أحدث قرار بهدم عدد من المنازل المبنية على أراض متجاوز عليها شرخاً بين اثنين من أقوى الأحزاب العربية والتركمانية في كركوك، وسط تبادل تهم بالتورط بـ "الفساد، التغيير الديموغرافي واستغلال المناصب لأعمال غير مشروعة".
المجلس العربي الذي يترأسه محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد هاجم قائممقام كركوك وهو من المكون التركماني واتهمه بـ"استهداف" المواطنين العرب. هذا الاتهام أثار حفيظة أقوى الأحزاب التركمانية في كركوك ووصفوها بمحاولة لصنع العراقيل أمام أعمال القائممقام.
بدأت هذه المشكلة بعد أن بدأ فلاح يايجلي، قائممقام كركوك وكالةً في 16 آب بهدم عدد من المنازل التي بنيت على أراض متجاوز عليها في حي كوباني بعض المنازل القريبة من مطار كركوك، والتي تقطنها عوائل عربية.
وجاءت هذه الخطوة، حسب المعلومات التي حصل عليها (كركوك ناو)، بعد أن وجهت الحكومة الاتحادية تبليغاً نهائياً الى إدارة كركوك بضرورة تشديد الحزام الأمني حول المطار، ما أجبر القائممقام على اتخاذ جملة من الإجراءات، بينها إزالة التجاوزات في حي كوباني جنوبي مدينة كركوك، وذلك تمهيداً لافتتاح المطار الذي تجري إعادة تأهيله منذ أكثر من أربع سنوات ورغم اكتمال المشروع لم يُفتتح المطار حتى الآن.
المجلس العربي وضح في مؤتمر صحفي عقد في 20 آب أن فلاح يايجلي، قائممقام كركوك وكالةً، يستغل منصبه من أجل "مكاسب غير شرعية" واتهموه بقيامه "بحملة جائرة بدافع قومي وعنصري وبصورة انتقائية بهدم عدد من الدور السكنية للعرب بدون سابق إنذار".
فيديو: المؤتمر الصحفي للمجلس العربي في كركوك
المتحدث باسم المجلس العربي، عزام الحمداني، تلا في بيان المجلس، "فلاح يايجلي ترك التجاوزات في مركز المدينة والتي شيدت على أهم الأراضي المخصصة للخدمات كما أنه تغاضى عن الدور التابعة للأحزاب في أطراف الجامعة".
المجلس العربي اتهم خلال المؤتمر الصحفي مسؤول قسم الملاكات في ديوان محافظة كركوك بتقديم المساعدة لفلاح يايجلي في القضية.
قائممقام كركوك وكالةً ومسؤول قسم الملاكات في ديوان محافظة كركوك كلاهما من المكون التركماني ويشغلون المناصب ضمن حصة الجبهة التركمانية.
لا داعي لأن يتهموا القائممقام بهدم التجاوزات، في وقت ترى فيه العديد من المسؤولين العرب يبيعون ويشترون بالعديد من قطع الأراضي في محافظة كركوك
اتهام المسؤولين التركمانيين أثار استياء الجبهة التركمانية والنواب التركمان والذين هددوا بالكشف عن "عمليات فساد" في تنفيذ المشاريع بمحافظة كركوك.
النائب التركماني في البرلمان العراقي، غريب عسكر، هدد في بيان صدر عقب المؤتمر الصحفي للمجلس العربي باستخدام مجموعة من "وثائق الفساد" في مشاريع كركوك والتي اتهم "أشخاص مقربين من مسؤولي المحافظة " بالتورط فيها.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يعتبر فيه رئيس المجلس العربي راكان سعيد المسؤول الأول عن المشارع كونه محافظ كركوك، خصوصاً بعد حل مجالس المحافظات وغياب دورها الرقابي.
"لا داعي لأن يتهموا القائممقام بهدم التجاوزات، في وقت ترى فيه العديد من المسؤولين العرب يبيعون ويشترون بالعديد من قطع الأراضي في محافظة كركوك"، وأضاف غريب عسكر بأنه يسعى ايضاً لتحقيق التوازن في توزيع المناصب الادارية في كركوك، حتى وإن كلفه ذلك حياته.
وقال "أحلام البعثيين تبخرت، هذا العصر هو عصر الديمقراطية".
شكلنا لجنة للتحقيق وإكمال الإجراءات الخاصة بافتتاح المطار، من بينها تعزيز الجانب الأمني في محيط المطار والتدقيق الأمني للعوائل القاطنة في محيط المطار
وظهر فلاح يايجلي في مقطع فيديو في 16 آب أثناء تنفيذ حملة لهدم عدد من الدور في حي كوباني وهو يقول بأن الحملة تنفذ بالتعاون مع عدد من دوائر الدولة، من بينها دائرة التسجيل العقاري، الزراعة/ البلدية والأجهزة الأمنية، مضيفاً بأنهم يحضون "بدعم محافظ كركوك".
بعد عام 2003 وسقوط نظام البعث برئاسة صدام حسين، بنيت الالاف من المنازل على أراضي تعود ملكيتها للدولة في جميع محافظات العراق من ضمنها كركوك.
يوجد في محافظة كركوك أكثر من 60 ألف منزل ومبنى تجاري جرى تشييدها بصورة غير قانونية وتأتي في المرتبة الثالثة بعد كل من بغداد (أكثر من 130 ألف تجاوز) و البصرة بـ(أكثر من 90 ألف تجاوز)، حسب احصائية رسمية حصلت عليها (كركوك ناو) من قائممقامية كركوك.
الى جانب حي كوباني، تسعى إدارة كركوك منذ عام 2019 لإخلاء المنازل المبنية على أراض متجاوز عليها، بالأخص بالقرب من مطار كركوك، من ضمنها حي حمزلي الذي يضم حسب متابعات (كركوك ناو) 620 منزل، لكن جهود إدارة كركوك لهدم الحي لم تثمر عن شيء.
غالبية سكان حي حمزلي من المكون التركماني اضافة الى عدد قليل من العوائل العربية.
هيئة الطيران المدني العراقية لم تقرر بعد افتتاح مطار كركوك ويمثل الجانب الأمني أحد المعوقات.
وقال راكان سعيد في تصريح أدلى به لـ(كركوك ناو) الأسبوع الماضي "شكلنا لجنة للتحقيق وإكمال الإجراءات الخاصة بافتتاح المطار، من بينها تعزيز الجانب الأمني في محيط المطار والتدقيق الأمني للعوائل القاطنة في محيط المطار"، دون أن يعطي توضيحات اكثر فيما إن كانت تلك العوائل ستستبعد أم لا.
الجبهة التركمانية التي تتألف من عدد من الأحزاب التركمانية وتعد أقوى جهة تركمانية في كركوك والعراق، ردت في 20 آب على اتهامات المجلس العربي للقائممقام وأصدرت بياناً نفت فيه جميع التهم وشددت على رفضها لأي مساعي للتغيير الديموغرافي في المدينة، وخصت بالذكر جنوبي كركوك.
كركوك/ كانون الثاني 2022/ منازل في حي المسيجة بمنطقة عرفة بًنيَت على أراض تابعة لشركة نفط الشمال التي تطالبهم بإخلائها تمهيداً لهدمها تصوير: كركوك ناو
"ما قام به هذا المسؤولان يندرج ضمن الإجراءات القانونية المناطة بهما"، حسبما جاء في بيان الجبهة التركمانية.
النائب عن الجبهة التركمانية، أرشد الصالحي، في إشارة تحدي للمجلس العربي، منح يوم السبت، 20 آب، شهادة تقديرية للقائممقام والمسؤول في ديوان محافظة كركوك وذلك "تكريماً لجهودهما للمحافظة على القانون وحماية ممتلكات الدولة"، على حد وصفه.
الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يعد في الوقت الحاضر أقوى الأحزاب الكوردية في كركوك، نشر عن طريق النائبة ديلان غفور بياناً في 20 آب حول قضية التجاوزات في كركوك، جاء فيه "يجب تنفيذ قرار مجلس الوزراء الخاص بتمليك المنازل المبنية على أراض متجاوز عليها، وإلا سنلجأ للشارع والمحاكم".
ويأتي هذا بعد أن تعرضت منازل المكون الكوردي في المحافظة للإزالة عدة مرات كونها بنيت بصورة غير قانونية بعد عام 2003.
في تشرين الثاني 2019، قررت الامانة العامة لمجلس الوزراء العراقي تمليك الأراضي السكنية المتجاوز عليها، خارج التصاميم الأساسية للمدن في كافة محافظات العراق، وذلك بعد تقدير قيمة الأرض من قبل لجان مختصة. ونصّ القرار على استيفاء مبلغ مقداره 5% من بدل القطعة، ويقسط الباقي لمدة 20 سنة، غير أن هذا القرار لم يُنَفَّذ في أية محافظة عراقية لحد الآن.
في وقت متأخر من ليلة ، السبت 20 آب، اجتمع قائد العمليات المشتركة في كركك، علي الفريجي مع كل من راكان سعيد و أرشد الصالحي وغريب عسكر، وحسب المعلومات التي حصل عليها موقع (كركوك ناو)، دعا الفريجي الى تهدئة الأوضاع، لكن لم يتضح بعد فيما إن كان قائممقام كركوك سيواصل حملة إزالة التجاوزات أم أنه سيعلق الحملة.
