الموسيقى اقوى من العلاجات الكيمياوية والسريرية
الموسيقى اقوى من العلاجات الكيمياوية والسريرية
ورود صالح - كركوك ناو
شقت السمراء رنا جاسم طريقها الى النجومية كعازفة لالة البيانو ومؤلفة موسيقية؛ وسط مجتمع محافظ، يرى ان الموسيقى يجب ان تقتصر على الرجال فقط، لكنها استطاعت ان تجمع بين الموهبة والدراسة الاكاديمية.
وبعد دراستها في امريكا، نجحت بفتح معهد لتعليم وتدريس الموسيقى للاطفال المصابين بمتلازمة داون، واستطاعت ان تستثمر طاقاتهم بمجال الابداع. وتعتقد ان الموسيقى اقوى من العلاجات الكيمياوية والسريرية.
البداية المبكرة
"بدأت ﻣﺸواري الفني مع آلة اﻟﺒﻴﺎﻧﻮ في عمر الاربعة اعوام، وتمرنت عليها دون ارشاد من استاذ متخصص في الموسيقى، إلا انها استهوتني وﺑﻘﻴﺖ أتمرن الى ان تمكنت من اتقان معزوفة من التراث العراقي"، تقول رنا لـ(كركوك ناو).
تمرنت على البيانو دون ارشاد من استاذ متخصص في الموسيقى
وفعلا استطاعت في عمر السادسة من عزف المعزوفة (ﻃﺎﻟﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﺑﻮﻫﺎ) للراحل ناظم الغزالي، واستمر هوسها بالبيانو مع تقدم سنها، والتحقت بمعهد الفنون الجميلة في بغداد، قسم الموسيقى – تخصص آلة البيانو بعد ان تخرجت من الدراسة المتوسطة، واتقنت اسس وقواعد الموسيقى على يد الفنان سعد محمود حكمت الذي أشرف على تعليمها في المعهد.
تخرجت رنا من معهد الفنون الجميلة وكانت من الاوائل على دفعتها وذلك عام 1999، فالتحقت بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد– قسم الفنون الموسيقية وتخرجت منها عام 2003 ومن الاوائل ايضا.
ونتيجة تفوقها تعينت كمعيدة في قسم الفنون الموسيقية بالجامعة بعدها رشحت لتنال منصب عضو في اللجنه الوطنية العراقية للموسيقى، والان تعمل مسؤولة وحدة الموسيقى في قسم النشاط الفني التابع لرئاسة جامعة بغداد.
مهرجانات ومؤلفات
رنا مثلت العراق في الكثير من المحافل والمهرجانات منها مهرجان الموسيقى العالمي بدار الأوبرا في القاهرة، وشاركت بمهرجان الأمونتيه في باريس، واشتركت بحفلات الاوبرا في هولندا وبلجيكا وحفلات الجالية العراقية هناك وفي السويد والنرويج.
العازفة عضوة فعالة في فرقة "انغام سومرية" وعملت في مجال التوزيع الموسيقي والموسيقى التصويرية، ولديها مجموعة اعمال موسيقية لبرامج وافلام وثائقية وافلام من انتاج قسم الاعلام جامعة بغداد، كما وتمتلك ايضا العديد من المؤلفات الموسيقية الخاصة بها منها "قهوتي والمطر"، "أكاذيب صادقة"، "معزوفة امنية"، "حلم يقظة"، "رساله الى شخص".
ستوديوهات نيويورك
اشتركت رنا بعد تخرجها من الجامعة في برنامج يحمل اسم "قادة المجتمع" وهو برنامج امريكي بالتعاون مع الحكومة العراقية، حيث ترسل الحكومة عددا من الموهوبين الى الولايات المتحدة لاكتساب الخبرة.
"كان مجالي الموسيقى وتمكنت من خلال هذا البرنامج من الحصول على شهادة تدريبية من الولايات المتحدة الامريكية في فن العلاج بالموسيقى، ومن خلال البرنامج ايضا توفرت لي الفرصة للعزف في استدوديو "ياماها" في نيويورك للانتاج الموسيقي وعزفت خلالها مقطوعة لاغنية تراثية عراقية". توضح رنا.
العلاج بالموسيقى
"حين انتهى البرنامج الحكومي، نجحت في تطبيق ماتدربت عليه في علاج الاطفال المصابين بمتلازمة داون، ونجحت من تحويل اطفال مصابين بالمتلازمة ودون اية موهبة الى عازفي بيانو محترفين"، تقول رنا.
ومتلازمة داون اضطراب ورثي يسببه الانقسام غير الطبيعي في الخلايا مما يؤدي إلى زيادة النسخ الكلي أو الجزئي في الكروموسوم 21. وتسبب هذه المادة الوراثية الزائدة تغيرات النمو والملامح الجسدية.
وافتتحت رنا معهد لتدريب الاطفال على عزف آلة البيانو، لانها تعرف ان "الموسيقى دواء وغذاء الروح لذا حاولت التأثير في المجتمع عن طريقه"، لكنها لم تلق اي دعم من جهات حكومية مختصة بدعم الفن والفنانيين او اية معاهد موسيقى او منظمات حكومية وغير حكومية خاصة بالموسيقى.
وتسترسل "الفكرة بدأت صغيرة ونمت الى معهد متخصص ونجحت عن طريقه من تعليم وتدريس الموسيقى للاطفال المصابين بالمتلازمة واستطعت ان استثمر طاقاتهم بمجال الابداع، وتمكنت من تنمية موهبة ثلاثة اطفال مصابين بالمتلازمة الى عازفي بيانو محترفين".
وبصفتها اكاديمية في مجال الموسيقى، ترى ان "الموسيقى اقوى من العلاجات الكيمياوية والسريرية حيث انك تبني شخصية الانسان المصاب بمتلازمة داون وتحوله من مريض الى فنان مبدع وهذا هو الشفاء بعينه".
الموسيقى اقوى من العلاجات الكيمياوية والسريرية
تنمر وضغينة
تشعر عازفة البيانو العراقية رنا جاسم بالفخر خلال حديثها عن الدعم الذي تلقته من عائلتها وهي تواجه حملات تنمر وشعور بالضغينة من اقرانها من الفتيان والفتيات، وقالت ان "موهبتي وجهت الانظار الي كعازفة، إلا ان حالات التنمر التي تعرضت لها لم تستهدف موهبتها الموسيقية فحسب وتعدت الى ما ابعد من ذلك".
حالات التنمر التي تعرضت لها لم تستهدف موهبتها الموسيقية فحسب وتعدت الى ما ابعد من ذلك
"في احدى المقابلات مع موقع على احدى منصات التواصل الاجتماعي كانت المقابلة تبث مباشرة وطلب مني العزف، وحين بدأت بدات معها تعليقات سلبية بالمئات استهدفوا فيها المعلقين مظهري الخارجي وملامحي واسلوب هندامي وبالنهاية التفتوا الى عزفي" توضح رنا.
رنا لم تلتفت إلى الاصوات المحبطة واستمرت بثقة بفنها وتنمية موهبتها، وتقول: "التنمر اصبح حالة مجتمعية شائعة ولا يمكن الخلاص منها بطريقة سهلة خاصة، وان الكثير ممن فشلوا في تحقيق احلامهم يجدون كل من نجح بذلك هدف سائغ لهم ".
