قصتي

مروة الكاكائية وظّفت طاقات نساء قريتها في مشروع زراعي

  • 2022-02-20

تتحدث مروة الكاكائية بحماس كبير عن مشروعها، لم تفكر أبداً في الفشل وترى بأن النجاح مضمون لأنها ليست لوحدها، بل تؤازرها 34 امرأة مزارعة.

مشروع مروة متمثل بالزراعة في البيوت البلاستيكية، وهي تجربة جديدة تشرف عليها مجموعة من النساء والفتيات في قرية المجيدية بسهل نينوى.

"كان هذا حلماً وتحقق، لطالما رغبت في قيادة مجموعة كهذه لمساعدة نساء قريتي، مجموعتنا الآن تضم 34 امرأة وفتاة مزارعة، الجميع يعملون كفريق واحد"، هكذا تحدثت مروة (24 سنة) عن مشروعها.

نساء وفتيات المجموعة من أهالي نفس القرية، بعضهن أصغر عمراً من مروة ويصل عمر بعضهن الآخر الى 35 سنة، جميعهن يعملن في الزراعة ولديهن خبرة في ذلك المجال.

نينوى/ شباط 2022/ امرأو وزوجها في قرية المجيدية يعملن معاً في أحد البيوت البلاستيكية   تصوير: خاص بـ(كركوك ناو)

"عملنا بات يأخذ مساره الصحيح، البيوت البلاستيكية تم نصبها، استلمنا المستلزمات الضرورية للمشروع وحان الوقت لكي نبدأ"، وقالت مروة لـ(كركوك ناو)، "نجاح مشروعنا أمام اختبار، استمرار وتوسيع المشروع مرهون بنا، لذا فإن مهمتنا صعبة في هذه المرحلة."

مشروع البيوت البلاستيكية تزامن مع تأسيس مروة لفريق المزارعات، وذلك حين زارت منظمة النجدة الشعبية (PAO) - منظمة غير حكومية- قبل عامين قرى سهل نينوى، وبعد سماعهم للفكرة قرروا توفير الدعم وتقديم المساعدة.

تقول مروة بأن المنظمة أقامت دورات تدريبية لمزارعي المنطقة وبعد طرح فكرة المشروع خطت خطوتها الأولى التي تمثلت بتشكيل جمعية النساء المزارعات ومن ثم البدء بتنفيذ المشروع.

تقع قرية المجيدية في قضاء الحمدانية (جنوب شرق الموصل)، يبلغ عدد سكان القرية أكثر من ألف و 200 شخص، جميعهم من المكون الكاكائي، عملهم الرئيسي هو الزراعة وتشتهر القرية بإنتاج البطاطا، الخيار، الطماطم الباميا ومحاصيل الحبوب.

ولفتت مروة الى أن "انفتاح أهالي القرية كان السبب وراء تأسيس جمعية النساء المزارعات والدعم الذي وفرته المنظمة للمشروع."

كاكائيو سهل نينوى لا زالوا بصدد محاولة إنعاش قطاع الزراعة بسبب الأضرار والخسائر الكبيرة التي لحقت بقراهم بعد هجمات تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في حزيران 2014 والعمليات العسكرية،الكاكائيون، كغيرهم من الأقليات الأخرى، تعرضوا للاضطهاد والانتهاكات وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها (كركوك ناو) من قائممقامية الحمدانية الى أن نسبة 10 بالمائة من سكان القضاء لا زالوا نازحين.

العمل ليس بغريب على نساء القرية، فهن غالباً ما يعملن جنباً الى جنب مع الرجال

إبان هجمات داعش، نزحت عائلة مروة صوب أربيل، لكنهم مكثوا هناك لفترة قصيرة وعادوا الى قرية زنكل التابعة لقضاء الحمدانية، القرية الكاكائية الوحيدة التي لم تصلها يد مسلحي داعش وتبعد سبعة كيلومترات عن قرية المجيدية. استقرت عائلة مروة هناك حتى استعادة المنطقة بالكامل في تموز 2017، ثم عادوا الى قرية المجيدية.

استأنفنا الزراعة، العمل في الحقول ليس بغريب على نساء وفتيات القرية، فهن غالباً ما يعملن جنباً الى جنب مع الرجال، فكافة أفراد عائلتي كانوا يعملون معاً في الحقل"، حسبما قالت مروة.

تشجع منظمة النجدة الشعبية (PAO) الزراعة وإزالة آثار الحرب في قرى الكاكائيين من خلال منح القروض الصغيرة وتوفير المستلزمات والمعدات للمزارعين وفتح دورات حول تقنيات الزراعة الجديدة، من أجل حث السكان على البقاء في مناطقهم.

"قبل فتح تلك الدورة كنا أيضاً نمارس الزراعة لذا لم يمثل أية صعوبة لنا، لكنهم أطلعونا بالتفصيل على كيفية الزراعة داخل البيوت البلاستيكية"، وترى مروة بأن الدورات التدريبية ساعدتهم على التعرف على أناس آخرين واكتساب المزيد من الخبرات والتواصل مع مسؤولي الزراعة في الموصل، الحمدانية والمناطق الأخرى.

نينوى/ شباط 2022/ نساء كاكائيات في قرية المجيدية يستعدن لزراعة الخيار والبطاطس في البيوت البلاستيكية   تصوير: خاص بـ(كركوك ناو)

شاركت مروة حتى الآن في ست دورات تدريبية، كانت جميعها خاصة بالبيوت البلاستيكية وبعد كل دورة تعود الى قريتها لتطلع فريقها النسوي على تفاصيلها.

مروة هي البنت الصغرى لعائلتها، لديها شقيقتان أكبر منها الى جانب خمسة أشقاء، تزوجت مروة مؤخراً لكنها لم تصبح أماً بعد، لذا فهي تخصص جلّ وقتها للزراعة.

"اضطررت لترك الدراسة في الصف الثاني المتوسط لأنه كان يجب علي الذهاب الى قرية أخرى لإكمال المرحلتين المتوسطة والاعدادية، قطع سبعة كيلومترات مشياً كل يوم للوصول الى المدرسة أمر صعب ومرهق جداً، الأولاد كانوا يستطيعون صعود المركبات التي تمر بذلك الطريق لكن ذلك صعب بالنسبة للفتيات، فهن لا يجرؤن على الصعود في مركبة مع أناس غرباء."

تقول مروة، "كنت أتمنى أن أكمل دراستي واصبح ضابطة في الجيش، أرغب في أن اصبح ضابطة."

بعد تركها الدراسة، أصبحت ولا زالت مروة الكاكائية مزارعة، مثل غيرها من أهالي قرية المجيدية، تستيقظ منذ الساعة الرابعة صباحاً وتباشر بالعمل أثناء موسم الزرع، بالأخص سقي الباميا، قسم قليل من سكان القرية يُعنون بتربية المواشي، فهم يستفيدون منها فقط لتأمين احتياجات القرية اليومية من مشتقات الحليب.

"سنبدأ هذا الشهر (شباط 2022) مشروع البيوت البلاستيكية بزراعة الخيار والبطاطس."

هدفي هو خدمة الناس وإنجاح المشروع، بعدها سأفكر في تحقيق أحلامي الأخرى

منظمة النجدة الشعبية (PAO) وزعت 20 بيتاً بلاستيكياً على نساء قرية المجيدية، حيث تعمل كل ثلاث نساء في بيت بلاستيكي. يبلغ طول كل بيت بلاستيكي 55 متراً وعرضه 12 متراً، وتبلغ مساحة كل بيت 660 متر مربع، أنشأت البيوت البلاستيكية على أرض تزيد مساحتها عن خمسة دونمات.

تقول مروة بأن عدة منظمات أخرى تقدم المعونة للأهالي في المجيدية وقرى أخرى في سهل نينوى في شتى المجالات.

في سهل نينوى، يتواجد الكاكائيون بكثافة في قرقوش، مركز قضاء الحمدانية وقرى المجيدية، زنكل، توله بند، وردك، كزكان وكبرلي.

فريق مروة النسوي يخطط للتوسع، فبعد نجاح مشرعهم الأول سيسعون لضم نساء وفتيات أخريات وتوفير بيوت بلاستيكية لهن، وتقول مروة بأن عدد المزارعات في القرية يتجاوز 150 امرأة وفتاة، ويطمحون لنقل هذه التجربة الى قرى أخرى.

"هدفي هو خدمة الناس وإنجاح المشروع، بعدها سأفكر في تحقيق أحلامي الأخرى وإكمال دراستي"، تقول مروة الكاكائية.

 

فرمان صادق

أكثر

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT