروات والفواكه الى جانب بعض اللوازم المنزلية، "عملي مرهق، لكنني قنوعة وأفتخر به"، وتدعو آمنة النساء للوقوف على أرجلهن والعمل.

تعيش آمنة في قضاء كفري الذي يعود تاريخ إنشائه الى نحو قرنين من الزمن، وتعد كفري من "المناطق المتنازع عليها" ضمن محافظة ديالى لكنها تتبع حكومة اقليم كوردستان إدارياً.

على بعد حوالي 50 كيلومتراً من كفري، تحديداً في قرية سيد خليل بقضاء كلار، تسرد امرأة أخرى تدعى العمة خاور قصة كفاح وإصرار أخرى، بعد أن اختارت قبل سنوات تولي مهمة تأمين لقمة العيش لعائلتها من المحل الذي تديره.

فتحت العمة خاور محلاً في قريتها التي تضم 25 عائلة تبيع فيه معظم حاجيات سكان القرية من مواد غذائية، مواد تنظيف وغيرها. المحل يقصده أحياناً زبائن من القرى المجاورة.

العمة خاور أم لثلاثة أطفال، زوجها عاجز عن العمل بسبب المرض. رغم أن مصدر عيشهم الرئيسي كان الزراعة وتربية المواشي، لكنها كانت ترغب في إدارة محل. خاور استرجعت ذكريات ما قبل 20 سنة وكيف خطر ببالها فكرة العمل التجاري لكنها لم تكن تعرف كيف تبدأ.

xawar
كلار/ 2024/ خاور محمد داخل محلها في قرية سيد خليل   تصوير: كركوك ناو

في البداية توجهت الى سوق المدينة، وبدأت ببيع الحلويات وحب الشمس على صينية صغيرة، استمرت في هذا العمل خمس سنوات، الى أن سمعت بأن هناك دورة تدريبية تنظم في كلار لمساعدة النساء في إدارة أعمال مستقلة، "قلت لنفسي يجب أن لا أفوّت هذه الفرصة.."، وتقول خاور بأنها قررت المشاركة رغم بعد قريتها عن مكان الدورة.

"تعلمت في الدورة التدريبية كيف أدير عملاً خاصاً بي، في نهاية الدورة أعطوني ستة مقاعد بلاستيكية ومبلغ 500 ألف دينار، وظفت المبلغ لفتح محل في قريتي، هدمت جدار فناء المنزل، اشتريت مستلزمات البناء وبنيت غرفة صغيرة سميتها محلاً"، حسبا قالت العمة خاور لـ(كركوك ناو).

طريق خاور لم يخلُ هو الآخر من المطبات والاعتراضات، لكن حبها لعملها أعانها على المضي قدماً، لدرجة أنها تقطع مسافة 15 كيلومتر مشياً لشراء المواد لمحلها في حال لم تتوفر لها وسيلة نقل.

تتواجد خاور في المحل معظم الوقت وأحياناً تضع أبناءها وبناتها على المحل، لأنها مضطرة أحياناً لرعاية المواشي.

"لن أترك عملي في المحل ما حييت، كان حلمي أن أدير عملاً خاصاً بي أؤمن من خلاله قوت عائلتي"، وتشجع خاور محمد النساء على الاعتماد على أنفسهن والعمل جنباً الى جنب مع الرجال.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT