الصليب والمقاعد وباقي محتويات كنيسة "مارعوديشو" تلمع من النظافة، رغم أن الكنيسة لم تقم فيها طقوس العبادة منذ عقدين من الزمن.
الكنيسة هُجرت منذ 21 سنة، لكن أبوابها لم تغلق حيث تتولى عائلة ايزيدية الاعتناء بها.
تقع كنيسة "مارعوديشو" في مجمع النصيرية بناحية ألقوش (40 كم شمال الموصل). المجمع كان فيما مضى موطن قسم من مسيحيي سهل نينوى، قبل أن تغادر في 2003 آخر العوائل المسيحية المنطقة صوب المهجر.
طوال أكثر من عقدين، تتولى شهناز برايم مع زوجها وأطفالها تنظيف الكنيسة مرتين في الاسبوع، أيام الأحد والخميس، "نقوم بذلك دون مقابل، لا نبتغي غير مرضاة الله"، حسبما قالت شهناز لـ(كركوك ناو).
رعاية الكنيسة ورثتها العائلة الايزيدية عن الآباء والأقارب، رغم اتباعهم لديانة مختلفة.
زوج شهناز، وائل جيجو خوديدا (32 سنة)، قال "كلنا نعيش في هذه المنطقة ولا فرق بيننا، ما نقوم به خير مثال على التعايش الديني وقبول الآخر"، وأشار الى أن أهله هاجروا خارج العراق منذ سنوات لذا تولت عائلته المهمة، "والداي كانا يوصيانني دائماً بالاعتناء بالكنيسة".
مجمع النصيرية يبعد أقل من ثمان كيلومترات عن مركز ناحية ألقوش، وكان سابقاً موطناً للمسيحيين فقط، لكنه يخلو من أي عائلة مسيحية منذ 21 سنة وتقطن فيه حالياً 500 عائلة ايزيدية.
نزور الكنيسة مرتين في الاسبوع لأغراض التنظيف والصيانة"، بحسب وائل الذي أشار الى أنهم يتكفلون بأنفسهم بشراء مواد التنظيف وغيرها.
وائل وشهناز وطفليهما يزورون الكنيسة معاً، اليومان اللذان يتواجدون فيه اشبه بحملة تنظيف، أحدهم ينظم وينظف المقاعد وآخر ينزل الصور ويلمّعها بقطعة قماش. غالباً ما تستغرق حملة التنظيف ساعتين.
"ننظف كل زوايا الكنيسة"، وتقول شهناز بأنهم دأبوا على الاعتناء بالكنيسة كل اسبوع.
يعود تاريخ إنشاء كنيسة "مارعوديشو" الى عام 1712، وكانت من المواقع الدينية المهمة بالنسبة لمسيحيي نينوى، أربيل، دهوك ومناطق أخرى. فضلاً عن الكنيسة، يوجد ايضاً مزار ديني ايزيدي في مجمع النصيرية.
ويقول وائل، "حتى لو كان مسجداً كنا سنفعل نفس الشيء ونعتني به، بالنسبة لنا لا فرق بين الديانات، هذ المكان يعود للمسيحيين ويجب أن نحافظ عليه".
أعداد المسيحيين في العراق تراجعت الى 250 ألف، يعيش أغلبهم في اقليم كوردستان، بعد أن كان عددهم حتى 2003 يقدر بمليون وخمسمائة ألف، حسب إحصائيات المفوضية العليا لحقوق النسان في العراق.