سوق "المزاد خانة" في كركوك.. توسع تلاه انكماش في الحركة التجارية

كركوك، شباط 2020، سوق "المزاد خانة" يباع فيه مختلف الاشياء، تصوير علي هجران

علي هجران

مع انحلال الظلام الدامس وبزوغ أول خيوط فجر يوم الجمعة، تبدأ شريحة من المجتمع بيوم كسب جديد من خلال مزاولة عملها في سوق "المزاد خانة" بقلب مدينة كركوك، هذا السوق يعتبر متنفسا لطبقة قليلي الدخل، لكن حركة التجارية فيه قلت عما كانت في السنوات السابقة.

"يتم بيع وشراء كل شيء في هذا السوق مهما كان تافهاً، من خرزة لمسبحة مثلاً أو زراً لبنطلون أو فردة حذاء واحدة، أو مجموعة من الكتب القديمة لشخص يحتاج لبضعة الاف من المال، وصولا إلى أي حاجة من حاجات المنزل الأساسية"، هكذا وصف احد الباعة في السوق اندام جهاد الحركة التجارية فيه.

جهاد الذي يحمل شهادة الماجستير في العلوم السياسية يعمل بعربته الخاصة في هذا السوق في مجال بيع الاكسسوارات ومعدات الهواتف الجوالة من صباح يوم الجمعة لغاية ساعات الظهيرة.

سوق المزاد خانة ويسمى كذلك بِأسماء أُخرى، مثل سوق الهرج أو سوق الجمعة لكونها يقام في يوم الجمعة من كل أُسبوع، يقام في منطقة لا تبعد كثيرا عن قلعة كركوك التاريخية.

الاقبال من طبقة قليلي الدخل

"يعد من اكثر الاسواق إقبالاً من قبل طبقة قليلة الدخل والفقيرة، ولكنه استطاع استقطاب الاغنياء والطبقة المتوسطة اليه ايضا بسبب رخصه ويوفر الكثير من حاجات الضرورية للأسر الكركوكية"، حسب قول جهاد.

يباع في السوق اللوحات الرخيصة والثريات والتحفيات مضى عليها الزمن وملحقات الاجهزة المنزلية، كما يباع فيها الملابس والاكسسوارات. ومن يدخل اليه يجد صعوبة في التحرك بسبب العربات والباعة المتجولين والبضائع المعروضة على الارض.

وعن سبب إقبال الناس على السوق يقول المواطن وجدان الهام "رُخص أسعارها مقارنة بأماكن أخرى ووجود حاجات لا تجدها في أماكن أخرى، ففي سوق الحصير على سبيل المثال سعر المدفئة النفطية مستعملة تباع هناك بـ 75 ألفاً دينار لكن في سوق الجمعة تجدها بـ 55 الفاً دينار".

بالقرب من هذا السوق يقع ايضاً سوق الجمعة للدراجات النارية والهوائية في شارع صلاح الدين وسوق الطيور والحيوانات قرب القلعة.

89339725_2469686196679788_5809785699905306624_n
كركوك، اذار 2020، سوق "المزاد خانة" يمتد على طول شارع الكورنيش، تصوير علي هجران

السوق توسع خلال عقود

يرتاد الهام (54 عاما) هذا السوق من التسعينيات القرن المنصرم، يقول ان السوق توسع من شارع صلاح الدين ثم بدأ تدريجياً بالوصول إلى كراج ليلان – الحويجة بعدها بدأ بالزحف على طول شارع الكورنيش، ولكن التوسع الكبير له حدث بعد مجيء النازحين إلى كركوك، إذ بعد مجيئهم وصل لغاية الجسر الثالث.

شهرة هذا السوق والاسواق المجاورة لها تجاوزت حدود محافظة كركوك، إذ يأتيها التجار والزبائن من مختلف المدن مثل السليمانية وكلار وتكريت وسامراء وحتى من جنوب العراق حسب قول الباعة.

انخفاض الحركة التجارية 

على الرغم من شهرة السوق وتوسعه في السنوات السابقة، الان ان الباعة يوكدون ان حركة التحارية فيه قلت مقارنة بالسنوات السابقة.

هريم أحمد (39 عاماً) يأتي في كل يوم جمعة إلى سوق الهرج في كركوك منذ الساعة الثالثة أو الرابعة صباحا بواسطة شاحنته لبيع ما لديه من السلع، بعد وصوله ينام ثم يقوم بالافتتاح في الساعة السابعة صباحا ويغادر في الواحدة والنصف ظهرا. وحول الحركة التجارية داخل السوق، قال عبدالله أن "الاقبال ضعيف خلال المدة الحالية مقارنة بالسنوات الماضية".

عزيز محمد (50 عاما) هو الاخر من مدينة السليمانية، يأتي لبيع ما لديه من المواد المستعملة، يكشف في حديثه عن أسباب ضعف الاقبال بقوله ان "الحركة التجارية في السوق ضعيفة منذ ستة أشهر بسبب رحيل النازحين، واكتفائهم بالسلع الموجودة في مناطقهم لذلك لم يعودوا يأتون إلى كركوك".

وسيطر تنظيم داعش في منتصف عام 2014 على عدد من المدن الكبيرة من ضمنها الموصل، تكريت واجزاء من كركوك والانبار وبسبب الاشتباكات نزح مايقارب 15 بالمائة من مجموع سكان العراق.

حيث وصل اعداد النازحين في بعض الاوقات الى حوالى 600,000 نسمة اي حوالى 100,000 عائلة نازحة الى المحافظة في عام 2016، بحسب بعض الاحصائيات التي ادلى بها دائرة الهجرة و المهجرين التابعة للحكومة الاتحادية في كركوك. اغلب هولاء النازحون عادوا إلى منازلهم بعد تحرير مناطقهم من سيطرة داعش.
WhatsApp Image 2020-03-13 at 5.11.36 PM
كركوك، شباط 2020، ترك الباعة و المشترين النفايات بدون تنظيف بعد انتهاء السوق، تصوير علي هجران

دعوات لتنظيم السوق

على الرغم من السوق يستمر لساعات ليوم واحد فقط، طالب عدد من المواطنين تنظيم عمل فيه خلال أوقات افتتاحه وبعدها.

يقول المواطن عبد الخالق قادر (76 عاماً)، إن هذا السوق يغلق الطريق، يجب على المسؤولين القيام بتنظيمه، ونقله إلى منطقة أخرى بسبب عدم قدرته على السير فيه حسب وصفه.

من جانبه يشتكي محمد مصطفى (31 عاماً) أن "الباعة وأصحاب المحلات لا ينظفون اماكنهم بعد انتهاء السوق، ولا يجب علينا إلقاء اللوم فقط على البلدية بل نحن أيضاً مخطئون، إذ لا يوجد تعاون بيننا في هذه المسألة".

وأضاف ان "الباعة المتجولين وأصحاب المحلات يتجاوزون على الرصيف ويصلون إلى الشارع حتى، وعندما نقدم الشكوى إلى القائمقامية يأتون فقط لمحاسبة أصحاب المحلات وليس الجميع".

من جانب أخر، كشف البائع المعجنات في السوق مصطفى خورشيد (18 عاما) عن تسجيل عدد من السرقات داخل السوق، قال انه شخصيا سرق منه 30 كيلو من المعجنات، وطالب بتشديد الامن داخله.

مع زوال ساعات الظهيرة يهدى الضجيج الباعة والمتسوقين في سوق الجمعة، ليكون متنفسا لذوي قليلي الدخل.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT