عندما اتمكن من معالجة مشاكل النازحين في احد الايام، سيكون ذلك اليوم اجمل ايام حياتي
عندما اتمكن من معالجة مشاكل النازحين في احد الايام، سيكون ذلك اليوم اجمل ايام حياتي
هذه هي الحقيقة، عمل النساء اصعب بكثير مقارنة بالرجال، في اليوم الذي استلمت فيه كلارا منصب مدير احدى مخيمات النزوح في زاخو بمحافظة دهوك، كان الثلج يغطي المنطقة باكملها، والبرد القارس جعل حياة النازحين من الاطفال والنساء والرجال، اصعب، وكان ذلك بداية لاحداث تغيير جذري في حياة الساكنين بالمخيم.
كلار، واجهت قبل اربعة اعوام مهمة صعبة، بعد اختيارها مديرا لمخيم داودي للنازحين، كانت متخوفة انذاك من ان تفشل في عملها، لكنها وعلى الرغم من ضغوطات، كانت ملزمة بالتعامل مع نازحين من اديان وقوميات مختلفة مجتمعين في مخيم واحد.
العمل المستمر وعدم التفرقة كانا سر نجاح (كلارا ايليا غورغيل) في مهامها، وهي مسيحية من اهالي قضاء العمادية بمحافظة دهوك، استلمت مهامها كمديرة المخيم في شهر كانون الثاني عام 2015، واجهت المصاعب والتحديات في بداية عملها، اهمها قلة الخبرة في مجال العمل مع النازحين، الا انها اصبحت من المتميزات في ادارة مخيمات النازحين فيما بعد.
كلارا ذات الـ (32 عاما) كانت تعمل كموظفة في ناحية بامرني بصفة عقد، ومع توجه الاف النازحين الفارين من قبضة داعش باتجاه دهوك في منتصف عام 2014، طالب مدير الناحية من كلارا بالعمل في المخيمات وخدمة النازحين، الا انها اصبحت مديرة للمخيم الذي كانت تعمل فيه، فيما بعد.
"عملت لمدة ثلاثة اشهر تحت مراقبة المسؤولين في المخيم، وبعدها شاركت في دورة لمدة خمسة ايام حول النازحين وادارة المخيم، وبعد الدورة تم تعيني مديرة للمخيم من قبل محافظ دهوك"، هذا ما قالته كلارا، وكانت ذلك تجربة جديدة بالنسبة لها لاظهار قدارتها في ادارة المخيم، حيث أوضحت بأنها لم تفكر يوما بأن تعمل في هذا المجال.
التحدي الاول، والخطوة الاولى باتجاه النجاح
مع مباشرتها مهام مدير المخيم، شهدت المنطقة تساقط ثلوج كثيفة وموجة برد قارسة، وطالب النازحين كلارا تقديم المساعدة لهم لمواجهة موجة البرد هذه.
"لم اكن اعلم ما الذي افعل انذاك، كان البرد قارسا للغاية، وكان النازحون بأمس الحاجة للنفط الابيض والمدافئ، وكنا نعاني من مشكلة المياه والكهرباء ايضا"، هذا كان اول تحدي تواجه هذه السيدة المسيحية في بداية عملها كمديرة لمخيم النازحين.
كان عمل المنظمات داخل المخيم بصورة عشوائية، ويعتبر ذلك تحديا اخر بالنسبة لكلارا، لان من واجبها تأمين احتياجات النازحين والاشراف على عمل المنظمات لتقديم افضل الخدمات لهم.
"في الاشهر الثلاثة الاولى لم استطع النوم، كنت افكر باستمرار واقول لنفسي ماذا علي ان افعل؟ الى اين اذهب كي اتمكن من استحصال الدعم للنازحين وتغيير حياتهم نحو الافضل؟".
في الاشهر الثلاثة الاولى لم استطع النوم، كنت افكر باستمرار واقول لنفسي ماذا علي ان افعل
في عام 2010، انهت كلارا قسم الادارة في كلية الادارة والاقتصاد بجامعة دهوك، وهي ام لطفلين، وهي من اهالي قرية داودية والتي يقع فيها المخيم.
على الرغم من المشاكل التي تواجه النازحين، كانت كلارا تواجه مشاكل اخرى وهي التعامل مع النازحين من ديانات وقوميات مختلفة من بينهم، المسيحيين، الايزيديين، العرب السنة، وتقول لم يكن ذلك سهلا من البداية، "الا انني تعاملت معهم على اساس المواطنة، لم افرق بينهم ولو لمرة واحدة، خدمت الجميع دون استثناء، الى ان بدأت اشعر بأن الوضع في المخيم بدأ بالتحسن شيئا فشيء".
في بداية فترة النزوح، كانت ثلاثة الاف اسرة تعيش في مخيم داودي، اغلبهم من الايزيديين، مع 100 اسرة مسيحية وعشرات الاسر من المسلمين السنة.
وأضافت كلارا "كنت ارى بأن جميع النازحين يواجهون نفس المصير، لذا كنت اشارك في المناسبات والاعياد الخاصة بهم جميعا، واجمعهم مع بعض ونأكل معا.. على الرغم من كوني كنت اخدمهم كنازحين، الا انني عملت على زرع بذور التعايش بينهم، وعندما شعروا بأنني لا افرق بين الايزيدي والمسيحي والملسمين، بدأ حبهم يزداد شيئا فشيء.
مشاكل جديدة تواجه كلارا
بعد عودة اغلب النازحين الى مناطقهم الاصلية، بدأت المنظمات الدولية والداخلية بتقليل مساعداتها التي كانت تقدم للنازحين، وكما الحال بالنسبة للمساعدات المالية التي كانت تبلغ 20 الف دينار عراقي شهريا، تقليل المبلغ الى 17 الف دينار كل اربعون يوما.
وأضافت كلارا ان "المنظمات بدأت بتوزيع نسبة اقل من المواد الغذائية مقارنة بالسابق، كما وتهالكت الكابينات التي يسكن فيها النازحون وباتت غير صالحة للسكن".
من مجموع 900 كابينة موجودة في المخيم، على الاقل 600 منها غير صالح للاستعمال، وتقول كلارا ان المنظمات والحكومة غير مستعدة لمعالجة تلك المشكلة، الا ان كلارا مستمرة من محاولاتها لاعمار الكابينات.
كلارا لديها رؤية
تؤكد كلارا بان لديها برامج خاصة بها لادارة المخيم، وتتجول يوميا لمدة ساعة واحدة داخل المخيم للاستماع لمطالب وملاحظات النازحين لايصالها الى الجهات المعنية.
تراقب كلارا باستمرار عمل المنظمات وكيفية توزيع مساعداتهم على النازحين.
وواجهت كلارا مشكلة في احد الايام عندما حاولت منظمة مسيحية توزيع المساعدات على النازحين المسيحيين فقط. وقالت : "لم اقبل بتوزيع المساعدات بهذا الشكل وقلت لهم، لا يجوز الفرق بين النازحين ويجب توزيع المساعدات على الجميع دون استثناء، وتوفقت بذلك ايضا في نهاية المطاف".
وتابعت كلارا "عندما اتمكن من معالجة مشاكل النازحين في احد الايام، سيكون ذلك اليوم اجمل ايام حياتي"
عمار عزيز - كركوك ناو