قصتي

مروة الخشاب: الزواج وتربية الأطفال لا يقتلان أحلام المرأة

  • 2021-09-06

ولاء الحمداني - نينوى

مروة الخشاب (37 عاما) بعد ان انهت دراستها في كلية الادارة والاقتصاد قسم نظم المعلومات الادارية عام 2007، بحثت مثل اي شاب او شابة في مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى) عن فرصة عمل لتجني به ثمار تعبها ودراستها التي استمرت 16 سنة.

لكنها تفاجأت بتضاؤل الفرص امامها وشحتها في البلد بصورة عامة والموصل بشكل خاص، فما وجدت غير الزواج ينتظرها والارتباط بالحياة الزوجية والعائلية "التي لطالما قتلت الطموح لدى معظم النساء" على حد قول مروة.

"كنت كأي ام اخرى لا افكر الا في اولادي والاهتمام بمنزلي، حتى اني فقدت الامل بالعمل وتحقيق طموحاتي" تصف مروة السنوات الاولى من حياتها الزوجية.

وعلى الرغم من ذلك ظل حلم العمل الوظيفي يراود احلامها، فاستطاعات ان تحصل على عقد عمل باحدى الدوائر ضمن عقود اسناد ام الربيعين لكن لم تتمكن من استثمار الفرصة وتخلت عنها من اجل الاعتناء بطفلتها الرضيعة.

لكنها لم تكن ترغب مطلقا بانهاء حياتها ضمن المنزل والعائلة "كنت اشعر دوما انني قادرة على النجاح خارج المنزل لكن الاعتناء بطفلتي اجبرني على تأجيل حلمي لبعض الوقت".

كنت اشعر دوما انني قادرة على النجاح خارج المنزل لكن الاعتناء بطفلتي اجبرني على تأجيل حلمي لبعض الوقت

بعد ان سيطر تنظيم الدولة "داعش" مدينة الموصل صيف عام 2014 حلت على مروة "فترة الظلام" وجعلها تيأس من تحقيق طموحاتها.

لكنها تداركت الامر سريعا اذ تخبرنا بأنها قامت بتحميل العديد من الكتب الالكترونية من الانترنت وبدأت بمرحلة القراءة وتنمية القدرات مستغلة الفراغ الكبير الذي احدثه التنظيم.

"كنت اقرأ اي كتاب احصل عليه، فقرأت الكتب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى كتب التنمية البشرية" تشير الى ان هذه الكتب ساعدتها على شغل وقت فراغها وعلى اكتساب الخبرة والمهارات التي ستؤهلها للنجاح في حياتها العملية كما كانت تخطط.

Marwa-1
نينوى، 2017، مروة مع عدد من الطالبات في مدرستها

وبعد استعادة مدينة الموصل كاملا في تموز عام 2017 وجدت مروة الفرصة بعد عشرة سنوات من تخرجها قد اتيحت امامها من جديد لتخرج وتتطور وتعمل، واخيرا حصلت على فرصة للعمل في السلك التعليمي كمحاضرة في احدى المدارس القريبة على منزلها.

وعلى الرغم من كون التدريس بعيدا عن تخصصها (الإدارة والاقتصاد) الا انها وجدت في ذلك تحد لها في سبيل النجاح.

مديرة المدرسة التي تعمل فيها مروة كانت قد سلمتها احدى شعب الصف الثالث الابتدائي واخبرتها بان هذه الشعبة تمثل عائقا وتحديا كون المستويات العلمية لجميع طالبات الشعبة متدنية بفعل نظام العبور الذي استحدثته وزارة التربية للطلبة الذين ضاعت منهم سنوات الدراسة خلال فترة سيطرة داعش للمدينة.

"قبلت الصف واخبرت المديرة بأنني ساجعل هذه الشعبة نموذجية" تقول الخشاب.

المديرة التي تعرف مسبقا ما في هذه الشعبة اخبرت مروة بانها حتى وان خرجت بخمس طالبات ناجحات فهي قد حققت معجزة.

لكن مروة الخشاب ابت الاستسلام وعملت بجد من اجل عمل اساس للفتيات "قمت بتطبيق اساليب التدريس الحديثة على الشعبة" تقول مروة لتضيف بعدها بانها وخلال مدة قصيرة جعلت من الشعبة نموذجا للنجاح وقد حققت نسبة نجاح مرتفعة بفعل اصرارها.

لم تكتف مروة بالسلك التعليمي بل ارادت الدخول لعالم منظمات المجتمع المدني والعمل فيها، ولما وجدت ان مؤهلاتها الحالية لا تؤهلها ذلك عملت على تطوير نفسها وشاركت بالعديد من الدورات التدريبية والتي كان اهمها دورة تدريب المدربين ToT "هذه الدورة التي نقلتني نقلة نوعية وجعلت مني مروة جديدة".

WhatsApp Image 2021-07-14 at 12.38.11
نينوى، 2019 مروة تدرب عدد من النساء الموصليات

بفعل النجاح الذي حققته بالدورات وتميزها عن باقي الزملاء فتحت لها ابواب العمل الواسعة في المنظمات اذ تمكنت مروة من تسنم منصب مساعد مشروع في جمعية الامل (احدى اكبر المنظمات العاملة في العراق) في عام 2019.

وفيما يخص العمل التطوعي فلم تقف مروة الخشاب مكتوفة الايدي بل اسست واربعة من زميلاتها فريقهن التطوعي لشؤون المرأة واستطاعت مروة من خلاله تقديم كل ما لديها في سبيل حقوق المرأة كما انها قدمت العديد من الورش التدريبية ضمن الفريق مجانا .

"المرأة في مجتمعنا الموصلي هي الحلقة الاضعف لذا كان علينا التحرك نحو تأسيس فريقنا التطوعي" تقول مروة. وتضيف لقد "استطاع الفريق وخلال مدة قياسية بات له صدى في المجتمع الموصلي وذلك للخدمات التطوعية التي يقدمها في مجال حقوق المرأة والتعليم في الموصل".

مروة التي قضت بداية حياتها الزوجية في المنزل وفضلت تربية اطفالها الثلاثة على تحقيق حلمها وتأجيله، لكن لم تنسها الانشغالات بان حلمها يجب ان يحقق وسعت من اجل ذلك.

فمن ام مغمورة في البيت هذه الان تشغل منصب مديرة لمركز تلكيف التابع لجمعية الامل العراقية واستطاعت الحصول ايضا على تعيين دائم بوظيفة حكومية، وتقول "لم يمنعني الزواج وتربية الاطفال من مواصلة الحلم وادراكه بشغف".

 

 

أكثر

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT