قدمت طبيبة المدرسة لي الاقلام والكتب وباقي مستلزمات الدراسة
قدمت طبيبة المدرسة لي الاقلام والكتب وباقي مستلزمات الدراسة
طفلة من القومية العربية، سمراء اللون وخجولة، دخلت الى احدى المدارس الكوردية بمبلاس قديمة ووقفت امام مدير المدرسة، وقالت "ارغب بالدراسة. ارجوا ان تقبلوني كطالبة... تركنا والدي وقُتل جدي".
نبأ كمال ذات الـ 12 عاما، هكذا كسرت حاجز الخجل ودخلت في الصباح الباكر لاحد الايام بعدما بدأت العام الدراسي الجديد الى المدرسة ورفضت الاستسلام واصرت على ان تكافح من اجل الوصول الى هدفها.
ذهبت نبأ الى المدرسة لوحدها بعدما رفضت كل من والدتها وجدتها تلبية طلبها بتسجيلها في مدرسة الشيخ لنكري الابتدائية.
نزحت عائلة نبأ عام 2014 من احدى القرى التابعة لناحية المقدادية بمحافظة ديالى واستقرت بقضاء كلار التابع لإدارة كرميان، بعدما قتلت الجماعات المسلحة جدها في وقت متأخر من الليل وكادوا ان يقتلوا والدها في تلك الليلة ايضا.
لم تبلغ نبأ آنذاك السادسة من عمرها، لتسجل في المدرسة كطالبة في الصف الاول الابتدائي.
استقرت عائلة نبأ في البداية بقضاء كلار، الا انها لم تتمكن من تحمل تكاليف الايجار الباهظة، وقررت الذهاب الى قرية الشيخ لنكري التابعة لقضاء كلار والتي تسكنها الكورد فقط.
وقالت نبأ "كنت ابكي بحرقة امام انظار والدتي وجدتي، ليأخذوني الى المدرسة، الا انهما رفضتا طلبي، وفي كل مرة كانوا يقولون انتِ كبرتِ وأصبح عمركِ 12 عاما ولا نستطيع شراء الكتب والدفاتر وباقي مستلزمات الدراسة لكِ".
سركوت عبد الوهاب، مدير مدرسة الشيخ لنكري قال لـ (كركوك ناو) "بداية العام الدراسي الحالي، وعندما كنت أقف بين طلاب المدرسة، شاهدت طفلة وبملابس منزلية قديمة تتم دفعها من قبل عدد من الطالبات بهدف احضارها امامي".
كنت ابكي بحرقة امام انظار والدتي وجدتي، ليأخذوني الى المدرسة
كانت تلك الطفلة، نبأ كمال التي بعدما يأست من ان تنفذ والدتها وجدتها طلبها، قررت ان تذهب لوحدها الى المدرسة والاستفسار ما ان كانت يسمح لها بان تسجل في المدرسة ام لا.
وتابع سركوت "عندما اقتربت مني قالت الطفلة: استاذ هل تقبلي ان اكون طالبة في مدرستك... وتابعت بصوت مليء بالتردد والخوف انا نازحة ومن القومية العربية".
اعتذر الاستاذ سركوت في بادئ الامر من نبأ، لان اللغة الرسمية في مدرسته هي اللغة الكوردية، كما وكانت نبأ كبيرة بالعمر مقارنة بمثيلاتها في الصف الاول، الا ان نبأ كانت تتقن اللغة الكوردية بطلاقة ولديها شغف كبير للدراسة، مما اثار دهشة الاستاذ سركوت.
"بدأت نبأ تتحدث لي عن حياتها والمشاكل التي واجهت عائلتها... تحدثت عن الليلة التي قُتل فيها جدها وترك والدها العائلة قبل خمسة اعوام ولم يرجع اليهم"، تأثر الاستاذ سركوت بالمعاناة التي تحدثت عنها وتعلمها اللغة الكوردية بطلاقة جعله يراجع قراره مرة اخرى.
"اخبرتها بأن ترجع الى المنزل وتصطحب في اليوم التالي هويتها وهوية والدتها الى المدرسة، فرحت نبأ كثيرا وغادرت المدرسة وهي تبتسم عائدة الى المنزل".
وفي اليوم التالي، بدأت نبأ الدراسة رسميا، وقدم معلمي مدرستها وعدد من اهالي القرية مساعدات مالية ومستلزمات الدراسية لها.
عندما وافق الاستاذ سركوت على تسجيلي كطالبة في مدرسته، شعرت بفرحة لا توصف
"عندما وافق الاستاذ سركوت على تسجيلي كطالبة في مدرسته، شعرت بفرحة لا توصف، وقدمت طبيبة المدرسة لي الاقلام والكتب، انا سعيدة جدا في هذه المدرسة" نبأ قالت ذلك.
حياة الطفلة نبأ عبارة عن قصة مليئة بالماسي والمعاناة ولا تزال تعاني على إثرها، النزوح، وفقدان جدها وعدم عودة والدها فيما بعد.
وبحسب اقوال نبأ واهالي القرية التي تسكن فيها، تزوج والدها بامرأة اخرى ويعيش في الوقت الحالي بمحافظة بغداد ولم يرجع لزيارة عائلته الاولى منذ خمسة اعوام.
نبأ هي الطالبة الوحيدة بين عائلاتها، لان باقي اخوانها واخواتها لم يسجلوا في المدارس.
"اتذكر الليلة التي قتل فيها جدي، اقتحم عدد من المسلحين المقدادية وبدأوا بإطلاق النار، ومن ثم طلب والدي منا ترك المقدادية، كنت اشعر بخوف كبير وابكي باستمرار، ولا ازال اخاف من تلك الليلة"، هكذا تحدثت نبأ عن بداية نزوحهم من ديارهم.
ليلى أحمد - خانقين