توفي رجل يبلغ من العمر 41 عاما إثر حادث سير وقع على الطريق البري الدولي الرابط بين العاصمة بغداد ومدينة الموصل.
بعد ثلاث سنوات على استعادة مدينة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش") ما يزال السفر من وإلى المدينة التي تبعد 465 كيلومترا إلى الشمال من بغداد محفوفا بالمخاطر، وبالنسبة لسائق غير خبير، قد يعني التنقل بين المدينتين الموت.
"الحفر في الطريق البري الدولي الرابط بين الموصل- بغداد مميتة بالفعل وتسببت بحوادث في كثير من الأحيان خطرة كما حدث أمس 25 كانون الثاني 2020 عندما سقطت عجلة حمل مدنية في حفرة بقرية محمد الموسى عند وقوف مفاجئ لصهريج محمل بمنتج النفط ما أدى الى وفاة احد ركابها" يقول ذلك قاسم علي سائق عجلة (دوج جارجر).
يوضح قاسم علي في حديث الى (كركوك ناو)، منذ 15 سنة وانا اعمل سائق لنقل الركاب بين مدينتي الموصل- بغداد وقد شاهدت مئات الحوادث، الا ان الآونة الأخيرة قد ازدادت والسبب ان الطريق البري الرابط بين المدينتين قد تضرر بشكل تام جراء الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ولغاية اليوم لم يجرِ اصلاح الاضرار التي لحقت به وهذا يؤدي الى حوادث قاتلة.
تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش") منذ بداية 2016، أقدم على اتخاذ مجموعة أساليب وخطوات لإعاقة تقدم القوات العسكرية البرية العراقية صوب مدينة الموصل لتحريرها، كان من بينها تخريب الطريق الدولي بين الموصل وبغداد، فضلا عن حفر خنادق ومواضع لمسلحيه استعداداً لمعركة الموصل حينها.
"اعمل مندوب لإيصال منتجات مختلفة من الشركة التي مقرها ببغداد الى زبائنها على الانترنت في مدينة الموصل، وعندما اقترب من المحور الجنوبي للموصل أصاب بالخوف وابدأ بسياقة العجلة على نحو بطيء جدا خوفا من ارتكاب حادث سير مروري يودي بحياتي او حياة أي شخص اخر" يقول ذلك يزن عبد الله.
يوضح زين عبد الله في حديث صحافي الى (كركوك ناو)، ان الطريق البري وتحديد من ناحية القيارة جنوب الموصل تنتشر عليه أكثر من 400 حفرة وشق وعلى مسافات عدة كيلومترات، مما يجعل مهمة السير مستحيلة فبعض الحفر يبلغ عمقها أكثر من متر وان دخول السيارة بها وعلى نحو مسرع قد يؤدي الى الوفاة.
الموصل والنواحي والقرى التابعة لها ومنذ حوالي تسعينات القرن الماضي لم تشهد أي تحديث أساسي للتصميم، اذ غادرها التخطيط العمراني منذ أكثر من 28 سنة ولم تدخل أي دراسة استشارية لتحديث استخدامات الأرض الى يومنا هذا حسب مختصون، اما المعارك التي شهدتها منذ 2014 ولغاية 2017 فقد أدت الى تضرر الشوارع والطرقات بنسبة تصل الى 90% حسب إحصائية رسمة صادرة عن مديرية بلدية الموصل.
محافظ نينوى نجم الجبوري أكد توجيه المقاولين للمشاريع الخدمية ودائرة المجاري والدوائر الخدمية الاخرى بوضع العلامات الارشادية والدلالات المرورية وبالسرعة الممكن في مواقع التي بها حفريات للتقليل من نسب الحوادث، وان هذا التوجيه يشمل الشوارع داخل الموصل وخارجها.
وقال الجبوري في حديث صحافي الى (كركوك ناو) ان" اعمار الطريق البري الرابط بين الموصل- بغداد من ضمن المشاريع الاستراتيجية الهامة التي سوف تنفذ في قادم الأيام من خلال شركات رصينة، مشهود لها بالكفاءة والخبرة في هذا المجال".
أهالي الموصل شكو وقوع أكثر من حادث قرب مواقع اعمال الحفريات لعدد من مشاريع المحافظة، وعزوا الأسباب الى عدم وضع العلامات التحذيرية ووفق تعليمات السلامة للمشاريع من قبل المقاولين ودائرة مجاري نينوى خلال قيامهم بأعمال الحفريات.
المواطن دريد الركابي 53 عاما يقول ان الذين يصلون بسلامة الى الأماكن التي يقصدونها بعد اجتيازهم طريق الموصل- بغداد عليهم صلاة الشكر، في إشارة الى خطورة الطريق.
يضيف في حديث مع (كركوك ناو)، اضطررت الى التوجه نحو العاصمة بغداد لإنجاز معاملة التقاعد وخلال رحلة الذهاب التي كانت بعجلة نوع (GMC) اضطر السائق الخروج عن الشارع الرئيس الى الطريق الترابي مرات عدة، ثم اضطر مرات أخرى السير في الاتجاه المعاكس لتجنب الحفر والتخسفات، وهذا ما جعل الخوف يدب في نفوس جميع الركاب خشية وقوع حادث.
المواطن دريد الركابي يكمل حديثه بان رحلة الإياب كانت خطرة أيضا وقد شاهد حادث مروري وقع بين عجلتين قرب مفرق القيارة 40 كيلو متر جنوب الموصل بعد محاولة تجنب الدخول في حفرة، وان المعلومات التي تعرف عليه من السائق بعد ان أجرى اتصالات عدة ان هناك مصابون حالتهم خطرة للغاية.
مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش") كانوا قد عملوا بواسطة جرافات كبيرة خنادق عميقة وعريضة على طريق الموصل- بغداد كي لا تتمكن الآليات والدبابات والمدرعات العراقية من اجتيازها وقد أدى قصف الطائرات لبعض آليات التنظيم اثناء إجراء الحفريات الى وقوع تخسفات عميقة جدا.
"مساحة الأجزاء المتضررة من الطريق البري الرابط بين الموصل- بغداد تبلغ نحو 45 ألف متر مربع وان هذه الاضرار تمتد من نهاية الحدود الإدارية لبلدية الموصل الى قرية الروضانيات المتاخمة الى لحدود محافظة صلاح الدين" يقول ذلك مروان عبد الرزاق احمد مسؤول اعلام الطرق والجسور.
ويوضح في حديث صحافي الى (كركوك ناو) ان الحكومة المركزية هي من تتحمل أسباب تأخر اعمار الطريق الذي خصص تمويله من القرض الألماني لإعادة إعمار المناطق المحررة، ونتيجة لتأخر اطلاق القرض فان العمل لم يبدأ به لغاية اليوم.
وأشار الى ان إطلاق موال القرض الألماني سيمنح الفرصة لإصلاح الأضرار وإعادة إكساء الطريق لمسافة 90 كيلومتراً"
وتشير إحصائيات قديمة في العراق إلى أن 75 ألف شخص فقدوا حياتهم في حوادث مرورية بين الأعوام 1976 و2005.
وبعد2005 اختفت الإحصائيات غير أن تقديرات دولية تشير إلى أن 32 شخصا من بين كل 100 ألف شخص يموتون في حوادث سير في العراق وهي أعلى نسبة في الدول العربية.
وتذكر إحصاءات دولية ايضا أن حوادث السير تقتل مليون وربع المليون شخص سنويا في العالم ويتوقع معنيون ارتفاع هذا العدد ثلاث مرات بحلول عام 2030 ليصل إلى 3 ملايين و600 ألف شخص.
وفي الدول النامية تعتبر حوادث السير خامس سبب للوفاة وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
النقيب عبد الحميد احمد في مديرية مرور نينوى يؤكد ان عدم توفر الإنارة إضافة إلى عدم التزام سائقي الشاحنات بقواعد المرور على الطرق الخارجية من اهم أسباب وقوع الحوادث المرورية المميتة.
إنارة الطرق الخارجية من توصيات المجلس الأعلى للسلامة المرورية لضمان سلامة السائقين والركاب، وتدخل ضمن اختصاص وزارة الكهرباء.
وأضاف في حديث الى (كركوك ناو) ان تعبيد الطرق وإصلاحها وتطبيق قوانين المرور والقضاء على طرق الممر الواحد أو طرق الموت هي الوسائل الكفيلة بالتقليل من حوادث المرور.
الولايات المتحدة تعد رائدة في مجال سلامة الطرق الخارجية وفرض شروط الأمان في الشوارع وفي السيارات ولوحظ انخفاض في عدد الخسائر البشرية فيها منذ سبعينات القرن الماضي، ومع ذلك يموت 12 شخصا من بين كل 100 ألف شخص هناك بسبب حوادث مرورية.
أما اقل عدد من حوادث المرور فمسجل في السويد حيث يموت 3 فقط من بين كل 100 ألف شخص كل عام.