الفتيات هن الضحية الأولى
كركوك .. عشرات العوائل على وشك التفكك بسبب الابتزاز الالكتروني

لوحة تعبر عن الابتزاز الالكتروني

كركوك ناو - ليلى أحمد

تمثل الفتيات دون سن الـ18 الضحية الأولى للابتزاز الالكتروني في محافظة كركوك، عدد القضايا المتعلقة بهذا النوع من الابتزاز في تزايد، بالتزامن مع سهولة توفر خطوط الانترنت وشيوع استخدام أجهزة الاتصالات المتطورة بين تلك الفئة، بالأخص خلال فترة انتشار وباء كورونا.

الرسالة التي وصلت لـ(شيماء) ذات الـ16 ربيعاً عن طريق المسنجر كانت بداية علاقة الحب التي ربطتها بشاب، لكن سرعان ما انحرفت العلاقة عن مسارها لتتطور الى اعتداء جنسي وصل بها لحافة القتل بدعوى الشرف.

شيماء كانت طالبة في الصف العاشر الاعدادي بمدينة كركوك، مطلع شهر شباط من هذا العام ردت فوراً على الرسالة التي وصلتها واستمرت المحادثات وتبادل الرسائل بينهما. "كان يتحدث بلطف، كان يبدو من رسائله بأنه شاب طيب، يسأل عن أحوالي ويفصح لي عما بداخله ، بعد أيام ودون أن أكون قد رأيته وجهاً لوجه، طلب مني أن أكون حبيبته، فوافقت على ذلك".

" في أحد الأيام، أعطيته عنوان مدرستي والتقيته عدة مرات دون علم والدَيّ وكنا نتمشى مع بعض"، تقول شيماء أن ثقتها ازدادت به بعد المرات التي خرجوا فيها معاً.

الشاب الذي كان في نفس عمر شيماء تمادى في علاقتهما وطلب منها في أحد الأيام أن تذهب معه الى منزله لكي يُعرّفها بأفراد عائلته، وافقت شيماء على طلبه وحددا موعد الزيارة.

حين استفقت، وجدت نفسي في المستشفى تحيط بي أفراد عائلتي، قالوا لي لم فعلتِ ذلك

" ذهبنا الى منزل، كان المنزل خالياً، أجبرني هناك على ممارسة الجنس معه، حينها علمت بأنني فقدت عذريتي، خفت كثيراً، كنت أعرف بأنهم سيقتلونني لا محالة، أخبرني الشاب بأنه سيأتي لطلب يدي للزواج وبأننا سنعيش معاً"، بحسب شيماء.

عادت شيماء الى منزلها، لكن في حالة نفسية مزرية والقلق الشديد يراودها، " كنت في معظم الأحيان أتوجه الى إحدى الغرف بحجة الدراسة، لكنني في الحقيقة كنت أجهش بالبكاء، كنت أخشى أن لا يكون ذلك الشاب صادقاً معي وتقتلني أسرتي"، مخاوف شيماء كانت في محلها، حيث قطع الشاب علاقته بها.

الوضع النفسي لشيماء أصبح يتدهور يوماً بعد آخر، لذا حاولت في أحد الأيام الانتحار عن طريق تناول كمية مفرطة من الحبوب وفقدت الوعي.

" حين استفقت، وجدت نفسي في المستشفى تحيط بي أفراد عائلتي، قالوا لي لم فعلتِ ذلك، قلت بأنني مرضت فجأة وتناولت كمية زائدة من الحبوب عن طريق الخطأ"، بعد أيام أقدمت شيماء على جرح يدها بشفرة حلاقة، "كنت نادمة على ما فعلته لدرجة أنني أردت قتل نفسي".

شيماء تفتح قلبها لمدرّستها وتخبرها بكل شيء

في أحد الأيام، لاحظت إحدى مدرسات شيماء الجروح التي كانت على يدها وسألتها، " ابنتي ماذا حصل لك؟"، فكشفت في ذلك اليوم عن طريق مديرة المدرسة عن كل الحقائق.

"أفصحت عن كل شيء، اتصلت مديرة المدرسة بمنظمة نسوية فجاؤوا الى مدرستنا، تحدثوا معي مطولاً، أحسست بطمأنينة وتحسنت حالتي، بعد ذلك تمكنت المنظمة من العثور على الشاب وأحضروه لكي يتحدثوا معه ويجبروه على الزواج مني"، تقول شيماء، "قال الشاب أنه بدون عمل وليس لديه التزام بإنشاء أسرة ولا يريد الدخول في الحياة الزوجية".

بعد مناقشات مطولة، بحضور أعضاء من المنظمة –يحتفظ (كركوك ناو) باسم المنظمة-، توصل الجميع الى أن الزواج لن يكون خطوة جيدة وناجحة ولن يكون الحل للوضع الذي وقعت فيه الفتاة.

في غضون ذلك، استدعت المنظمة والدة شيماء الى مكتبها في كركوك وتحدثوا معها عن مشكلة ابنتها.

تقول شيماء أن والدتها صُدِمت، وأنها بدأت بالصراخ عليها وضربها داخل مكتب المنظمة، ثم قامت بضرب نفسها وشد شعرها.

المنظمة استدعت بعد ذلك والد شيماء الى مكتبها، وتقول شيماء، "كان جسمي كله يرتجف، حين أخبروا والدي بكل شيء وقع على الأرض وبدأ بالبكاء، حتى كادر المنظمة بدأوا أيضاً بالبكاء.... وجه والدي طلباً وحيداً للمنظمة وهو أن لا يعلم أعمامي بالموضوع".

كما قالت والدة شيماء، "إذا علم أعمامها بالأمر سيقتلونها".

بعد التشاور، قررت المنظمة وعائلة شيماء إجراء عملية ترقيع غشاء البكارة لشيماء قبل أن تتزوج. كما استدعوا رجل دين الى المنظمة ليطلب من والد شيماء أن يصفح عنها، "لكي يجزيه الله"، لأنها لا زالت طفلة وأنها ارتكبت خطأً.

kirkukkk-3

كركوك/ آذار 2019/ شارع رئيسي وسط مدينة كركوك    تصوير: كركوك ناو

تقول الدكتورة ديلمان آزاد حسن، اختصاصية الطب العدلي وأستاذة في كلية الطب بجامعة صلاح الدين أن ترقيع غشاء البكارة الذي لجأت اليه شيماء، محظور في العراق، وذلك بسبب عدم وجود قانون خاص بهذه المسألة.

لكنها قالت، "بعض القابلات، أو منتسبو الصحة يجرون العملية بصورة غير علمية ويسمونها تخييط غشاء البكارة... وهذا عمل غير جيد ولا يجب اللجوء اليه".

بعد الحديث الذي جرى بين أعضاء المنظمة ورجل الدين ووالدَي شيماء، نجت الفتاة من القتل، لكنها لا تزال تتلوى بآلام المصيبة التي حدثت لها، عادت شيماء بعد ذلك مع والديها الى المنزل وقرر والدها عدم معاقبة الشاب عن طريق المحاكم لكي لا ينفضح أمر ابنتها.

المشكلة التي تعرضت لها عائلة شيماء، مثال لعشرات المشاكل الأخرى التي واجهت نساء وفتيات كركوك خلال هذا العام.

رأيت ابنتي في أحد الأيام تتحدث مع شاب، سألتها من هو فقالت هذا الشاب يريد التقدم للزواج مني ونحب بعضنا

وفقاً لإحصائية أعطتها الشرطة المجتمعية في كركوك للمنظمات النسوية وحصل (كركوك ناو) على نسخة منها، في الفترة من كانون الثاني من هذا العام لغاية منتصف شهر ايلول الماضي، سجلت 670 قضية ابتزاز الكتروني ضد النساء، معظمها كانت خطيرة كقضية شيماء.

زيان حميد، مديرة فرع كركوك لاتحاد نساء كوردستان، تقول أن الفتيات دون 18 سنة كان لهن النصيب الأكبر من عمليات الابتزاز الالكتروني، وحسب سجلاتهم، " عدد الحالات ازداد مقارنة بالأعوام السابقة".

زيان والمنظمة التي تديرها لديها عشرات القضايا المشابهة لقضية شيماء وقد ذكروا عدة أمثلة منها لـ(كركوك ناو).

المنظمان النسوية ومنظمات المجتمع المدني، بينها فرع كركوك اتحاد نساء كوردستان على تواصل مستمر مع الشرطة المجتمعية في كركوك لإيجاد حلول، بعد تفاقم حالات الابتزاز الالكتروني، على حد قول زيان حميد.

عائلة فاطمة عبدالله (46 سنة) ضحية أخرى من ضحايا شبكات التواصل الاجتماعي في كركوك، ابنة فاطمة وعمرها 22 سنة هربت من المنزل في شهر آب الماضي خوفاً من تعرضها للقتل على يد والديها واشقائها.

تعرفت هذه الفتاة على شاب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد أن وعدها بالزواج وزيارته منزلها بعلم والدتها عدة مرات، اتفقا في أحد الأيام على الخروج معاً ومارسا الجنس في إحدى الشقق نتيجة لذلك فقدت الفتاة عذريتها، حسبما روت والدتها لـ(كركوك ناو).

تقول فاطمة، "رأيت ابنتي في أحد الأيام تتحدث مع شاب، سألتها من هو فقالت هذا الشاب يريد التقدم للزواج مني ونحب بعضنا... أرسلت بعض الصور الاعتيادية للشاب، ثم طلبت من ابنتي أن أتحدث مع الشاب لكي أتأكد فيما إن كان صادقاً أم لا، فتحدث مع الشاب وقال أنه يحب ابنتي، طلبت منه أن أتحدث مع والدته، في أحد الأيام تحدثت معي امرأة هاتفياً وقالت أنها والدته، فتحدثنا عن كل شيء".

بعد تلك المكالمة الهاتفية، تقول فاطمة أنها وثقت بعائلة الشاب، حتى أنهم زاروا منزلها عدة مرات.

في أحد الأيام، استأذنت الفتاة من والدتها للخروج في الساعة 11 قبل الظهر بحجة زيارة منزل خالتها، وتقول فاطمة أنها علمت فيما بعد أن ابنتها لم تذهب لزيارة خالتها بل لتلتقي بالشاب.

"أخبر الشاب ابنتي أن لديهم شقة وطلب منها أن ترافقه الى هناك للجلوس والتحدث، لكنه اعتدى عليها جنسياً وفض غشاء بكارتها، غير أن الشاب وعدها بالزواج منها وطلب منها عدم ذكر ما حدث بينها لأحد"، حسبما روته فاطمة.

بعد فترة، تقول فاطمة أنها شعرت بفتور العلاقة بين ابنتها والشاب، الى أن هدد الشاب بنشر صور وفيديو ابنتها إذا رفضت الخروج معه.

لم تذكر ابنة فاطمة أي شيء عن تلك التهديدات لوالدتها، الى أن وصلتا في صباح أحد الأيام رسالة عن طريق المسنجر.

تقول فاطمة، "حين قرأت ابنتي الرسالة شحب لونها، فجأة دخل شقيقها الغرفة وطلب من انتي أن تعطيه الموبايل، فرأى فيديو الاعتداء الجنسي مرفقاً بتهديد نشره في حال رفضها الخروج معه".

حين شاهد شقيقها الرسالة، اتجه الى المطبخ، وحسب فاطمة "سحب سكينة واتجه نحو شقيقته لكي يقتلها".

"صرخت، بالكاد تمكنت من مسك ابني، في تلك اللحظة هربت ابنتي من المنزل وهي تصرخ وتبكي"، بحسب فاطمة.

بعد ساعات، جاءهم اتصال من إحدى نقاط التفتيش الواقعة خارج كركوك وأخبروهم بأنهم اعتقلوا ابنتهم لعدم حملها هوية.

حاول ذوو الفتاة تسلم الفتاة من نقطة التفتيش لكي يقتلوها لكن القائمين على نقطة التفتيش رفضوا تسليم الفتاة لهم بعد معرفتهم بما دث معها وهي الآن في ملجأ خاص بإيواء النساء المعنفات في إحدى مدن اقليم كوردستان.

"انقلبت حياتي وحياة عائلتي رأساً على عقب، فقدت ابنتي، أصبحت حياتنا تعيسة ولن نعود كما كنا أبداً"، تقول فاطمة متحسرة.

denis-oliveira

الصورة من موقع unsplash بتاريخ 13 حزيران 2021   تصوير: Denis Oliviera

بينت أكثر من ثلاث منظمات تدافع عن حقوق المرأة ومنظمات المجتمع المدني والتي تحدثت لـ(كركوك ناو) أن قضايا الابتزاز الالكتروني ضد النساء ازدادت خلال العامين الماضيين، وترى المنظمات أن التعليم الالكتروني (التعليم عن بعد) خلال فترة الحجر المنزلي بسبب مخاطر تفشي فيروس كورونا كان من أهم الأسباب وراء تفاقم هذه القضايا.

وفقاً لشركة في مجال خدمات الانترنت تحدثت لـ(كركوك ناو)، بعد انتشار كورونا في العراق، - شباط 2020 – ازدادت نسبة المشتركين في خدمات الانترنت الى 85 أو 90 بالمائة مقارنة بالفترة التي سبقته، وعزت الشركة السبب الى اتباع نظام التعليم الالكتروني.

في السنوات الدراسية 2020-2021 و 2021-2022، اتبعت وزارة التربية العراقية نظام التعليم الالكتروني، بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث كان الدوام الحضوري في العام الماضي يومين فقط في الاسبوع، الأمر الذي أجبر العوائل على الاشتراك في خدمات الانترنت وشراء أجهزة الاتصالات لأطفالها.

حسب موقع ستات كاونتر الذي يرصد عدد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، حتى نهاية شهر أيلول الماضي، نسبة 69.61 بالمائة من رواد شبكات التواصل الاجتماعي استخدموا موقع فيسبوك، يليه يوتيوب بنسبة 22.59 ومن ثم الانستاجرام بنسبة 4.59.

المشكلة هي أن في معظم القضايا التي نحقق فيها، تقودنا الى نتيجة واحدة وهي عدم الدراية والوعي بكيفية استخدام خدمات الانترنت

سرود أحمد، مسؤولة فرع كركوك لجمعية الأمل العراقية لحقوق الانسان، قالت لـ(كركوك ناو)،ان "أغلب الذين يتعرضون للتهديد والابتزاز عن طريق الانترنت، هم الفتيات دون سن الـ18، بالأخص الطالبات، أعتقد بأن السنتين اللتين اتبع فيهما نظام التعليم الالكتروني من أسباب تفاقم حالات الابتزاز الالكتروني".

وأضافت سرود، "هذان العامان أضرا كثيراً بالعملية التعليمية، كما خلقتا العديد من المشاكل للعوائل من النواحي النفسية، الاجتماعية والعلاقات الفاشلة عن طريق الانترنت".

وزارة التربية العراقية قررت في 23 تشرين الأول اعتبار العام الدراسي الفائت، سنة عدم رسوب لجميع المراحل الدراسية.

"المشكلة هي أن في معظم القضايا التي نحقق فيها، تقودنا الى نتيجة واحدة وهي عدم الدراية والوعي بكيفية استخدام خدمات الانترنت، لذا تعرضوا لتلك المشاكل"، وتابعت سرود، "وقعت حالات تضمنت اختفاء الذهب والنقود من البيت، وحين حقق الوالدان في الأمر تبين بأن ابنتهم تعرضت للابتزاز والتهديد بنشر صورها في حال عدم دفعها المال".

لكن آسو وهاب، مدرب في مجال السلامة الالكترونية تطرق الى مشكلة أكبر وقال،ان "المشكلة في الأساس تتمثل في عدم وجود رقابة عائلية واجتماعية، وبالأخص تربوية، حول استخدام الأجهزة الالكترونية، في معظم أنحاء العالم استخدام الموبايل عند من هم دون سن الـ18 أجهزة غير شائع، وإذا استخدموا شبكات التواصل الاجتماعي، يكون الاستخدام تحت الرقابة العائلية".

وأضاف، "تتمثل المشكلة الأخرى في عدم وجود توعية في المدارس بشأن استخدام أجهزة الاتصال وخدمات الانترنت، ما يعرض الشبان والمراهقين للانحراف، من ضمنه، الابتزاز الالكتروني عن طريق الانترنت".

ويشير موقع داتا ريبورتال الى أن أكثر من 10 بالمائة من مجموع سكان العراق تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 سنة، وهذه الاعمار حسب منظمات المجتمع المدني وحقوق المرأة طالها النصيب الأكبر من التحرش الجنسي في عام 2022.

تعداد سكان العراق لعام 2022 يقدر بحوالي 42 مليون و 248 ألف نسمة، وفقاً لجهاز الإحصاء المركزي التابع لوزارة التخطيط العراقية، ويبلغ عدد مستخدمي الانترنت 20 مليون و 580 آلاف شخص، حسب بيانات موقع داتا ريبورتال.

المشكلة الأخرى، بحسب الخبراء، تتمثل في عدم وجود فلاتر للمستخدمين وشبكات التواصل الاجتماعي.

"في عموم العراق يوجد فلتر واحد وهو لعموم المستخدمين والتي تستخدمه وزارة الاتصالات العراقية، بخلاف ذلك لا يوجد أي فلتر وقائي للمواقع الالكترونية"، ويضيف آسو وهاب، "في الوقت الحاضر، من الأفضل أن تستخدم العوائل خطوط انترنت ليست مفتوحة بل تشترك في باقة عائلية، من المستحسن أن يتم تحديد أوقات استخدام الانترنت، ويجب أن لا يسمح للأطفال باستخدام الانترنت في غرفهم دون رقابة، فضلاً عن ذلك، توجد تطبيقات للرقابة تسمى أدوات الرقابة العائلية".

في كركوك هناك تنسيق بين المنظمات والشرطة للتعامل مع القضايا ونشر الوعي في المراكز التعليمية.

يجب أن تنتبه العوائل لأطفالها وبناتها وكيفية استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي والمحتويات التي يتابعونها

مديرة فرع كركوك لاتحاد نساء كوردستان، زيان حميد، قالت لـ(كركوك ناو)، "نعقد ندوات توعية في المراكز التعليمية... تتوفر أرقام هواتفنا وهواتف الشرطة المجتمعية في المدارس لكي تتمكن الطالبات من الاتصال بنا في حال تعرضهن لحالات من هذا النوع".

العقيد غالب علي، مدير قسم الشرطة المجتمعية بشرطة كركوك تحدث عن بعض طرق الابتزاز الالكتروني الأخرى التي استهدفت الفتيات وأكد أن بعض الصفحات والحسابات قامت بابتزاز الفتيات بحجة التعيين أو التزويج واستدرجت الفتيات لإرسال صور ومقاطع فيديو خاصة بهن ثم هددوهن بنشرها.

"نحن في الشرطة المجتمعية نعمل على هذه الظاهرة، في بعض الأحيان، عندما تكون الحالات خطيرة وتتضمن التهديد والاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي، تتدخل الأجهزة الأمنية للتعامل معها".

هيلين محمد، اسم مستعار لباحثة نفسية تعمل في إحدى منظمات كركوك المختصة بالعمل على الجانب النفسي للمتعرضين للابتزاز وتنظم حملات توعية في المدارس. تقول هيلين أن الفتيات دون سن الـ18 يشكلن أغلبية القضايا التي تشرف عليها.

ولفتت هيلين الى أنها تعاملت مع 157 قضية ابتزاز الكتروني في عام 2022 فقط.

"يجب أن تنتبه العوائل لأطفالها وبناتها وكيفية استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي والمحتويات التي يتابعونها، ومن هم أصدقائهم، يجب رفع مستوى الوعي عند العوائل فيما يخص قضية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي"، تقول هيلين.

يتم التعامل مع الابتزاز الالكتروني في العراق بموجب المواد 430، 431 و 432 من قانون العقوبات العراقي.

تنص المادة 430 على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل من هدد اخر بارتكاب جناية ضد نفسه او ماله او ضد نفس او مال غيره او بإسناد امور خادشة بالشرف او افشائها وكان ذلك مصحوباً بطلب او بتكليف بأمر او الامتناع عن فعل او مقصوداً به ذلك".

وجاء في المادة 431 أنه يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين يوم واحد حتى خمس سنوات كل من هدد اخر بارتكاب جناية ضد نفسه او ماله او ضد نفس او مال غيره او بإسناد امور خادشة للشرف او الاعتبار او افشائها بغير الحالات المبينة في المادة 431.

أما المادة 432 من قانون العقوبات فتنص على أنه " إذا هدد المعتدي شخص آخر (الضحية) بالقول أو الفعل أو كتابةً أو شفهياً أو عن طريق شخص وسيط في غير الحالات المذكورة في المادتين 430 و 431 ، يعاقب الجاني بالسجن لمدة لا تتجاوز مدة تزيد على سنة و\أو بغرامة".

أحس بأني غريبة وسط عائلتي، أشعر أن لا أحد يرغب بالنظر اليّ، حزن عميق يحرقني، ماذا سيحل بي، حين أذهب للفراش ليلاً

وتقول آهنك أنور، محامية في محكمة كركوك، ان "المشكلة الكبرى في مثل هذه القضايا هي أن معظم الفتيات ليس لديهن الوعي للجوء الى المحكمة أثناء تعرضهن لحالات من هذا النوع، لذا وصلت الأمور في بعض الأحيان الى القتل، المشكلة الأخرى هي أن أغلب الآباء يتجنبون تلك القضايا عن طريق المحاكم خوفاً من الوصم الاجتماعي".

وأوضحت آهنك أنه نتيجة لذلك لا تلجأ معظم الفتيات اللاتي تتعرضن للابتزاز الالكتروني والتحرش الجنسي للمحاكم، "بعد ذلك يتعرضن في المنزل للتعنيف النفسي و الجسدي والحبس في المنزل أو يتم إجبارهن على ترك الدراسة، أو يكنّ في خطر التعرض للقتل".

تعاملت آهنك أنور بنفسها خلال هذا العام مع ثلاث قضايا تتعلق بالابتزاز تحت تهديد نشر صور لفتيات.

في الوقت الذي لا تعي فيه الفتيات ضرورة اللجوء للمحاكم، أو تخفين ما حدث معهن خوفاً من أسرهن، وتتستر العوائل على القضايا من أجل صون الشرف وخوفاً من العار، تصبح الفتيات الضحية الأولى، وتعشن في ظل التهديد بالقتل أو تنحصرن في المنزل وتتركن الدراسة.

على سبيل المثال، في قضية شيماء، تخلى والدها عن فكرة قتل ابنته من أجل التستر على قضيتها، ورفض معاقبة الشاب عن طريق المحاكم، لكن ليس من الواضح الى أين سيؤول مستقبل شيماء وماذا سيكون مصيرها.

تقول شيماء، "أحس بأني غريبة وسط عائلتي، أشعر أن لا أحد يرغب بالنظر اليّ، حزن عميق يحرقني، ماذا سيحل بي، حين أذهب للفراش ليلاً لا أثق بأنهم لن يقتلوني قبل أن يأتي الصباح".

وسط هذه الدوامة، يقول آسو وهاب، المدرب في مجال السلامة الالكترونية، "التكنلوجيا والانترنت لم تكن وسائل مضرة أبداً، بل المشكلة تكمن في الاستخدام السيء لها، أقترح أن تكون التربية في البيت والمسجد والمنظمات مكلمة لبعضها وأن يتكاتف الجميع لتنشئة الفرد ويجب أ تكون هناك قوانين خاصة بالجرائم الالكترونية". 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT