الخراب الذي لاقاه اهالي قرية وردك قوبل بالاصرار على الحياة والمضي قدما واعادة اعمار ما خربه داعش
الخراب الذي لاقاه اهالي قرية وردك قوبل بالاصرار على الحياة والمضي قدما واعادة اعمار ما خربه داعش
ولاء الحمداني – نينوى
لم يمنع الواقع المزر للخدمات الصحية والعامة والاهمال الحكومي لقريته من ان يقف علي مخيبر مكتوف الايدي هو وزملاؤه من ابناء قرية وردك التابعة لناحية النمرود في قضاء الحمدانية اذ أسس مع زملائه جمعية تطوعية خدمية اطلقوا عليها اسم "جمعية وردك الشبابية".
على مخيبر ذا التسعة والعشرين ربيعا، ماجستير في الادب العربي وناشط بحقوق الكاكائية استطاع ان يجمع شباب قرية وردك الكاكائية بفريق تطوعي هدفه الارتقاء بالواقع الخدمي لهذه "القرية المنسية" واظهارها بمظهر يليق بها وبأهلها كما يقول مخيبر.
مخيبر وزملاؤه اخذوا على عاتقهم خدمة مناطقهم بانفسهم متحدين الظروف الصعبة التي المت بهم قبل وبعد تحرير مناطقهم من قبضة تنظيم داعش دون انتظار للمساعدات الحكومية او الهبات التي تاتي عن طريق منظمات المجتمع المدني.
منذ 2003 وقرية وردك لم تشهد تبليط ولو شارع واحد
"منذ 2003 والقرية لم تشهد تبليط ولو شارع واحد" يقول مخيبر بامتعاض مشيرا الى ان الاهمال الحكومي لمنطقته وحال الدمار الذي لحق بالبنى التحتية للقرية قد دفعاه ليؤسس فريقه التطوعي من شباب وبنات قرية وردك والذي اعتمد بشكل اساسي على المساعدات والتبرعات التي تأتيهم من ابناء القرية انفسهم ليقدم الفريق خدماته للمنطقة وتحسين الواقع الخدمي لها.
وكانت قرية وردك تعاني من تجمع المياه الاسنة فيها نتيجة لقدم وتهالك مجاري الصرف الصحي فيها ما شكلت هذه المياه عبئا على اهالي القرية قبل ان يتمكن علي وفريقه من شحذ الهمم وجمع التبرعات من اهالي القرية من اجل القضاء على هذه المشكلة.
وتمكن الفريق بالفعل من بناء مجرى من الطابوق للمياه لتذهب بعيدا عن المنازل حيث تم عمل هذا المجرى بايدي شباب الفريق وبمساعدة من اهالي القرية واستخدموا الاليات الموجودة لديهم دون الحاجة لاي مساعدة من المناطق المحيطة بهم.
ويعتمد فريق جمعية وردك الشبابي في موارده على الاعضاء بالدرجة الاساس كما يقول علي اذ ان المتطوع داخل الفريق يدفع " طوعيا " مبلغا وقدره 5000 دينار شهريا لتكون هذه الاموال لبنة الخدمات التي يقدمها الفريق للقرية، واستطاع الفريق في وقت قياسي ان يحضى بدعم شعبي واسع في قرية وردك ولاقت نشاطات الفريق ترحيبا وتشجيعا كبيرين.
علي مخيبر الذي اضطر هو واقرانه من ابناء الطائفة الكاكائية في نينوى الى النزوح عن مناطقهم عقب سيطرة تنظيم داعش على معظم مساحة محافظة نينوى عام 2014, قد عاش اوضاعا صعبة بعيدا عن منزله وقريته التي يحب، فقد اضطر الى تأجيل دراسته التي توقفت ما يعني تأجيل حلمه بنيل الشهادة والعمل بوظيفة يحلم بها كأي شاب عراقي.
تركنا كل شيء خلفنا واضطررنا للخروج رغما عنا وتركنا مناطقنا واحلامنا التي كانت فيها
يقول مخيبر عن فترة نزوحه الى اقليم كوردستان "كنت كثيرا ما اشتاق للجلوس على النهر الذي يبعد عن قريتي 500 متر، تركنا كل شيء خلفنا واضطررنا للخروج رغما عنا وتركنا مناطقنا واحلامنا التي كانت فيها".
الا انه وبعد استعادة الموصل من قبضة داعش استطاع مخيبر العودة لمنزله من جديد الذي كان خاويا على عروشه وليتفاجأ مع اهل قريته برؤية قريتهم نصف مدمرة تقريبا ومزاراتهم قد هدمها التنظيم، لكن ذلك لم يثني مخيبر واهل قريته البدء من جديد لرحلة الحياة حسب قوله، فالخراب الذي لاقاه اهالي قرية وردك قوبل بالاصرار على الحياة والمضي قدما واعادة اعمار ما خربه التنظيم.
ابتعاد علي عن الدراسة لم يمنعه من مواصلة مشواره التعليمي اذ اشترك بعدة دورات تدريبية بمواضيع شتى اجرتها منظمات مختلفة في اقليم كوردستان ليتمكن من كسب الثقة والمعرفة وبناء العلاقات الجيدة مع باقي المكونات العراقية.
كما عمل علي في مجال الصحافة ليكون صوتا ينادي باسم حقوق الاقليات وخاصة الاقلية الكاكائية وينقل معاناتهم الى العالم الخارجي من اجل وضع حد "للممارسات الوحشية" للتنظيمات المسلحة ضد ابناء الاقليات العراقية.
وبعد استعادة الموصل استطاع علي من العودة الى مقاعد الدراسة من جديد واكمال ما توقف عام 2014 ولم ينتهي به الحال بالاكتفاء بشهادة البكالوريوس بل كان طموح علي اكبر اذ اكمل عقب تخرجه دراسة الماجستير في الادب العربي ليوصل رسالة لاقرانه مفادها ان "ليل الظالمين مهما طال سينجلي واننا بتشبثنا بالحياة والاحلام التي نرسمها ننتصر على الاعداء".
ويسعى علي مخيبر الى تطبيق فكرة فريقه على بقية القرى الكاكائية في محافظة نينوى وانشاء فريق لكل قرية بغية تقديم الخدمات الممكنة لتلك المناطق من اجل تقديم حياة افضل للكاكائيين هناك.