قبل أن تنير أشعة الشمس شوارع وطرقات كفري، تبدأ كشاو وابنتها بدراجة ثلاثية العجلات (ستوتة) مهمة البحث عن البلاستيك الذي ينتشلونه من النفايات.
كشاو رؤوف (55 سنة)، تسكن في قضاء كفري، لديها أربعة أطفال، ثلاث بنات وولد واحد. رغم أن الحياة لم تكن رؤوفةً معهم لكنها لم تستسلم وواصلت كفاحها من أجل كسب لقمة العيش لعائلتها.
"أبحث في كل الأزقة والشوارع عن النفايات البلاستيكية"، وأضافت كشاو في حديثها لـ(كركوك ناو)، "لم أتذوق طعم الراحة، قسمتي أن أعيش بهذا الكل".
بسبب العوز، تركت ابنتها الكبرى وابنها الدراسة، لكن ابنتيها الأخريتين لا زالتا تدرسان، بُتِرت ساق زوجها بسبب انفجار عبوة ناسفة وأصيب بعدها بأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري، وابنها الذي يبلغ من العمر 14 سنة أصيبت رأسه حين كان طفلاً رضيعاً وهو الآن غير قادر على مساعدة العائلة في تدبير شؤونها اليومية.
في البداية كانت ابنتها الكبرى ترافقها في جولاتها وهي التي كانت تقود الدراجة، لكنها الآن تمكث في البيت لتعد الطعام وتعتني بوالدها الراقد على الفراش. ابنتها الصغرى التي تبلغ من العمر 13 سنة هي من تتولى الآن قيادة الدراجة مرتديةً ملابس الأولاد ومغطية وجهها بوشاح.
"نجمع كل أنواع النفايات البلاستيكية كعبوات المياه، سلال الفواكه، عبوات الزيت وغيرها، ونبيعها بعد لمعمل إعادة التدوير في كفري"، مهمة البحث تبدأ من الصباح الباكر وتستمر حتى المساء.
يتولى المعمل يومياً طحن وصهر ما لا يقل عن 50 كيلوغرام من البلاستيك يومياً، تُحول الى مقاعد، مناضد، أواني زهور وغيرها. يتم يومياً جمع نحو 500 طن من النفايات في إدارة كرميان، دون أن يتم فرزها.
"المال الذي نحصل عليه من بيع البلاستيك بالكاد يكفي لشراء السكر والزيت وغيرها من المستلزمات اليومية"، بحسب كشاو التي أشارت الى أن بعض الخيرين تبرعوا من أجل بناء منزل صغير لهم في كفري قبل عامين.
جمع النفايات البلاستيكية لم يكن خياراً، بل أجبرتهم مصاعب الحياة على اللجوء لهذا العمل الشاق. قبل جمع البلاستيك، جربت صناعة الخبز لكن هذا العمل كان مرهقاً وعجزت عن الاستمرار فيه. يحصل زوجها كل بضعة أشهر على راتب قدره 150 ألف دينار.
"سأستمر في جمع البلاستيك ما دمت أتنفس لكي أعيل أطفالي"، كشاو تدرك بأن عملها يخدم البيئة لأنها تخلص بذلك التربة من أضرار البلاستيك.