في خطوةٍ استبشر بها المواطنون التركمان في قضاء تلعفر غرب الموصل، زارت بعثة تنقيب إيطالية القضاء -وهي أول بعثة تنقيب تصل تلعفر منذ أربعة عقود- وأطلعت على واقع القلعة الأثرية المدمرة وباقي المواقع الأخرى، بعد سلسة مناشدات ودعوات بهدف إعادة بناء القلعة التي دمرها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) حين استيلائه للمنطقة.
ووقعت تلعفر تحت سيطرة تنظيم داعش في حزيران 2014، واضطر أغلب سكانها إلى النزوح عنها، إلى محافظات الوسط والجنوب وإقليم كوردستان وكركوك وتركيا، قبل أن يعاود نحو 60% منهم العودة إليها مجدداً بعد استعادتها من التنظيم في أب 2017.
يقول نيكولا ماركتي، بروفيسور الآثار الشرقية في جامعة بولونا الإيطالية "نحن الفريق الإيطالي -العراقي، نعمل منذ فترة في المدينة القديمة بأيمن الموصل، ونحن هنا اليوم للاطلاع على المواقع الأثرية في قضاء تلعفر الذي يعد من اغنى مدن العراق بالآثار، كالقلعة الاثرية وصوبان وقره تبه وتل طايا وابي ماريا وغيرها المئات من المواقع".
ويضيف ماركتي في حديثه لـ(كركوك ناو) ان "قلعة تلعفر من المواقع الأثرية الجميلة التي دمرها تنظيم داعش، ولم نكن نتوقع أن الأضرار التي لحقت بالقلعة على هذا المستوى الكبير".
ووعدَ محافظ نينوى نجم الجبوري خلاله حضوره احتفالية في تلعفر، في 2 شباط 2022، بالعمل على إدراج اعادة اعمار قلعة تلعفر ضمن خطة 2022.
بحسب المصادر التاريخية، فإن قلعة تلعفر الأثرية بُنيت في العهد الاشوري وعُرفت المدينة حينها بـ (نمت عشتار) وتعني (مزرعة الآلهة عشتار) أو (جنة الآلهة عشتار)، فيما جدد الرومان بناية القلعة وحكموا أسوارها.
وكشف أمين عمر، مدير آثار تلعفر أن "مدينة تلعفر تضم نحو 300 موقعاً أثرياً تعود إلى عصور مختلفة سحيقة في القدم، من أبرزها قلعة تلعفر التي لحقت بها أضرار جسيمة تصل نسبتها إلى 100% فقد أزال التنظيم القلعة بكاملها وباتت مجرد تلة خالية من كل التفاصيل التاريخية كالأسوار والممرات والأبراج وغيرها".
أملنا باليونسكو والمنظمات الدولية المعنية الأخرى بالالتفات إلى هذه القلعة التاريخية والسعي لإعادة اعمارها باعتبارها ارثاً انسانياً تمثل واحدة من أهم الرمز الحضارية في العراق
وطالبَ عمر عبر (كركوك ناو)، الحكومة المركزية والمنظمات الدولية بـ"حماية آثار القلعة وتخصيص لجان هندسية وفنية لزيارتها من أجل تقدير التكلفة اللازمة لإعادة بناء القلعة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الآثار المتبقية فيها".
وتابع قائلاً "أملنا باليونسكو والمنظمات الدولية المعنية الأخرى بالالتفات إلى هذه القلعة التاريخية والسعي لإعادة اعمارها باعتبارها ارثاً انسانياً تمثل واحدة من أهم الرمز الحضارية في العراق إلى جانب كونها رمزاً لوحدة وتماسك التركمان في تلعفر".
وتعرضت القلعة للهدم والتفجير بشكل واسع على يد عناصر داعش بواسطة المتفجرات عندما سيطروا على قضاء تلعفر منتصف 2014. وشملت عمليات التهديم والتفجير اسوار القلعة الاثرية وبواباتها، بالإضافة إلى الابنية الحكومية التي كانت تقع داخلها بصورة كلية نهاية عام 2014.
من جانبها تشير كلوديا سافي منقبة آثار في الوفد الإيطالي قائلة "نحن هنا لزيارة مدينة تلعفر الأثرية وعلى قلعتها التاريخية التي فجّرها تنظيم داعش عام 2014، القلعة موقع تاريخي مهم يستحق الاهتمام وإعادة البناء".
بدوره أوضح عمر سالم، منقب في مفتشية آثار وتراث نينوى قائلاً "حضرنا اليوم مع البعثة الإيطالية العاملة في المواقع الاثرية في محافظة نينوى إلى قلعة تلعفر، وهذه اول بعثة تنقيبية تصل القلعة منذ أربعة عقود".
بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين، كانت القلعة تضم مقر البلدية والشرطة المحلية. واستخدمت القلعة نفسها كقاعدة عسكرية للقوات الأميركية في معركة تلعفر في 2005.
"رغم تأخر وصول هذه البعثة إلى تلعفر، الا أننا متفائلون أنها الخطوة الأولى في إعادة اعمار قلعتنا الجميلة لتعود كما كانت رمزاً تجمعنا على اختلاف عقائدنا ومذاهبنا، ونتمنى أن نرى ذلك اليوم قريباً وتقرّ أعيننا بجمال قلعتنا" تقول أميرة عادل، مواطنة تركمانية من تلعفر.