طلب محافظ كركوك فتح تحقيق جديد بقضية ضابط في الشرطة لقي حتفه بحادث دهس بمركبة تابعة لشرطة النجدة، فيما تقول والدة الضابط بأن مسار القضية تم تحريفه لصالح دورية شرطة النجدة ملقين 70 بالمائة من مسؤولية الحادث على ابنها، "الأمر الذي يخالف ما رصدته كاميرات المراقبة".
مصطفى مردان، ضابط متخرج حديثاً برتبة ملازم أول، دهسته سيارة دورية لشرطة النجدة في شارع جامعة كركوك ليلة 9 تشرين الأول 2024، بينما كان عائداً الى منزله ولقي حتفه على الفور.
وألقى تقرير مرور كركوك، 30 بالمائة من مسؤولية الحادث على دورية شرطة النجدة، وحمّلت الضابط 70 بالمائة من المسؤولية، حسبما قالت غادة علي عبدالجبار، والدة مصطفى، لـ(كركوك ناو).
وعبرت غادة عن استيائها من مضمون التقرير وترى بأن مسار القضية تم التلاعب به لمصلحة دورية الشرطة.
سائق مركبة شرطة النجدة وكافة أفراد الدورية الذين تورطوا في حادث الدهس أطلق سراحهم بعد شهر من الحادث بكفالة مالية، وذلك استناداً الى تقرير شرطة المرور.
وقالت غادة، "تتم المماطلة في القضية منذ خمسة اشهر وفي كل مرة تؤخر جلسة المحكمة، والد مصطفى نفد صبره وهو يراجع باستمرار المحكمة والشرطة ومديرية المرور دون جدوى".
على اثر ذلك، وفي 18 آذار الجاري، لجأت غادة وعائلة مصطفى مردان الى محافظ كركوك، ريبوار طه، "طلبنا تشكيل لجنة أخرى للتحقيق، بدوره وافق على طلبنا"، بحسب غادة.
في توضيح أدلى به حول القضية في نفس اليوم الذي زارت فيه أسرة مصطفى مردان ديوان المحافظة، شدد محافظ كركوك على أنه كلف قسم القانونية بمتابعة القضية ووجه شرطة كركوك بالتحقيق مجدداً في القضية والإطلاع على تخطيط المرور والأدلة، وأشار الى ضرورة "الإسراع في إحالة أوراق القضية الى المحكمة".
كركوك/ 18 آذار 2025/ غادة علي، والدة مصطفى مردان تزور محافظ كركوك. تصوير: إعلام محافظ كركوك
في الوقت الذي لم تحسم فيه القضية بين الشرطة والمحكمة، طلبت أسرة سائق دورية الشرطة من ذوي مصطفى مردان حل القضية بالصلح العشائري خارج المحاكم واقترحوا دفع مبلغ 12 مليون دينار.
وقالت غادة علي، "لم نقبل إطلاقاً، يجب أن تصدر المحكمة قرارها، لن أساوم على إظفر ابني مقابل كل أموال الدنيا"، وألمحت الى أن تعاملهم والأسلوب الذي تحدثوا به "لم يكن جيداً".
المتحدث باسم شرطة مرور كركوك، العقيد عامر نريمان، قال لـ(كركوك ناو) بشأن الحادث بأن مفرزة المرور أدت واجبها فيما يخص تخطيط موقع الحادث وأحالت القضية الى شرطة كركوك والمحكمة، "القضية لم تعد عندنا"، دون الإفصاح عن تفاصيل التخطيط المروري.
مصدر مطلع في ديوان محافظة كركوك طلب عدم الكشف عن اسمه كونه غير مخول بالتصريح، قال لـ(كركوك ناو) إن "المحافظ، تقديراً لمشاعر والدة الشهيد مصطفى، وكون التحقيقات ألقت نسبة كبيرة من اللوم على مصطفى مردان، طلب فتح تحقيق جديد".
بعد زيارتها محفافظ كركوك، أوصلت عائلة مصطفى مردان شكواها حول مسار التحقيقات في 19 آذار، إلى النائب التركماني في البرلمان العراقي، غريب عسكر.
مكتب غريب عسكر شدد في بيان على أن كاميرات المراقبة والتقارير الأولية أظهرت أن "دورية الشرطة كانت مسرعة بشكل كبير وبعد ذلك تم تغيير مجريات القضية، حيث اصدرت جهات من المرور عكس ذلك".
النائب غريب عسكر أرفق البيان بصورة له حاملاً جهاز آيباد ويطّلع على الحادث.
وجاء في البيان إن النائب غريب عسكر "يجري اتصالات مكثفة مع الجهات المعنية في كركوك وبغداد لنيل عائلة الفقيد كافة الحقوق".
مصطفى مردان، تخرج حديثاً من كلية الشرطة، كما أنه قد عقد خطوبته مؤخراً. والدة مصطفى شددت عن طريق (كركوك ناو) على الإصرار على نيل حق ابنها عن طريق القانون.
مدير شرطة نجدة كركوك، عصام محمد، قال لـ(كركوك ناو) إن إحدى دوريات شرطة النجدة دهست بالفعل مصطفى مردان مشيراً الى أن السائق وباقي أفراد الدورية اعتقلوا بعد الحادث.
"من المعلوم أن التحقيق في حادث مروري يستند الى تحقيقات شرطة المرور والتي أوضحت أن الفقيد مصطفى مردان أراد العبور في منطقة كان فيها جسر لعبور المشاة، لكنه لم يستخدم الجسر"، وأشار تقرير شرطة الكرور بحسل عصام محمد الى أن "مصطفى عبر الشارع بسرعة وركض أمام المركبة".
مصطفى مردان أراد العبور في منطقة كان فيها جسر لعبور المشاة، لكنه لم يستخدم الجسر
لكن والدة مصطفى تقول، "نحن اطلعنا على كاميرات المراقبة، ما رأيناه كان مناقضاً لنتائج تحقيقات الشرطة، تبين أن سيارة النجدة دهست ابني قبل أن يعبر السياج وألقته لمسافة 15 متراً حيث فارق الحياة على الفور".
وقال مدير شرطة نجدة كركوك، "حين حملت شرطة المرور مصطفى مردان 70 بالمائة من مسرولية الحادث وبعد أن أفرج القاضي عن الموقوفين بكفالة، قررت عائلة مصطفى مردان الطعن في صحة التحقيقات مشيرة الى تعرض ابنها للغبن".
رغم أن مدير شرطة نجدة كركوك يقول إن نتائج تحقيقات جميع اللجان التي شكلت للحادث كانت متشابهة، لكن غادة علي تصر على أن "الجهات الثلاث (المرور، الشرطة والنجدة) تعيق حسم قضية ابني، اللجان تتألف منهم أنفسهم لذا يصدرون نفس القرارات، نحن لا نثق بتحقيقاتهم لأنها ليست عادلة".
وقال مدير شرطة النجدة، "من حقهم طلب إعادة التحقيق في الحادث، ابنهم هو ابننا أيضاً، المساعي لحل القضية عشائرياً لم تنجح ن عائلة مصطفى مردان تطلب 25 مليون دينار، لكن أفراد دورية الشرطة تمكنوا حتى الآن من جمع 17 مليون دينار فقط".
وأضاف، "القضية لا زالت في المحكمة، في الحقيقة أصبحت قضيتين، مدنية وعسكرية... حتى لو حلوا القضية عشائرياً وسحبت عائلة مصطفى مردان دعواها، ستتم معاقبة أفراد دورية شرطة النجدة تلبيةً للحق العام".
