كركوك ناو - كركوك

"لحد اليوم، حين أمر بجانب متنزه الرحاب تداعبني لحظات البهجة التي كنت أشعر بها في طفولتي"، هكذا وصف دلير نوري (35 سنة) شعوره لـ(كركوك ناو).

أطلق دلير العنان لذكرياته التي تعود لثلاثة عقود من الزمن، حين كان يزور رفقة أفراد عائلته متنزه ومدينة ألعاب الرحاب بمدينة كركوك أيام الجمعة، هذا المتنزه الذي بات الآن مكاناً مهجوراً تملأه النفايات.

يقع متنزه ومدينة ألعاب الرحاب على شارع الأورزدي بمحاذاة نهر الخاصة على مقربة من قلعة كركوك وجسر النضال (خبات) على الجانب الغربي من المدينة.

مراسل (كركوك ناو) زار متنزه الرحاب ولم ير فيه غير الخراب وألعاب الأطفال المكسورة والمغطاة بطبقات من التراب، من ضمنها المراجيح وتماثيل الحيوانات ودولاب الهواء الذي يدور أحياناً بفعل الرياح.

كنا نعيش في منزل عمتي، وقال لنا زوج عمتي سأصطحبكم  الى الرحاب إذا كنتم مؤدبين

دلير نوري، سائق أجرة في كركوك، غالباً ما يمر أمام متنزه الرحاب، " كلما وقعت عيناي على مدينة الألعاب أعود الى سنين طفولتي في التسعينات، حين كنا نمرح هناك في الصيف، نركب المراجيح ودولاب الهواء".

هناك أيضاً، وبعد أن يتعب من اللعب، كان دلير يأخذ بعض الدنانير من والده لكي يشتري بها الساندويتش والعصير والقثاء (الترعوزي) بالسماق.

"ليتهم يعيدون تأهيل الرحاب لكي نصطحب أطفالنا اليه مثل أيام زمان ليلهوا ويقضوا اوقاتاً مرحة هناك"، هذا ما طلبه دلير، أب لطفلين، عن طريق (كركوك ناو).

ليست ألعاب الأطفال الوحيدة التي عاف عليها الزمن، بل أن المتنزه فقد ايضاً خضرته وأصبح مكباً للقمامة، حتى بات من الصعب أن تجلس على مقاعد المتنزه لأخذ قسط من الراحة، وفي الليل يفتقد المكان للإنارة.

"أتذكر في عام 1998، حين ذهبنا لمتنزه الرحاب وكنا قد رُحلنا حديثاً الى أربيل وعدنا في زيارة لكركوك، كنا نعيش في منزل عمتي، وقال لنا زوج عمتي سأصطحبكم  الى الرحاب إذا كنتم مؤدبين"، تقول جرو أحمد (32 سنة) بأن تذكرة الدخول كانت رخيصة جداً.

 

كافة الخدمات كانت متوفرة في مدينة ألعاب الرحاب، من ضمنها تواجد فريق طبي، وتابعت جرو أحمد في حديثها لـ(كركوك ناو)، " كانت هناك غرفة يسمونها غرفة الأطباء، في إحدى المرات سقط اخي أثناء اللعب وكُسِرت رأسه، فتلقى العلاج في تلك الغرفة".

شُيد متنزه الرحاب في ثمانينات القرن الماضي على مساحة تقدر بأربعة دونمات، والى جانب الحدائق والخضرة كانت تضم ايضاً حديقة حيوانات.

ستار جباري، خبير في تاريخ كركوك، قال لـ(كركوك ناو)، " نظراً لأن المكان يطل على الخاصة، كان يتمتع بجو لطيف، العديد من الناس كانوا يقصدونه للعب ومشاهدة الحيوانات"، ولفت جباري الى تشييد مسرح فيما بعد داخل المتنزه.

" كانت تقدم فيه عروض مسرحية و موسيقية، البعض كانوا يقصدونه للاستماع للأغاني وبعض زوار المتنزه كانوا يتوافدون من خارج كركوك"، بحسب ستار جباري.

 تضم دببة وقردة وثعالب وغيرها، كان مكاناً مكتظاً، لدينا ذكريات جميلة هناك

المتنزه يحيط به الآن سياج متهالك، ليس فيه أي حراس أو عمال ومراقبين، بإمكان أي أحد الآن دخول المكان، لذا يرتاده أحياناً المشردون، بالأخص في ساعات النهار.

تقع عيناك في أحد زوايا المتنزه على بعض الأشخاص الذين حولوا المكان الى محل لصناعة أغطية (جوادر) السيارات.

" متنزه الرحاب كان فيما مضى المكان الوحيد الذي توجد فيه ألعاب الأطفال وحديقة حيوانات، تضم دببة وقردة وثعالب وغيرها، كان مكاناً مكتظاً، لدينا ذكريات جميلة هناك"، يقول شعبان محمد (38 سنة)، الذي يملك محلاُ لبيع الأجهزة الكهربائية مقابل متنزه الرحاب.

تم تشييد متنزه ومدينة ألعاب الرحاب من قبل احد المستثمرين على ارض تابعة لبلدية كركوك وظل يستقبل الزوار حتى عام 2005.

مسؤول في بلدية كركوك، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ(كركوك ناو)، " أي شخص يرغب في إعادة تأهيل مدينة ألعاب الرحاب، بإمكانه استلامه من البلدية وفق الإجراءات القانونية والإدارية بالإيجار لمدة تتراوح بين سنة و ثلاث سنوات، لكن لم يقدم أحد طلباً بهذا الخصوص".

الأشجار والمساحات الخضراء في متنزه الرحاب تعرضت للجفاف، وهي على وشك أن تندثر كلياً، عمال وفرق البلدية لا ترفع النفايات المتكدسة في المكان.

ويقول المصدر بأن " تنظيف الحديقة ليس على عاتق البلدية، هذه العملية ستصبح من مسؤولية أي شخص يرغب بتسلم مشروع إعادة تأهيل الرحاب في مزايدة علنية".

توجد حالياً في كركوك ثلاثة متنزهات أخرى ضمن القطاع الخاص تضم كل منها مدينة ألعاب وهي مفتوحة أمام الزوار، فضلاً عن ذلك توجد 200 حديقة حكومية في المدينة، عدد قليل منها تزيد مساحتها عن عدة دونمات، أما البقية فمساحتها صغيرة. بصورة عامة، نسبة الخضرة في المدينة لا تتعدى 2%، في حين أن هذه النسبة يجب أن تصل الى 15% فما فوق، وفقاً للمعايير العالمية.