شهد المؤتمر الذي عقدته منظمة "وادي" الألمانية وشركاؤها حالة من القلق والتشاؤم إزاء الأوضاع الحالية للإيزيديين في العراق، وتم فيه طرح العديد من المقترحات لتحسين أوضاعهم، على رأسها ممارسة الضغط على الحكومة العراقية لإعادة إعمار سنجار والتخلي عن إغلاق مخيمات النازحين.
منظمة "وادي" التي كرست طوال عقدٍ من الزمن جزءاً من عملها لقضية النازحين في العراق، بالأخص الإيزيديين، نظمت يوم الأربعاء، 2 تموز، مع عدد من شركائها جلسة نقاش لتسليط الضوء على المشاكل والتحديات التي تواجه الإيزيديين بعد 11 عاماً على تدمير سنجار والإبادة الجماعية التي تعرضوا لها على يد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)".
جلسة النقاش، حسبما شددت منسقة وادي في العراق، جيمن رشيد، جاءت عقب التجاهل العام الذي يتعرض له الإيزيديون، خصوصاً بعد قرار إغلاق المخيمات من قبل الحكومة العراقية ووقف المساعدات التي كانت تقدمها لهم المنظمات والمجتمع الدولي.
وقالت جيمن في مستهل الجلسة، "الأوضاع الحالية في سنجار ومخيمات النازحين دليل على التهميش الذي يتعرض له الإيزيديون... إغلاق المدارس والمراكز الصحية الموجودة في المخيمات، تردي الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء قضايا يجب الوقوف عندها".
وأضافت، أن "هذا المكون الديني يحتاج إلى حلول جذرية لمشاكلها، لأن ما يتم القيام به، على سبيل المثال عمل المنظمات، مجرد حلول مؤقتة ومسكنات".
في آب 2014، سيطر مسلحو داعش على مساحات واسعة من شمال العراق واستهدفت بصورة ممنهجة عن طريق العنف الأقليات الدينية والعراقية- أبرزها الأقلية الإيزيدية والأقلية المسيحية- وذلك في حملة وحشية لطمس المكونات التي لم تتوافق عقائدها مع عقيدتهم المتطرفة.

أربيل/ 2 تموز 2025/ جانب من المؤتمر الصحفي لمنظمة وادي الألمانية وشركائها حول قضية الإيزيديين تصوير: فرؤق وادي
في 15 آب من نفس العام، ارتكب تنظيم داعش مجزرة بحق الإيزيديين في قرية كوجو، وبحسب إحصائية لمكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين التابع لحكومة إقليم كوردستان، قتل ألفان و293 إيزيدي على يد مسلحي داعش، إلى جانب اختطاف ستة آلاف و417 إيزيدي، بينهم نساء وأطفال، تم حتى الآن تحرير ثلاثة آلاف و580 منهم.
بعد مرور 11 عاماً على الحادث، لا يزال 188 ألف و944 ايزيدي يعيشون في النزوح، 135 ألف و616 منهم يقيمون في مخيمات النازحين بمحافظة دهوك.
المستشار في منظمة وادي، عبدالله صابر، قال خلال جلسة النقاش، "أنا متشائم جداً من الأوضاع الحالية للإيزيديين وأتوقع حدوث إبادة جماعية أخرى في ظل عدم اتخاذ أي خطوات لحل مشاكلهم"، وأضاف، "لا يُنظر للإيزيديين على أنهم بشر، هل من المعقول أن أعيش نازحاً طوال 11 عاماً في بلدي واقيم في المخيمات.... العيش في المخيمات لـ11 عاماً هو بحد ذاته عنف وإساءة بحقهم".
جلسة النقاش مثلت دعوة لتجديد الإلتزام بقضية المكون الديني الإيزيدي ووضع استراتيجية لضمان عودة آمنة لديارهم.
مدير عام شؤون الإيزيديين في وزارة الأوقاف بحكومة إقليم كوردستان، سعود مستو، قال إن "وضع استراتيجية يتطلب خطة عامة والخطة بحاجة لبيانات، كان من الأفضل طرح مشاكل الإيزيديين في هذه الجلسة بالأرقام والبيانات"، وأضاف، "أحد التحديات الكبرى أمام الإيزيديين هو قرار إغلاق المخيمات، هذا القرار لم يكن في محله، لأنه المنظمات الدولية والسفارات للأسف تتعامل وفق هذا القرار".
"القضية لا تتعلق فقط بالنازحين المقيمين في 14 مخيماً بدهوك، بل إن الإيزيديين المتواجدون خارج المخيمات ولم يعودوا إلى ديارهم يعيشون أيضاً في أوضاع مزرية، معاناة المجتمع الإيزيدي كبيرة وأصبحوا ضحية للصراعات السياسية والعسكرية، نتيجة لذلك لا يستطيعون العودة بأمان إلى ديارهم"، بحسب سعود مستو.
في عام 2020 أبرمت الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان اتفاقية سنجار لتكون خارطة طريق لتشكيل إدارة جديدة وإعادة تنظيم القطاعات الإدارية والأمنية والخدمية لكن بنودها لم تنفذ بعد.

أربيل/ 2 تموز 2025/ جانب من المؤتمر الصحفي لمنظمة وادي الألمانية وشركائها حول قضية الإيزيديين تصوير: فرؤق وادي
وقال مستو إن "تنفيذ بنود الإتفاقية كان مهماً، لكنها لم تنفذ"، وأضاف، :قرار الإدارة الأمريكية الجديدة بوقف الدعم المالي أثر سلباً على عمل المنظمات والمساعدات التي كانت تقدمها لسكان المخيمات".
في تشرين الثاني 2024، قالت السفيرة السابقة للولايات المتحدة في العراق، ألينا رومانسكي، رداً على سؤال لـ(كركوك ناو)، حول الأوضاع في سنجار ، "تنفيذ اتفاقية سنجار يضمن الاستقرار والأمن وعودة النازحين، ونحن قلقون من أنها لم تنفذ بعد".
يتواجد في سنجار ما لايقل عن عشر قوى أمنية وعسكرية مختلفة، الأمر الذي يخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني، خصوصاً أن كل قوة تتلقى الأوامر والتوجيهات من جهة معينة وبعضها ليست على وئام، ويعد هذا من أسباب عزوف النازحين عن الهعودة.
وأشار مستوى إلى أن "أهمية جلسة النقاش تكمن في حضور ممثلي القنصليات ما يمكّننا من إيصال قلقنا وملاحظاتنا لهم بكل مباشر".
جلسة النقاش حضرها ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا وهولندا، إلى جانب ممثل حكومة الإقليم وممثلي عدد من المنظمات المحلية والدولية.
فرميسك أحمد، عضو المجلس الأعلى لشؤون السيدات التابع لمجلس وزراء إقليم كوردستان أثارت قضيتين، وتساءلت هل سنجار آمن لعودة النازحين، وهل المخيمات مكان ملائم ليعيش فيه أبناء هذا المكون الديني 11 عاماً.
"الحديث عن العودة القسرية للنازحين المقيمين في المخيمات أمر يجب أن نتوقف عنده، هذا الأمر ليس سهلاً، لأن سنجار لا تزال غير ملائمة للعيش ويجب إلى جانب تعويض المتضررين، إعادة إعمار المنطقة وتوفير الإستقرار الأمني فيها"، وأضافت فرميسك، "في حال بقائهم في المخيمات يجب متابعتهم بشكل مستمر من الناحية النفسية ووالأمنية والخدمية".
وفقاً لإحصائية حصل عليها موقع (كركوك ناو)، من مجموع 21 مركزاً صحياً في 16 مخيماً للنازحين بمحافظة دهوك تبقت سبعة مراكز فقط، بعد انتهاء عقود عمل المنظمات العاملة في مجال إغاثة النازحين.
نائب مدير دائرة المنظمات غير الحكومية، هردي أحمد، قال "يجب أن يستند عمل المنظمات في قضية مثل هذه إلى خطط طويلة المدى، يجب أيضاً أن تتعاون كافة المنظمات للعمل على هذه القضية لكي يكون التأثير أكبر".
واقترح هردي إنشاء منصة للتنسيق والعمل تتألف من المنظمات المحلية والدولية، القطاع الخاص، الحكومة وممثلي الدول.
من جانبها قالت جيمن رشيد إن "من المهم كخطوة أولى أن نمارس معاً الضفط على الحكومة العراقية لعدم إجبار النازحين على العودة".