ظهور قوى جديدة في نينوى أفسدت اللعبة على القوى التقليدية المهيمنة، بحيث لم تعد هناك أغلبية، بل بات من الضروري على من يريد تشكيل الحكومة المحلية عقد اتفاق خماسي، الأمر الذي يُصعب من مهمة الفائز الأول في انتخابات مجلس المحافظة .
البعض يرى نجم الجبوري، محافظ نينوى السابق نجماً للمباراة، بعد أن تمكن عن طريق نجله (مهند) من خوض عملية الانتخابات بنجاح ليصبح الفائز الأكبر بحصده خمسة مقاعد من مجموع 29 مقعد في مجلس المحافظة.
الأصوات التي حصل عليها مهند لوحده وعددها (55747) صوت ربما كانت مكافأة لجهود والده عندما كان في منصب المحافظ. الجبوري تسنم منصب المنصب في 24 تشرين الثاني 2019 حين كانت الموصل وأطرافها عبارة عن كتلة من الدمار جراء حرب داعش التي امتدت لثلاث سنوات، عشرات الآلاف من العوائل لم تكن قد عادت من النزوح ولا تزال تعيش في المخيمات، وحين استقال من منصب المحافظ في ذروة الحملة الانتخابية في 26 تشرين الثاني 2023، كانت المحافظة تشهد تطوراً ملحوظاً من ناحية الاعمار والجزء الكبير من النازحين قد عادوا الى ديارهم.
الجبوري استقال من منصب المحافظ بعد اتهامه بـ"الانتماء لحزب البعث" بموجب قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث حزب البعث، على إثر ذلك وضع نجله بدلاً منه على رأس قائمة "نينوى لأهلها".
الجبوري كان من المشاركين في إعداد خطة استعادة تلعفر من قبضة داعش، لذلك أنيطت اليه قيادة العمليات المشتركة في محافظة نينوى في الفترة من نيسان 2015 حتى منتصف 2019 قبل أن يحال للتقاعد. إحدى صفات الجبوري كانت قربه من الناس وتواجده بينهم.
نينوى/ تشرين الثاني 2019/ مؤتمر صحفي لنجم الجبوري بعد مباشرته مهامه محافظاً جديداً لنينوى تصوير: كركوك ناو
في هذه الانتخابات، دخل الجبوري المنافسة بقائمة "نينوى لأهلها" التي ضمت 52 مرشحاً وجاءت قائمته في المرتبة الأولى على المحافظة.
وفقاً للنتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات، التي نشرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يوم الثلاثاء، 19 كانون الأول، تمكن الجبوري كقوة جديدة من الانتصار على التحالفات التقليدية والفوز بخمسة وقاعد.
لكن مهمة الجبوري ليست سهلة، لأنه في حال أصر على أن يكون منصب المحافظ لقائمته وهو من حقها، سيحتاج الى أصوات 10 أعضاء آخرين في المجلس، الأمر الذي سيتطلب الدخول في تحالف مع أربعة كيانات أخرى.
مجلس محافظة نينوى يتألف من 29 مقعد، وبموجب قانون الانتخابات يتطلب الحصول على منصب المحافظ تحقيق نسبة 50+1، أي أصوات 15 عضو في المجلس.
يبدو أن القوة الأقرب من الجبوري هي الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي فاز بأربعة مقاعد، ففي عام 2019 تسنم الجبوري منصب المحافظ بأصوات أعضاء الديمقراطي الكوردستاني –حزب كوردي يرأسه مسعود البارزاني- حيث كانوا يشكلون حوالي ثلث المجلس.
في حال عقد تحالف بين هاتين القوتين، لن يتمكن الجبوري من حشد ما يكفي من الأصوات للظفر بمنصب المحافظ.
القوة الثالثة في نينوى هي تحالف العقد الوطني، وهو تحالف غير تقليدي الى حد ما في المحافظة، كونه تشكل من عدة قوى شيعية وسنية.
يتألف العقد الوطني من ثلاثة أحزاب رئيسية هي حركة عطاء، حزب الثبات العراقي والحزب الاسلامي العراقي.
نينوى/ كانون الأول 2023/ التعريف بمرشحي الحزب الديمقراطي الكوردستاني لانتخابات مجلس المحافظة تصوير: إعلام الديمقراطي الكوردستاني
حركة عطاء تأسست في عام 2017 برئاسة فالح الفياض، رئيس الهيئة العامة للحشد الشعبي، لكن الفياض علق مهامه كرئيس للحركة عام 2022 وعُيّن في محله خالد كيبان وهو من المقربين من الفياض.
البعض يرى بأن الفياض يدير ويوجه الحركة بشكل غير مباشر.
أما حزب الثبات العراقي فيترأسه النائب السني عبدالرحيم الشمري ولم يتضح حتى الآن ما موقف الحزب الذي فاز بثلاثة مقاعد في المجلس من التحالف مع الجبوري.
حتى لو تحققت فرضية عقد التحالف بين الجبوري والحزب الديمقراطي الكوردستاني والعقد الوطني لتشكيل الحكومة المحلية، سيحتاجون الى ثلاثة مقاعد أخرى، ولا توجد قوة أخرى تملك أكثر من مقعدين، لذا سيتوجب الوصول الى اتفاق مع طرفين آخرين.
بشكل عام يتطلب تشكيل الحكومة المحلية في نينوى الى تحالف ما لا يقل عن خمسة قوى، الأمر الذي يصعب مهمة نجم الجبوري.
القوى التقليدية في نينوى، باستثناء الديمقراطي الكوردستاني، فازت بمقعدين في أحسن الأحوال.
على سبيل المثال، تحالف الحسم الوطني الذي شكله أسامه النجيفي ووزير الدفاع العراقي حصل على مقعدين.
ما عدا مقاعد الكوتا، فاز 11 حزب وتحالف بمقاعد في مجلس محافظة نينوى، بحسب النتائج الأولية، من ضمنها السيادة وتقدم (مقعدان لكل منهما)، تحالف عزم وحزب التجديد (مقعد واحد لكل منهما).
السيادة برئاسة خميس الخنجر وتقدم برئاسة محمد الحلبوسي، كان من المتوقع فوزهما بعدد أكبر من المقاعد.
نينوى/ 5 كانون الأول 2023/ بوستر انتخابي لرجل دين ترشح عن تحالف شيعي-سني باسم تحالف العقد الوطني الذي نجح في الفوز بثلاثة مقاعد في مجلس المحافظة تصوير: أحمد بله
القوى الشيعية التي تسيطر على عدد كبير من محافظات العراق، تمكنوا من حصد مقعدين فقط في إطار تحالف الحدباء. أبرز القوى المشاركة في التحالف هي دولة القانون برئاسة نوري المالكي، منظمة بدر برئاسة هادي العامري وصادقون برئاسة الخزعلي.
قائمة الهوية الوطنية برئاسة ريان الكلداني، الأمين العام لحركة بابليون، نجح في الفو بمقعدين في المجلس، مرشحو القائمة كانوا من قوميات وأديان نينوى المختلفة.
تحالف اتحاد أهل نينوى الذي تشكل بصورة رئيسية من قوتين كورديتين، الاتحاد الوطني الكوردستاني برئاسة بافل طالباني وحزب الرفعة الوطني برئاسة دلدار زيباري، فاز بمقعدين في مجلس المحافظة.
قائمة الجبوري شددت خلال احتفالاتها ليلة إعلان النتائج الأولية بأن منصب المحافظ سيكون من حصتها، لكن ليس من الواضح كيف سيستهلون اللعبة.
