إجراءات استحداث قضاء قرة تبة تخطو خطوات جديدة، الدوائر الحكومية تقطع اتصالها بقضاء خانقين وترتبط مباشرةً بمركز محافظة ديالى، في الوقت الذي يبحث فيه الكورد عن منفذ قانوني لإيقاف هذا التغيير عن طريق المحاكم.
قبل أيام، ضمن الخطوات الرامية لاستحداث قضاء قرة تبة، تم تحويل تربية المنطقة من قسم صغير تابع لمديرية تربية خانقين إلى مديرية عامة للتربية ترتبط كافة شؤونها بإدارة المحافظة.
الخطوة الجديدة اتخذت في فترة وجيزة بعد أن رفضت المحكمة الإدارية في بغداد شكوى من النائب في البرلمان العرقي عن كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني، سوزان منصور، بحجة انتهاء المدة القانونية لتسجيل الشكوى.
النائب عن محافظة ديالى، سوزان منصور، قالت لـ(كركوك ناو)، "قضية استحداث قضاء قرة تبة لم تُحسم حتى الآن وقد سجلت شكوى ضد كل من وزير التخطيط ومحافظ ديالى ورئيس مجلس محافظة ديالى، لن نسكت عن هذا الأمر بسبب وقوع انتهاكات قانونية وإدارية كثيرة".
مجلس محافظة ديالة قرر في 31 كانون الأول 2024 تحويل كل من نواحي قرة تبة، جلولاء وبني سعد إلى أقضية، لكن القرار أثار احتجاجات استمرت لأشهر، إلى أن قررت وزارة التخطيط العراقية في 2 تموز 2025 تحويل ناحية قرة تبة فقط إلى قضاء وتحديد قرة تبة مركزاً للقضاء وضم ناحية جبارة.
في 26 تموز 2025، تم في مراسيم الإعلان عن استحداث قضاء قرة تبة رسمياً وباشر القائمقام الجديد مهامه.

منتصف شهر أيلول الجاري، رفضت المحكمة الإدارية في بغداد شكوى من النائب سوزان منصور بحجة أنها قدمت بعد 30 يوماً من تاريخ استحداث قضاء قرة تبة، حسبما قال مصدر مطلع من الاتحاد الوطني الكوردستاني لـ(كركوك ناو).
لكن محاميا ينتمي للاتحاد الوطني قدم أيضاً شكوى لدى المحكمة الإدارية العليا ضد استحداث قضاء قرة تبة ، كما قدم في وقت سابق شكوى إلى محافظ ديالى وينتظر الرد على شكاواه.
قرة تبة ناحية تابعة لقضاء خانقين بمحافظة ديالى، يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة موزعين على عشرة أحياء وقرى محيطة. ويقطن الناحية خليط من الكورد، العرب والتركمان، وهي ضمن المناطق المتنازع عليها التي يتوجب حسم مصيرها عن طريق المادة 140من الدستور.
ممثل تحالف تقدم في مجلس محافظة ديالى المؤيد لاستحداث قضاء قرة تبة، أكد أنهم لن يتوقفوا رغم الاحتجاجات وسيواصلون اكمال كافة الاجراءات القانونية.
وقال عضو مجلس محافظة ديالى، نافع الجبوري، وهو من أهالي قرة تبة، إن "تحويل ناحية قرة تبة إلى قضاء مستقل سيكون له فوائد عديدة للمنطقة على مستويات مختلفة، وأبرزها أن القضاء يتمتع بهيكل إداري أكثر استقلالية مقارنةً بالناحية، مما يسمح بإدارة أفضل للموارد واتخاذ القرارات المحلية بشكل أكثر فعالية وسرعة".
كما أعرب عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في توفير المزيد من الإيرادات والتخصيصات لقرة تبة بغية تنفيذ المشاريع التنموية وتحسين الخدمات، "سيؤدي إلى توسيع لدوائر الخدمية الحكومية كفتح المحاكم، تسجيل العقارات، المرور، الأحوال المدنية وغيرها من المؤسسات في القضاء مما يسهل على المواطنين الحصول على الخدمات دون الحاجة للذهاب الى خانقين".
السلطة الإدارية الرئيسية في قرة تبة بقيت حتى عام 2017 بيد الكورد، بما في ذلك منصب القائمقام،لكن بسبب تداعيات استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان والمناطق الأخرى المتنازع عليها، خسر الكورد منصب القائممقام وبات الآن بيد تحالف تقدم.
قرة تبة لا تزال محرومة من الخدمات لا تستحق حتى أن يطلق عليها اسم ناحية فما بالك بأن يتحول إلى قضاء
"تحويل ناحية قرة تبة إلى قضاء ليس إلا قضية سياسية من أجل الانتخابات ويتم استخدامه كدعاية انتخابية من قبل أحد الأحزاب"، بحسب الناشط المدني في قرة تبة، ميسر الزبيدي، في إشارة إلى حملات الدعاية الانتخابية قبيل انتخابات البرلمان المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني القادم.
ويقول الزبيدي إن بلدتهم لا تزال مهمشة ومحرومة من الخدمات، "ولا تستحق حتى أن يطلق عليها اسم ناحية فما بالك بأن يتحول إلى قضاء، لذا يجب أولاً تطويرها وإعادة بنائها ومن ثم رفع المستوى الإداري فيها"، وأشار الزبيدي إلى أن قرة تبة لا يوجد فيها مستشفى، بل مركز صحي فقط. ويرى بأن "العقلية السائدة وغياب العدالة والمساواة يضران بمستقبل التعايش والاستقرار في المدينة".
في 8 تموز الماضي، اجتمعت الأحزاب الكوردية في خانقين وأصدرت بيان مشترك للاحتجاج ضد استحداث قضاء قرة تبة، دون أن يسفر الاحتجاج عن نتائج.
مسؤول الفرع الـ15 للحزب الديمقراطي الكردستاني في خانقين، أكبر حيدر، قال لـ(كركوك ناو)، إنهم سيرحبون بأي قرار ليس سياسياً ويهدف لإعمار وتطوير وخدمة أهالي المنطقة، لكنه يرى بأن الهدف من استحداث قضاء قرة تبة هو فصله عن خانقين.
"الهدف من هذا القرار إضعاف خانقين سياسياً واقتصادياً عن طريق فصل قرة تبة وجبارة عنها، هدفهم الآخر ضم ناحية كوكس إلى قضاء قرة تبة، في حين أن كوكس تابعة لقضاء كفري وإدارة كرميان ضمن حدود إقليم كوردستان.... وهناك خطأ، لأنه بموجب القانون يجب أن لا يقل عدد النواحي التابعة لقضاء عن ثلاث نواحي من ضمنها الناحية التي ستصبح مركزاً للقضاء"، بحسب أكبر حيدر.
ويقول المسؤول في الحزب الديمقراطي إن الأطراف السياسية شكلت لجنة للمتابعة والعمل على إلغاء قرار استحداث قضاء قرة تبة عن طريق رفع مذكرة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ومجلس النواب وكافة الجهات المعنية.
ويأتي ذلك في حين وجه مجلس محافظة ديالى في 20 تموز الماضي كتاباً إلى وزارة التخطيط لوقف إجراءات تحويل قرة تبة إلى قضاء لحين التحقق من الشروط اللازم توفرها لاستحاث القضاء، لكن الإجراءات لم تتوقف.

أوس إبراهيم، العضو الكوردي الوحيد في مجلس محافظة ديالى/ عن الاتحاد الوطني الكوردستاني، قال لـ(كركوك ناو) إن "قرة تبة لا تشملها الشروط الخاصة بتحويلها إلى قضاء"، لذا فضلاً عن مخاطبة وزارة التخطيط، تم تشكيل لجنة ثلاثية بعضوية أوس إبراهيم لدراسة القضية.
وأوضح أوس أن قرة تبة وجبارة المشمولتين بالمادة 140 من الدستور، يجب أن لا تجرى فيهما أية تغييرات لحين تنفيذ المادة بشكل تام، "ملف استحداث قضاء قرة تبة تم تمريره بصورة غير قانونية من قبل رئيس مجلس الحافظة، وأحد أسباب مساءلة رئيس المجلس تتعلق بتزويره التواقيع الخاصة بالقرار".
في آذار 2025، استجوب مجلس المحافظة رئيس المجلس، عمر الكروي (سني في قائمة سيادة)، وتم سحب الثقة منه لاحقا بحجة عدم الاقتناع بأجوبته، لكن المذكور أعيد إلى منصبه مؤقتاً بقرار من المحكمة الإدارية لحين حسم القضية في المحكمة.
ولم يخف نافع الجبوري بأن من المتوقع أن تظهر عقبات قانونية أو إدارية أمام استحداث قضاء قرة تبة، وحول كتاب المجلس الموجه إلى وزارة التخطيط وطلب تعليق الإجراءات الخاصة بالقضاء، أكد قائلاً، "سنبذل جهوداً جادة لضمان استمرار الإجراءات".
الهيئة العامة للمناطق الكوردستانية خارج إدارة حكومة إقليم كردستان، قررت إحالة قضية استحداث قضاء قرة تبة إلى مجلس وزراء الإقليم، مشيرة إلى أنها "تتعارض مع المادة 140 وستؤثر على التركيبة السكانية في المنطقة".
وقالت سوزان منصور إن "من بين الانتهاكات ضم ناحية كوكس إلى قرة تبة، وهو أمر غير قانوني لأن كوكس تابعة لإقليم كردستان". وأشارت النائبة سوزان إلى أن قرة تبة لا تستوفي الشروط اللازمة لتحويلها إلى قضاء، حيث أن أحد الشروط هي أن لا يقل عدد سكانها عن 80 ألف نسمة، في حين أن قرة تبة إضافة إلى جبارة وكوكس لا يصل تعدادها إلى 72 ألف نسمة.
للكورد في ديالى نائب واحد في البرلمان وعضو واحد في مجلس المحافظة، ومن بين الأحزاب الكردية، يشارك الاتحاد الوطني الكوردستاني في تشكيل إدارة المحافظة والمجلس المحلي مع عدد من الأحزاب العربية السنية والشيعية. حتى الآن تم حسم منصب قائمقام خانقين ومنصب مدير ناحية السعدية للكورد.