أهالي سنجار يَدعُون أن لا يصل فيروس كورونا الى القضاء، لأنهم في تلك الحالة سيضطرون لمقارعة الوباء لوحدهم، وذلك في حين يلجأ اهالي القضاء الى مناطق العراق الأخرى لتلقي العلاج حتى قبل أن يصلهم الفيروس.
قضاء سنجار، الذي يعتبر الموطن التأريخي للمُكَوّن الايزيدي يعاني من تردي القطاع الصحي والدمار الذي خلفته الحرب ضد تنظيم الدولة (داعش)، لذا فاِنَّ كورونا س قد تضع سنجار في مواجهة تَحدٍ كبير. الامكانيات الصحية في القضاء محدودة ولم يُوَفَّر لهم العون اللازم لتمكينهم من التغلب على الوباء.
ايزيديو سنجار يَرَون أنهم لوحدهم في مواجهة هذه المحنة، حيث أنهم لم يتلقوا المساعدة اللازمة من حكومة نينوى والحكومة الفدرالية، وفي نفس الوقت امكانياتهم ليست على المستوى المطلوب في المجال الصحي.
"لقد رأَفَ الله بأهالي سنجار، حيث لم تُسَجَّل فيها للآن أية حالة اصابة بفيروس كورونا"، يقول خشفي نادر (34 سنة)، الذي يعتقد بأنهم لم يكونوا بِقادرين على السيطرة على الوضع في حال ظهور اصابات بالفيروس.
رأَفَ الله بأهالي سنجار، حيث لم تُسَجَّل فيها للآن أية حالة اصابة بفيروس كورونا
خشفي يسكن في وسط سنجار، مع بدء اجراءات الوقاية من فيروس كورونا أراد خشفي أن يشتري قفازات طبية، كمامات ومواد معقمة، غير أن اسعارها ارتفعت بشكل مفاجئ وشَحَّت في الأسواق، "الأسعار مرتفعة جداً ولم تقم اية منظمة أو جهة معنية بتقديم العون للقضاء."
يضيف خشفي بأن كل ما يستطيعون فعله هو البقاء في البيت لتفادي الاصابة بالفيروس، لأنهم على الأغلب لن يقدروا على مقارعة هذا الوباء بالإمكانيات الضعيفة التي لديهم.
فيروس كورونا وصل الى العراق في شباط 2020، ومنذ ذلك الحين دأبَت الادارات المحلية والحكومة الفدرالية على تأمين المساعدات للمناطق المختلفة، لكن سنجار كان نصيبها الحد الأدنى من تلك المساعدات.
حتى ما قبل ثلاثة أشهر، كان قضاء سنجار يفتقر وجود طبيب مختص بالأمراض النسائية والتوليد، مستشفى سنجار العام لم يتم اعادة تأهيله، ويتواجد ثلاثة أطباء عامّين وسيارة اسعاف وحيدة في عموم القضاء، وذلك في حين يسكن قرابة 30 ألف شخص في القضاء.
سعيد قاسم، من سكنة قضاء سنجار، قال ل(كركوك ناو) "نضطر للذهاب الى مدن اقليم كوردستان لأبسط الحالات المرضية، أخذت ابنتي الى دهوك مرتين لتلقي العلاج، وكلفتني كل زيارة 500 ألف دينار."
قلة الخدمات الصحية، أرغمت أهالي سنجار على التوجه الى المناطق الأخرى في نينوى أو محافظات العراق واقليم كوردستان.
يقول شهاب صباح، نائب مدير مستشفى سنجار العام " أعددنا مكاناً خاصاً لاستقبال المصابين بفيروس كورونا، لكننا لا نستطيع معالجتهم، بل سننقلهم الى مستشفى خاص بمصابي كورونا في الموصل."
"نمتلك جهازين فقط للتنفس الاصطناعي، ولا يوجد أطباء مختصون بأمراض القلب والجهاز التنفسي في القضاء". ويشير شهاب الى أنهم سعيدون بالالتزام الكبير للمواطنين بالإرشادات الصحية التي من شأنها منع وصول الفيروس الى القضاء.
نمتلك جهازين فقط للتنفس الاصطناعي، ولا يوجد أطباء مختصون بأمراض القلب والجهاز التنفسي في القضاء
يقطن سنجار أغلبية ايزيدية، هذا المُكَوّن تعرض في عام 2014 للإبادة الجماعية، فيما خُطِفَ اكثر من ستة آلاف ايزيدي، بينهم نساء واطفال، مصير قرابة نصفهم ما زال مجهولاً.
سنجار، 120 كيلومتر الى الغرب من مدينة الموصل، تتبع محافظة نينوى ادارياُ، الا انها من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان.
"الحمد لله لم تُسَجّل اية حالة اصابة بفيروس كورونا في حدود القضاء، ويعود ذلك الى التزام الناس والدور الذي تلعبه خلية الأزمة في القضاء" هذا ما قاله جميل حمو، أحد سكان سنجار.
يقول جميل بأن الأوضاع صعبة، مستلزمات الوقاية شحيحة وغالية، لم يستطع الحصول على كمامات في أي من الصيدليات الموجودة في القضاء، كل ما يتوفر هي القفازات الطبية والتي ارتفع سعرها من ألفي دينار الى أكثر من خمسة آلاف دينار.
مستشفى سنجار وأغلب المراكز الصحية الأخرى تعرضت للدمار أثناء سيطرة تنظيم داعش ابتداءاً من آب 2014 وحتى نهاية عام 2015.
لا يزال معظم ايزيديي سنجار ونينوى نازحين، وحالَت قلة الخدمات الأساسية دون تمكنهم من العودة الى مناطقهم الأصلية، ويشكل الايزيديون نسبة 30% من مجموع 787 ألف نازح في اقليم كوردستان، حسب احصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات في حكومة اقليم كوردستان.
خوديدا جوكي، مدير ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار لم يُخفِ وجود مشاكل كثيرة في المجال الصحي والوقائي، منها نقص القفازات الطبية، الكمامات والأطباء المختصين، حيث قال "اذا أُصيب شخص ما بفيروس كورونا، سنضطر الى نقله الى نينوى لأننا لا نمتلك مستشفى خاص لعلاج المصابين."
خوديدا مستاء من الاهمال الذي تتعرض له سنجار ويقول بأن مديرية صحة نينوى لا تقدم لهم العون، وأن كل ما تستطيع ادارة الناحية القيام به هورش المواد المعقمة في الأماكن العامة وتشجيع الناس على وقاية أنفسهم.
سُجلًت ستة حالات اصابة بالفيروس في نينوى ولم تكن ضمنهم اصابات في سنجار، وقد تماثل خمسة منهم حتى الآن للشفاء.
محافظة نينوى كانت تضم ستة مراكز صحية خاصة و16 مستشفىً بطاقة استيعابية اجمالية تصل الى 4600 سرير، الا أن عددها تقلص بعد الحرب الى 1700 سرير في حين يبلغ تعداد المحافظة أكثر من ثلاثة ملايين و700 ألف شخص، وذلك وفقاً لاحصائيات مديرية صحة نينوى.
خلال اليام القليلة الماضية، زار مسؤولون من ادارة نينوى، بينهم محافظ نينوى قضاء سنجار وتعهدوا بتأمين بعض المستلزمات الطبية للقضاء، بحسب بيان من ادارة نينوى.
وفي اشارة لحساسية الوضع الصحي في سنجار، دعت وزارة الصحة العراقية في بيان الى الاسراع في بناء مستشفى بسعة 100 سرير في القضاء، حجر الأساس للمشروع وُضِعَ قبل عدة أشهر بمبادرة من السفارة الفرنسية في بغداد.