حول تدريسيو وموظفو محافظة السليمانية المحتجون وجهتهم نحو أربيل، متحدّين الحواجز الأمنية والانتهاكات التي طالتهم، من أجل إيصال صوتهم لعاصمة اقليم كوردستان وبعد شهرين متواصلين من الإضراب عن الدوام، أسفر عن حرمان 600 ألف طالب وطالبة من الدراسة.
صباح اليوم، الأحد 9 شباط، توجه المحتجون بالحافلات والمركبات الخاصة إلى قضاء كويسنجق وحدود منطقة ديكله في خطوة غير مسبوقة بهدف الوصول إلى العاصمة أربيل.
على مدار ثلاثة عقود، أصبحت منطقة ديكله نقطة مواجهة قسمت الإقليم عملياً إلى جزءين، بعد سنوات من الاقتتال الداخلي بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني.
في نقطة التفتيش الأولى التي تشرف عليها قوات الاتحاد الوطني سُمح للمتظاهرين بالمرور صوب أربيل، لكن القوات الأمنية والتي تخضع لسلطة رئيس حكومة الإقليم واجهوا المتظاهرين ومنعوهم من تخطي الحواجز الأمنية.
"أربيل مدينتنا، إنها عاصمة إقليم كوردستان"، "بالسلم بالسلم"، كانت من بين الشعارات التي شدد عليها المتظاهرون في هتافاتهم.
فريدون حسن، من بين المشاركين في التظاهرة تحدث هاتفياً لـ(كركوك ناو) وقال "نريد الذهاب إلى أربيل وإيصال صوتنا لمكتب الأمم المتحدة هناك"، وشدد على أنهم لا يريدون شيئاً غير إيصال مطالبهم.
ويأتي ذلك بعد مرور 13 يوماً على إضراب 13 تدريسي وموظف عن الطعام، الوضع الصحي لقسم منهم، بحسب الفرق الطبية، غير مستقر.
وقال فريدون، "نحن فقط نطالب بحقوقنا المتمثلة بالرواتب"، وكبادرة حسن نية رفع المتظاهرون أقلامهم أمام القوات الأمنية للسماح لهم بالتوجه إلى أربيل.
![mamsota.slemani](http://kirkuknow.com/uploads/2024/mamsotaslemani.jpg)
أربيل/ 9 شباط 2025/ متظاهرو السليمانية في منطقة ديكله بين محافظتي أربيل والسليمانية. الصورة: أرسلت من قبل أحد المشاركين في التظاهرة
رداً على الخطوة التي أقدم عليها تدريسيو السليمانية بالتوجه إلى عاصمة كوردستان، قال محافظ أربيل، أوميد خوشناو، إن "أربيل ترحب دائماً بالضيوف، لكنها غير مستعدة اليوم لإستقبال ضيوف غير مرغوب فيهم".
وسائل الإعلام المقربة من الديمقراطي الكوردستاني شنت منذ أيام حملة إعلامية للتقليل من شأن الإضراب الذي أعلنه التدريسيون والموظفون الـ13 عن الطعام.
إصرار المتظاهرين جعلهم يخترقون الحواجز المؤقتة التي وضعتها القوات الأمنية والوصول إلى نقطة تفتيش ديكله –يشرف عليها الحزب الديمقراطي الكوردستاني-، ورافقهم برلمانيون من المعارضة.
عضو برلمان كوردستان عن حراك الجيل الجديد، آزاد كريم، قال "استخدموا الغازات المسيلة للدموع لمنع المتظاهرين من اختراق الحواجز الأمنية".
وأظهرت مشاهد التقطتها عدسات الصحفيين سقوط عدد من المتظاهرين بعد تعرضهم للغاز المسيل للدموع، إلى جانب بعض الانتهاكات الأخرى كالاعتداء بالضرب.
التطورات الجديدة المتمثلة بنقل الاحتجاجات إلى أربيل تأتي في الوقت الذي أدى إغلاق المدارس في محافظة السليمانية إلى حرمان نحو 600 ألف طالب وطالبة من الدراسة.
وتشير إحصائية لاتحاد معلمي كوردستان إلى أن ما لا يقل عن 60 ألف تدريسي يقاطعون الدوام.
ليلة أمس، أبدى عدد من تدريسيي مدينة أربيل تضامنهم مع احتجاجات السليمانية وقرروا تنظيم تظاهرة، لكن القوات الأمنية في أربيل نشرت عناصرها بشكل مكثف أمام قلعة أربيل –شهدت تاريخياً العديد من التجمعات الاحتجاجية- وفي مداخل أربيل باتجاه السليمانية.
نوزاد عمر، مسؤول في سكرتارية جمعية بيشنك المدافعة عن حقوق التدريسيين والتابعة لجماعة العدل الكوردستانية تم اعتقاله من قبل القوات الأمنية في أربيل بعد إعلانه المشاركة في تظاهرة من أجل حقوق التدريسيين.
مسرور بارزاني، رئيس حكومة الإقليم، الذي يعمل على تشكيل الكابينة الوزارية الجديدة، لم يبد حتى الآن أي موقف بشأن الاحتجاجات التي انطلقت منذ شهرين، لكن المتحدث باسم الحكومة اتهم المضربين عن الطعام بوجود أياد خفية تحرضهم.
في الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم، زار نائب رئيس الحكومة، قوباد طالباني الخيمة التي يتواجد فيها المضربون عن الطعام، لأول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات.
الزيارة التي جرت بعيداً عن عدسات الإعلام ودون إخطار المضربين جاءت بعد أن قال المتحدث باسم المضربين يوم الجمعة الماضي، إن "رئيس الحكومة ونائبه كلاهما مقصران، وكلاهما يتحملان مسؤولية الوضع الحالي".
هادي حمه رشيد، أحد التدريسيين المضربين عن الطعام قال بشأن زيارة قوباد طالباني، "لن نثق أبداً بقوباد لأنه أعطى سابقاً العديد من الوعود ولم يف بها".
وأضاف، "لم يحدث بيننا أي اتفاق وقد جاء في وقت غير مناسب، حيث كنا نائمين أو مغمى علينا من الإرهاق".
"رحبنا به فقط ولم يقل شيئاً وبدوره لم يسمع منا شيئاً "، بحسب هادي حمه رشيد.
احتجاجات التربويين في محافظة السليمانية بدأت منذ عام 2015 على فترات متقطعة وشهدت السنوات العشر الماضية عشرات التظاهرات ضد حكومة الإقليم بسبب تأخر صرف الرواتب.
![zhnana-xopeshandan](http://kirkuknow.com/uploads/2024/zhnana-xopeshandan.jpg)
السليمانية/ 21 كانون الثاني 2024/ جانب من تظاهرات التدريسيين تصوير: كركوك ناو
منذ عام 2014، فشلت حكومة إقليم كوردستان بتأمين رواتب موظفيها كاملةً و فرضت نظام الإدخار والاستقطاع وتأخير صرف الرواتب بحجة الأزمة المالية، حالياً تدفع الرواتب دون تلك الاستقطاعات لكنها صرفها يتأخر عن موعده.
إجمالاً، تدين الحكومة لكل موظف أو تدريسي بمبلغ يتراوح بين 20 و 35 مليون دينار، بحسب سنوات الخدمة ودرجاتهم الوظيفية.
حكومة الإقليم دعت في أكثر من مناسبة التربويين والموظفين بطلب حقوقهم من الحكومة الاتحادية العراقية، حيث يتهم رئيس الحكومة، مسرور بارزاني، الاتحادية بعدم صرف رواتب موظفي الاقليم.
في 21 شباط 2024، أصدرت المحكمة الاتحادية عدة قرارت تصب في مصلحة موظفي الاقليم، من بينها التشديد على أن "عدم صرف رواتب الموظفين يعد انتهاكاً للحقوق" وألزمت وزارة المالية العراقية بصرف رواتب كافة الموظفين عن طريق البنوك الاتحادية.
وفي 4 شباط 2025، عقب سلسلة من الاجتماعات بين وفود حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية، شدد سكرتير مجلس وزراء إقليم كوردستان، آمانج رحيم، على أنه بموجب اتفاق بين الحكومتين، "تم تأمين رواتب الموظفين لعام 2025 كاملةً".
لكنه أشار إلى أنه "لضمان استمرار الاتفاق، يجب أن يستمر اقليم كوردستان في تنفيذ التزاماته النفطية وغير النفطية، بالأخص بعد زوال العقبات القانونية أمام تصدري النفط من اقليم كوردستان بعد إقرار تعديل قانون الموازنة".
أحد التدريسيين المحتجين قال، "أعطونا آلاف الوعود من هذا القبيل ولم يفوا بها، لن ننتظر أكثر من ذلك".
المرحلة الحالية من الاحتجاجات تتركز في ديكله التي تقسم إقليم كوردستان منذ ثلاثة عقود إلى إدارتين صفراء وخضراء، في إشارة إلى ألوان أعلام الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني اللذين يحكمان الاقليم منذ عام 1991.
علي حمه صالح، عضو برلمان كوردستان ومقرر حركة الموقف الوطني- أحد أحزاب المعارضة والتي تملك أربعة مقاعد برلمانية-، قال بشأن الاحتجاجات التي رافق فيها المتظاهرين في ديكله، "هذان الحزبان لو اتفقا سيقسمان الإيرادات فيما بينهما، وإذا تقاتلا سيعرضان أبناءنا للموت".