الكورد الفيليون يدفعون ضريبتين.. الاولى قومية والأخرى مذهبية

الصورة مأخوذة من موقع unsplash في 10 أيار 2020

سوران محمد

منذ عدة عقود والكورد الفيليون في العراق يواجهون العراقيل التي تعيق حصولهم على حقوقهم. تارةً يدفعون ضريبة القومية التي ينتمون اليها، وأخرى بسبب المذهب الذي يَتَّبعونه، ولكن النقطة الأهم تتمثل في اصرارهم وسعيهم لنيل حقوقهم وتجاوز العقبات التي تواجههم، من ضمنها الحفاظ على لغتهم وهويتهم.

تُقَدَّر أعداد الكورد الفيليين في العراق بأكثر من 800 ألف شخص، يقطن أغلبهم في محافظات ديالى، بغداد، واسط وكركوك.

ينتمي الفيليون للقومية الكوردية وهم من اتباع المذهب الشيعي، هاتان الهويتان كَبَّدت هذه الأقلية الكثير في مراحل مختلفة من تأريخ العراق، لذا يريدون أن تكون خطواتهم المقبلة صوب توحيد صفوفهم وقواهم ليتمكنوا من لعب دور في مراكز صنع القرار.

الحاج داود أسعد، مسؤول منظمة الكورد الفيليين ومقرها في مدينة كركوك، يقول بأنهم بين حَدَّين، "عندما نطالب حكومة اقليم كوردستان بحقوقنا ونستعرض مشاكلنا مع المسؤولين، يقولون لنا بأننا ننتمي للمذهب الشيعي، فيرفضون مساعدتنا، في الجانب الآخر تقول الحكومة العراقية بأننا كورد ويخلقون لنا العراقيل."

نريد من ممثلينا أن يدافعوا عن الكورد الفيليين

بصورة عامة، يرغب الفيليون في أن يكون لهم ممثلون في البرلمان ومجالس التشريع وصناعة القرار. "نريد من ممثلينا أن يدافعوا عن الكورد الفيليين،" يقول الحاج داود.

في عموم العراق يملك الكورد الفيليون ممثلاً وحيداً لأقليتهم في البرلمان، والذي ضمن مقعده حسب نظام مقاعد الكوتا المخصصة للأقليات القومية والدينية. وكان للفيليين مقعدان في مجالس محافظتي بغداد وواسط قبل أن يتم حل مجالس المحافظات، ولم يُخصص أي مقد لهم في برلمان ومجالس محافظات اقليم كوردستان.

وأشار الحاج داود الى أن الكورد الفيليين مكون رئيسي في العراق لذا كان يُفترض أن يعطوا دوراً أكبر، "لم يكن لنا ممثل في مجلس محافظة كركوك، بالرغم من تواجد ألفين و800 كوردي فيلي في تلك المحافظة.

منظمة الكورد الفيليين التي افتتحت مقرها في كركوك خلال هذا العام تسعى لتوحيد الفيليين ليصبحوا اقوى واكثر تأثيراً.

fayli

 كركوك/ 2020/ افتتاح مقر منظمة الكورد الفيليين في كركوك

وتتزامن هذه المساعي مع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي والتي مُنِحَت الثقة من البرلمان العراقي في وقت تأخر من ليلة السادس من ايار، رئيس الوزراء الجديد ألمح الى أن اجراء انتخابات مبكرة ستكون من أولويات مهامه.

على هذا الأساس يطمح الكورد الفيليون الى الظهور بقوة اكبر في الانتخابات المقبلة وأن يكونوا موَحَّدي الصفوف، على القل في بغداد، حيث يعيش أكثر من 400 ألف كوردي فيلي في تلك المحافظة.

نسرين محمد كريم، ناشطة في مجال حقوق المرأة والكورد الفيليين قالت لـ(كركوك ناو) "في حقبة النظام البعثي وبالأخص في ثمانينيات القرن الماضي، تعرضنا للكثير من المصائب، العقبات الموجودة حالياً تُحَتِّم على الكورد الفيليين أن يتكاتفوا لكي يكون لنا دور أكبر ونتمكن من استرداد حقوقنا."

في فترة حكم نظام البعث في العراق، تعرض الكورد الفيليون الى حملات تهجير وسلب الهوية، جراء كونهم كورداً وشيعةً في الوقت نفسه، وقد اعتبرت المحكمة الجنائية العليا في العراق في عام 2010 الجرائم التي تعرض لها الكورد الفيليون جرائم ابادة جماعية.

أول امرأة أُعدِمَت من قبل نظام البعثي لأسباب سياسية كانت من الأقلية الفيلية

"نساء الفيليين عانوا الكثير من المآسي، وان أول امرأة أُعدِمَت من قبل ذلك النظام لأسباب سياسية كانت من الأقلية الفيلية، وهي ليلى قاسم"، تقول نسرين.

وتابعت نسرين قائلةً "الشيء الأهم والذي نفتخر به هو أننا لا زلنا صامدين ومستمرين على خُطى آبائنا واجدادنا في سعينا لاسترداد حقوقنا."

يملك الكورد الفيليون تراثاً ولغة وتقاليد خاصة بهم، ولكن قوميتهم الكوردية ومذهبهم الشيعي كلَّفهم الكثير.

shi3a

الصورة مأخوذة من موقع unsplash  في 10 أيار 2020

يعتقد الباحث السياسي على احمد الفيلي (54 سنة) بأن تخصيص مقاعد كوتا للكورد الفيليين كانت الخطوة الصحيحة الوحيدة خلال الأعوام السابقة، على أحمد كان قد تحدث لـ(كركوك ناو) قائلاً "يجب أن يكون لنا نواب في البرلمان لكي يقوموا بتذكيرهم بالحقوق والمطالب الخاصة بالفيليين والتي ذهبت في طي النسيان."

بعد سقوط نظام البعث في عام 2003، عاد معظم الكورد الفيليين المهَجَّرين الى بغداد، الا أن التهديدات المختلفة التي لاحقتهم أجبرتهم على النزوح والهجرة مرة اخرى.

وكما يقول علي الفيلي "حينما تعرضنا للتهديدات أثناء الحملات الخاصة بالاستفتاء على استقلال اقليم كوردستان في 2017، لم تكن الدوافع مذهبية بل كانت بسبب كوننا من الكورد."

ويرى بأن الهدف وراء تلك المساعي هو "القضاء على لغتهم وتراثهم" مضيفاً بأن هذا الهدف "يجري التعامل معه بصورة منهجية."

اذا كانت المسألة بالنسبة للأقليات الدينية والقومية المختلفة في العراق تمثل السعي فقط للتواجد في مراكز صنع القرار، فانها بالنسبة للكورد الفيليين تمثل اضاف الى ذلك العمل من أجل "التكاتف لضمان بقاء لغتهم وهويتهم"، حسبما قال خليل شواني، مسؤول الجمعية الثقافية للكورد الفيليين لـ(كركوك ناو).

      

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT