نقل عائلات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المتواجدة في مخيم الهول السوري ماتزال تثير القلق لدى سكان الموصل، مع التلويح بالإلغاء القرار من قبل الحكومة العراقية.
قرار نقل عائلات التنظيم من مخيم "الهول" الى مخيم "العملة" غرب الموصل قد الغي، حسب القول نايف الشمري النائب عن نينوى في البرلمان العراقي.
مخيم الهول يتواجد فيه نحو 74 ألفاً من جنسيات مختلفة، بحسب مسؤولين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأطفال تصل نسبتهم في المخيم إلى 66% من عدد السكان، و"أغلبهم لا يملكون أوراقا ثبوتية"، بحسب تقارير للأمم المتحدة.
نايف الشمري قال وفي حديث صحافي خص به (كركوك ناو)، انه" جرى جمع تواقيع من قبل نواب عن محافظة نينوى في البرلمان العراقي لرفضهم بشكل قاطع نقل عائلات التنظيم وتوطينها قرب الموصل، وان هذه التواقيع جرى ارسالها مجلس الوزراء".
المواطنون غاضبون أيضا، كما يوضح المواطن الموصلي في حديث الى (كركوك ناو)، ان" أهالي هم أكثر من تضرر جراء تنظيم (داعش) وهذا الضرر تمثل بما خسرته المدينة من بنى تحتية، لذا فان جلب عائلات التنظيم.. سيؤدي الى اثارة البغضاء عند الجميع والصاق تهم "الإرهاب" بالعائلات الموصلية".
وأضاف الشمري ان وفدا من نواب نينوى التقى بنائب قائد العمليات المشتركة، الفريق قوات خاصة الركن، عبد الأمير رشيد يار الله وابلغه برفض نقل المسلحين وعائلاتهم الى نينوى، وقد استجابة لذلك وعدت بنقل المخيم الى منطقة اخرى خارج نينوى.
من جانبه الباحث في الشأن السياسي الموصلي عدي عبد يقول إن التعاون بين المواطنين والقوات الأمنية سببه عودة الثقة التي فقدت بين الطرفين قبل العاشر من حزيران عام 2014، لذا فان اعادة عائلات تنظيم الدولة سوف يزعزع ثقة المواطن بالمنظومة الأمنية.
عملية نقل النازحين من الهول الى الموصل تأجلت منذ بداية عام 2019 ولغاية اليوم 2020 أكثر من أربع مرات". مستشار الأمن الوطني في العراق فالح الفياض وجه في اب 2019 وبشكل رسمي وعاجل بالتريث في عملية نقل وجبات من نزلاء مخيم الهول السوري، الى مخيمات النزوح جنوب الموصل ".
مخيم جديد لمشكلة قديمة
ناحية زمار غرب الموصل يجري فيها انشاء مخيم جديد على مساحة كبيرة باسم "العملة" لتوطين الداعِش فيه بعد نقلها من مخيم الهول السوري الشهر المقبل.
ان المخيم الجديد مكون من 4000 خيمة ونسبة الإنجاز تجاوزت 50 بالمئة، إضافة الى بناء مكتب للتدقيق الأمني في ناحية ربيعة التابعة لقضاء تلعفر غرب الموصل.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وفي أعقاب حرب الخليج بتسعينيات القرن الماضي أنشأت، مخيماً على مشارف بلدة الهول والتي تقع شرقي محافظة الحسكة السورية، وأصبح المخيم ملاذاً للاجئين العراقيين إبان حرب الخليج.
الهول يخضع حالياً لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وبات ملاذاً لمعتقلين الداعش وخاصة نساؤهم وأطفالهم.
المخيم وحسب تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش يضم 30 ألف عراقي، غالبيتهم العظمى من أسر تعيلها نساء، وغالبا ما تضم أطفالا كُثر، هرب بعضهم من التنظيم عندما سيطر على أجزاء من العراق، وعاشت أخرى في ضل سيطرة "داعش" في سوريا لغاية معركة استعادة الباغوز، الجيب الأخير في سوريا، في بدايات 2019.
وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، كشفت أن هنالك نحو (4000) شخص من كبار السن والنساء والأطفال في مخيم الهول السوري يرغبون بالعودة الى العراق.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة علي عباس جهاكير بتصريح صحافي تابعه (كركوك ناو)، إن "مخيم الهول الموجود في سوريا، يعد مركز استقبال لجميع العراقيين الموزعين على الأراضي السورية ويضم نحو 31.500 نازح".
وأشار إلى أن "هنالك توجّهاً لدى قوات التحالف أن تسحب كل دولة رعاياها من المخيم وبضمنها العراق"، مبيناً أن "الحكومة العراقية لديها تحفظ على عودة جميع النازحين لأن بينهم منتمون "لداعش"، لكن في الوقت نفسه هناك أناس شاءت الظروف أن يكونوا ضمن المخيم، ولمعالجة الأمر اتخذت الحكومة قراراً ببناء مخيم معزول أسميناه مخيم "العملة" في منطقة الكسك لاستقبال الراغبين بالعودة".
وأضاف أن "الحكومة العراقية نسقت مع قوات الكردستاني الديموقراطي السوري (قسد)، بوصفها أول حكومة محلية أدارت مناطق الحسكة والقامشلي، لعودة الراغبين الى مناطقهم في العراق".
حاجة الى تأهيل شامل
إعادة تلك العائلات قرب الموصل دون وجود مخطط حكومي لاحتوائها وإعادة تأهيلها قد يكون خطاء، فتلك الخطوة سوف تحدث تصدعات في البيت الموصلي أولا، وتثير الخلافات بين مجتمع الموصل والمجتمعات العراقية ثانيا.
الباحثة في مجال الاجتماع وعلم النفس سوزان الدليمي قالت ان عائلات تنظيم الدولة بحاجة الى تأهيل شامل كي تندمج مع أي مجتمع يجري نقلها اليه.
الأمم المتحدة اقترحت أوائل عام 2019، بشأن عودة العائلات العراقية من الهول، ان تقوم السلطات العراقية بعدم احتجاز العائلات في مخيم واحد محدد، إنما دمجهم مع سكان المخيمات الموجودين، لضمان عدم تعرض العائلات للظلم والتهميش.
سوزان الدليمي اكدت في حديث مع (كركوك ناو)، انه" لا يمكن انشاء مخيم في العراء تحت امطار الشتاء وأشعة شمس الصيف اللاهبة ووضع فيه العائلات دون خدمات وصحة وتعليم ووسائل ترفيه، لان من يتعرض الى هكذا أوضاع يصبح حاقدا على المجتمع الافضل المقابل له ويسعى الانتقام منه".
وأشارت الى ان الحكومة العراقية عليها قبل التفكير بنقل عائلات التنظيم أولا ادخال افراد تلك العائلات في دورات تأهيل نفسي واجتماعي وانساني ومدني، كذلك في المقابل العمل على توعوية السكان لاسيما المتضررين منهم كي لا يمارسوا اعمال عدوانية تجاه تلك العائلات.