تتعرض أوراق أشجار التين في سنجار للتساقط، فيما تذبل ثمارها قبل أن تنضج، والمتضرر الأكبر هم المزارعين الذين يعزون أسباب ما يحدث الى العواصف الترابية وارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن الجهل بكيفية الاعتناء بالأشجار.
انتاج التين في العراق وصل الأسواق المحلية منذ أكثر من اسبوعين، ويعرف قضاء سنجار غربي محافظة نينوى بأحد مناطق العراق التي تمتاز بإنتاج أجود أنواع التين، لكن تراجع حجم الانتاج بات مصدر قلق للمزارعين.
داود عمر قولو، من أهالي مجمع بوركه بناحية سنوني التابعة لسنجار يمتلك بستاناً في قريته (كرسى) يضم 300 شجرة تين، يقول داود بأن قسماً من الأشجار ذبلت تماماً، وقسم منها لم يعد صالحاً للإنتاج، لم تكن عند داود احصائية بعدد الأشجار التي تعرضت للجفاف، لكنه قال بأنه يتوقع أن يقل انتاج هذا العام.
العام الماضي باع داود أكثر من 10 أطنان من التين، إجمالاً، أنتجت كل شجرة 35 كيلوغراما، سعر الكيلو الواحد تراوح بين خمسة آلاف و 15 ألف دينار، بحسب داود، وهذا السعر يتفاوت حسب موعد النضوج.
بصورة عامة شهد تغير المناخ في المنطقة، الأتربة تغطي أوراق أشجار التين لذا يتعرض بعضها للجفاف قبل النضوج، يقول داود، "العواصف الترابية أثرت سلباً على الانتاج... وربما يكون ارتفاع درجات الحرارة هذا العام من الأسباب الأخرى".
انتاج بساتين سنجار من التين يتم تسويقه على الأغلب في الموصل ودهوك، "يتمتع تين سنجار بمذاق خاص، لونه أحلى مقارنة بالتين المنتج في المناطق الأخرى وهذا ما جعل الاقبال يزيد عليه".
في 8 آب، وصفت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة شهر تموز 2023 الأكثر حرارة خلال الـ120 ألف سنة الماضية.
في العراق، بالتحديد وفي قضاء خانقين التابع لمحافظة ديالى، سجلت درجات حرارة وصلت الى 52 درجة مئوية، في حين وصلت الى 49 درجة في سنجار.
شعبة الزراعة في الناحية مطّلعة على وضعنا، لكنني لا أعتقد بأن لديهم الصلاحية لمساعدتنا
وقال داود، "مهما يكن، لا نستطيع التخلي عن بساتيننا، لأنها مصدر دخلنا الوحيد، يجب أن نفكر في الحفاظ عليها".
وفقاً لإحصائيات كل من شعبة الزراعة في سنجار وسنوني، توجد 50 ألف شجرة تين في القضاء تقع معظمها وعددها 40 ألف ضمن حدود ناحية سنوني، لكن هذه الاحصائيات لا تشمل كافة البساتين، لأن مسؤولي الزراعة يقولون أن هناك عدداً كبيراً لم يتم تسجيله بعد.
يملك خيري قاسم خوديدا واثنان من اشقائه بستاناً يضم 100 شجرة تين بناحية سنوني، قل انتاج حوالي 400 شجرة منها لنفس الأسباب التي تحدث عنها داود.
يقول خيري بأنه باع ما قيمته 25 مليون دينار عراقي من التين العام الماضي، ويتوقع أن تتراجع ايراداته هذا العام الى 15 مليون.
بشكل عام ينضج التين أواخر شهر تموز ويستمر الانتاج حتى نهاية شهر تشرين الأول.
"شعبة الزراعة في الناحية مطّلعة على وضعنا، لكنني لا أعتقد بأن لديهم الصلاحية لمساعدتنا"، بحسب خيري.
الخبير في مجال الزراعة، طلال سعيد (لديه شهادة ماجستير في المجال) ويقيم في سنجار ينصح المزارعين بعدم رش أشجار التين بالماء بعد العواصف الترابية، "لأن ذلك يؤدي الى ذبول الأوراق وضمور الثمار وأحياناً الأشجار"ـ ويضيف "يجب رش أشجار التين ببعص المركبات الخاصة لإزالة تأثير الأتربة".
وأعرب طلال عن استعداده لإرشاد وتوعية المزارعين بهذا الخصوص في حال حصوله على الدعم اللازم. وقال "توعية المزارعين معدومة في هذه المنطقة، لذا يتراجع الانتاج وتجف الأشجار".
"شح المساه وارتفاع درجات الحرارة أضرا بجميع المحاصيل، يجب إرشاد المزارعين حول كيفية التعامل مع التغيرات المناخية من اجل حماية انتاجهم".
نفكر في تقليل الأضرار التي يتعرض لها المزارعون، لكننا نحتاج الى الدعم المادي
بحسب إحصائية غير رسمية لشعبة الزراعة في سنجار، قرابة 4000 شجرة تين أو انتاجها تعرضت للجفاف.
محسن علي، مسؤول قسم المتابعة في شعبة زراعة سنجار، قال لـ(كركوك ناو)، "هذه الإحصائية غير دقيقة، لأننا لم نجرِ مسحاً ميدانياً، لكن الحقيقة هي أن اشجار التين وانتاجها تعرضت لجفاف كبير".
في الوقت الذي يأمل فيه قسم من المزارعين بأن يحصلوا على تعويضات من الحكومة، يقول محسن "حتى الآن لم يتم صرف تعويضات الأضرار التي لحقت بمحاصيل الحبوب خلال العام الماضي".
من جانبه يقول بركات عيسى، مسؤول شعبة الزراعة في سنوني، ان "ارتفاع درجات الحرارة والعواصف الترابية أضرت بالعديد من المحاصيل الأخرى، منها العنب، البلوط، الخضروات، الطماطم، الخيار والبطيخ"، لكنه يؤكد ان "هناك اسباب أخرى لجفاف أشجار التين، من ضمنها أن قسماً من المزارعين أهملوا بساتينهم، وقسم آخر منهم لا يستطيعون الاعتناء بها بالشكل المطلوب بسبب الأوضاع الأمنية، حيث تتعرض مناطقهم بين فترة وأخرى للقصف".
على نطاق العراق، تشتهر سنجار، الى جانب التين، بإنتاج العنب، والعسل، والتبغ ومحاصيل أخرى.
وقال بركات عيسى، "نفكر في تقليل الأضرار التي يتعرض لها المزارعون، لكننا نحتاج الى الدعم المادي".