في الوقت الذي كان فيه أنصار الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني يحتفلون في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، أظهرت نتائج عد وفرز أصوات انتخابات مجالس المحافظات أن عدد مقاعد الكورد في تراجع.
في محافظة كركوك، التي كانت مركز صراع المكونات والقوميات والأحزاب، لم تنجح قوائم وتحالفات الكورد في أن تفوز كالسابق بأكثر من نصف مقاعد مجلس المحافظة، وتراجعوا بشكل كبير في نينوى وديالى، أما في صلاح الدين فاز مرشح وحيد بمقعد، وذلك طبقاً للنتائج الأولية للانتخابات وآلية توزيع المقاعد وفق نظام سانت ليغو.
انتخابات مجالس المحافظات العراقية، من ضمنها كركوك التي حرمت منها لـ18 سنة، جرت في 18 كانون الأول 2023، وبعد يوم واحد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائج فرز 94.4 بالمائة من أصوات التحالفات والمرشحين.
من 63 بالمائة الى 47 في كركوك
قوائم وتحالفات الأحزاب الكوردية في كركوك فازت بسبعة مقاعد من أصل 15 في مجلس المحافظة يضاف اليها مقعد كوتا المسيحيين، ما يعادل نسبة 47 بالمائة من مقاعد المجلس، في حين كانت النسبة السابقة 63 بالمائة.
ليس فقط في مجلس المحافظة ، بل أن الكورد منذ عام 2003 كانوا يحظون بأكثر من 50 بالمائة من المقاعد في جميع الانتخابات البرلمانية بكركوك.
في الانتخابات الحالية لمجلس محافظة كركوك، بخلاف ما جرى في انتخابات 2005، لم يتفق الكورد على المشاركة بقائمة موحدة، بل دخلوا المنافسة بخمس قوائم وعشرات المرشحين.
اثنان فقط من القوائم الكوردية فازت بمقاعد، الاتحاد الوطني والحزب الشيوعي شاركوا بتحالف (كركوك قوتنا وإرادتنا) وفازوا بخمسة مقاعد بعد حصدهم 139 ألف و373 صوت، كما ضمن الحزب الديمقراطي الكوردستاني مقعدين بـ46 ألف و749 صوت.
في حين فشل حراك الجيل الجديد بـ24 ألف و620 صوت، شعلة كركوك (الاتحاد الاسلامي وجماعة العدل) بستة آلاف و655 صوت والحزب الاشتراكي الكوردستاني بـ377 صوت من الفوز بأي مقعد.
مجموع مقاعد الكورد حسب النتائج الأولية سبعة مقاعد بعد حصد حوالي 218 ألف صوت، في المقابل فاز العرب بستة مقاعد والتركمان بمقعدين الى جانب مقعد كوتا المسيحيين.
أكثر من 520 ألف ناخب كركوكي شاركوا في الانتخابات، أي بنسبة 66 بالمائة، وهي قريبة من النسبة التي سجلت في انتخابات مجلس المحافظة الأولى التي جرت في 2005، حيث كانت 68 بالمائة. ولم تشهد كركوك انتخابات لمجلس المحافظة منذ 2005 بسبب خلافات بين الأحزاب العربية، الكوردية والتركمانية حول سجلات الناخبين.
في انتخابات 2005 شارك الكورد موحدين في إطار قائمة التآخي ونجحوا في الفوز بـ26 مقعد من مجموع مقاعد مجلس المحافظة التي كان عددها في 1 مقعداً، ما يعادل نسبة 63 بالمائة، في المقابل حصل التركمان بمذهبيه السني والشيعي على تسعة مقاعد والمكون العربي حصد ستة.
مقاعد قائمة التآخي توزعت في حينها بواقع سبعة للديمقراطي الكوردستاني، خمسة للاتحاد الوطني، وثلاثة لكل من الاتحاد الاسلامي الكوردستاني والحزب الشيوعي الكوردستاني، مقعدان لمرشحين من المكون العربي، مقعدان لمرشحين مستقلين ومقعد لكل من التركمان، الحزب الاشتراكي الكوردستاني، حزب كادحي كوردستان والمسيحيين.
حتى ما قبل أحداث 16 أكتوبر 2017، كان الكورد في كركوك يتولون منصب المحافظ والقائممقام ومدراء عدة اقضية ونواحي، وبعد تأزم العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان بسبب استفتاء الاستقلال وإعادة انتشار القوات الأمنية التابعة للحكومة الاتحادية، فقد الكورد معظم المناصب.
فقدوا سطوتهم في نينوى
وفقاً لعدد المقاعد كانت الأحزاب الكوردية القوة الأكبر والصوت الحاسم في توزيع المناصب في الدورة السابقة لمجلس محافظة نينوى، لكنهم لن يحظوا من الآن فصاعداً بهذا الموقع، حيث كانوا يشكلون نسبة 31 بالمائة في المجلس أما الآن لا يصلون لـ24 بالمائة.
شارك الكورد في الانتخابات بأربع قوائم وتحالفات للمنافسة على 26 مقعد في مجلس محافظة نينوى، الحزب الديمقراطي الكوردستاني شارك في الانتخابات بقائمة مستقلة، بينما الاتحاد الوطني الكوردستاني دخل المنافسة في إطار تحالف اتحاد أهل نينوى مع عدد من الأحزاب العربية والمكونات المختلفة، في حين دفع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكوردستاني والحزب الشيوعي الكوردستاني بمرشحين في إطار تحالف قيم المدني.
قائمتان فقط فازت بمقاعد، الديمقراطي الكوردستاني أصبح الفائز الثاني بعد جمعه لـ127 ألف و938 صوت ضمنت له أربعة مقاعد، أما تحالف الاتحاد الوطني الكوردستاني فقد ظفر بمقعدين بـ45 ألف و939 صوت فيما جمع الحزب الاشتراكي الكوردستاني 923 صوت فقط.
الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني لديهما معاً ستة مقاعد وفقاً للنتائج الأولية للانتخابات أي ما يعادل نسبة 23.5 بالمائة من أصل 26 مقعد في مجلس المحافظة (عدد مقاعد المجلس يصبح 29 مقعد باحتساب مقاعد كوتا المسيحيين، الايزيديين والشبك).
عدة أحزاب كوردية شاركت في الانتخابات السابقة قررت عدم المشاركة هذه المرة، منها حركة التغيير، الاتحاد الاسلامي الكوردستاني وجماعة العدل.
مجموع أصوات الكورد يتجاوز 174 ألف صوت وهو قريب من الذي تحقق قبل 10 سنوات حيث بلغ أكثر من 173 ألف صوت.
في انتخابات مجلس محافظة نينوى السابقة التي اقيمت عام 2013، فاز الكورد بنسبة 31 بالمائة من المقاعد، حيث شارك بقائمة موحدة باسم تحالف التآخي والتعايش بقيادة الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني وضمنوا 11 مقعد من مجموع 36 مقعد. (عدد مقاعد المجلس كان 39 مقعد باحتساب مقاعد كوتا الأقليات).
شكل الكورد المكون الرئيسي والصوت الحاسم في الحكومة المحلية لمحافظة نينوى قبل حله، وتسنموا في إطار اتفاق منصب رئيس المجلس، نائب المحافظ وعدد آخر من المناصب العليا.
مقاعد ديالى تراجعت الى النصف
المخاوف التي أبدتها الأحزاب الكوردية في ديالى فيما يخص انتخابات مجلس المحافظة تحققت كما توقعوها، الكورد لم يفشلوا فقط في الوصول الى العدد السابق لمقاعدهم بل تراجع عددها الى النصف.
الكورد في ديالى، بجميع قوائمهم ومرشحيهم، فازوا بمقعد وحيد في مجلس المحافظة كان من نصيب الاتحاد الوطني، أي ما يعادل حوالي 6.7 بالمائة من مجموع 15 مقعد، طبقاً للنتائج الأولية ونظام سانت ليغو.
بخلاف الدورات الانتخابية السابقة، لم يشكل الكورد تحالفاً في هذه الانتخابات، حيث أعلن كل من الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني والحزب الاشتراكي قوائم مستقلة ضمت 50 مرشحاً، وهو ماد دفع ممثلي تلك الأحزاب في متابعة سابقة لـ(كركوك ناو) إظهار مخاوفهم من تشتت أصوات الكورد في ديالى.
ينتشر كورد ديالى في المناطق المتنازع عليها بقضاء خانقين وأطرافه، حيث يقدر عدد سكان هذه المناطق بـ238 ألف شخص، حسب احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء لسنة 2019.
في هذه الانتخابات، حصد الكورد بثلاثة قوائم حوالي 31 ألف صوت، أكثر من 24 ألف منها للاتحاد الوطني وحوالي سبعة آلاف صوت للديمقراطي الكوردستاني، وجاء في المركزين السابع والتاسع.
حظي الكورد في المجلس السابق لمحافظة ديالى (انتخابات 2013) في اطار تحالف التآخي والتعايش ثلاثة مقاعد من مجموع 29 مقعد، اثنان منها من نصيب الاتحاد الوطني والآخر للديمقراطي الكوردستاني، بنسبة وصلت الى 11 بالمائة من مجموع مقاعد المجلس، أهلتهم لأن يكونوا ثالث أكبر قوة في المجلس.
في انتخابات 2009، حصل الكورد على ستة مقاعد من مجموع 29 في إطار التحالف الكوردستاني، ثلاثة منها للاتحاد الوطني، مقعد واحد لكل من الديمقراطي الكوردستاني، الاشتراكي الكوردستاني والاتحاد الاسلامي الكوردستاني، حيث كانت أيضاً ثالث أكبر قوة في المجلس بـ21 مقعد.
لغاية 16 أكتوبر 2017، أغلب المناصب الادارية في خانقين والملف الأمني كان في يد الجهات الكوردية، قبل أن تعود القوات التابعة للحكومة الاتحادية وتنسحب قوات البيشمركة بسبب تداعيات استفتاء الاستقلال.
في صلاح الدين لم يتغير شيء
من بين ثلاثة مرشحين للأحزاب الكوردية في محافظة صلاح الدين، مرشح واحد فقط ظفر بمقعد في مجلس المحافظة.
وفقاً للنتائج الأولية للانتخابات، حصل مرشح الاتحاد الوطني، ياسين محمد داودي، على ثمانية آلاف و448 صوت أهلته ليصبح صاحب رابع أعلى عدد من الأصوات في قائمة الجماهير الوطنية التي فازت بخمسة مقاعد في مجلس المحافظة.
الأحزاب الكوردية فشلت في تشكيل تحالف ولم يتفقوا فيما بينهم على مرشح مشترك أو مرشحين مشتركين، ودخلت المنافسة في إطار قوائم عربية أخرى.
الاتحاد الوطني أشرك مرشحه في تحالف الجماهير الوطنية، الديمقراطي الكوردستاني شارك بمرشحة ضمن قائمة الحسم الوطني، فيما شارك مرشح الحزب الشيوعي في قائمة الرئاسة.
تارا جلال داودي، مرشحة الديمقراطي الكوردستاني لم تتمكن من الفوز بمقعد بعد جمعها لـ1171 صوت وجاءت المرتبة الحادية عشرة في قائمتها التي فازت بمقعدين.
أما مرشح الحزب الشيوعي، هيمن برزان، فحصل على 620 صوت فقط لم تضمن له أي مقعد.
المنافسة بين المرشحين الكورد الثلاثة كانت في الوقت الذي لا يصل فيه عدد الناخبين الكورد في صلاح الدين الى 40 ألف شخص، بحسب احصائيات غير رسمية للأحزاب، وذلك من مجموع أكثر من 154 ألف من سكان قضاء طوزخورماتوو (وفقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء)، والذي يعد المنطقة المتنازع عليها الوحيدة في المحافظة ويسكنها خليط من الكورد، التركمان والعرب.
في انتخابات مجلس محافظة صلاح الدين عام 2013، فازت الأحزاب الكوردية بمقعد واحد في إطار تحالف التآخي والتعايش وذلك من مجموع 29 مقعد، وفي انتخابات 2009 نجح الكورد في الظفر بمقعدين من مجموع 28 مقعد.
في انتخابات برلمان العراق التي أقيمت في تشرين الأول 2021، تمكن الكورد لأول مرة من الفوز بمقعد برلماني عن محافظة صلاح الدين (دائرة طوزخورماتوو الانتخابية) بعد ضمانهم أكثر من 12 ألف صوت.
الكورد تسنموا منصب قائممقام طوزخورماتوو لعدة سنوات، لكنه فقد هذا المنصب وعدة مناصب أخرى بعد أحداث 16 أكتوبر 2017، ولا يزال قسم من سكان المناطق الكوردية نازحين.