الكهرباء الوطنية بالكاد كانت تصل لبيت صلاح محمد في ناحية العباسي جنوب غربي محافظة كركوك، الطاقة الكهربائية كانت شحيحة يتعذر معها تشغيل المضخات التي كان يستخدمها للتزود بمياه الشرب.
"غياب الكهرباء تسبب لنا بأزمة مياه، الكهرباء كانت متردية وتنقطع باستمرار، التيار كان ضعيفاً بالكاد نشغل به المصابيح، معظم أجهزتنا المنزلية تعطلت نتيجة لذلك"، حسبما قال صلاح الذي يعمل مزارعاً في قرية الطارقية.
قبل أربع سنوات، بادر صلاح بنصب نظام الطاقة الشمسية لمنزله للتزود بالطاقة الكهربائية، تبعه العديد من سكان القرية.
من مجموع 60 عائلة في قرية الطارقية، 40 بالمائة منها لجأت لاستخدام أنظمة الطاقة الشمسية بدلاً من الكهرباء الوطنية وكهرباء المولدات الأهلية.
نظام الطاقة الشمسية، فضلاً عن اعتماده على طاقة الشمس لإنتاج الكهرباء، يعتبر صديقاً للبيئة، بخلاف مولدات الكهرباء التي تلوث البيئة والهواء بالأدخنة.
"نظام الطاقة الشمسية عديم الضوضاء ونظيف، هذا أفضل من دفع أجور المولدات أو شرائها، والتي لا توفر لنا الكهرباء بشكل مستمر".
نظام الطاقة الشمسية عديم الضوضاء ونظيف، هذا أفضل من دفع أجور المولدات أو شرائها، والتي لا توفر لنا الكهرباء بشكل مستمر
ينعم صلاح الآن بالكهرباء 24 ساعة باليوم، النظام يعتمد نهاراً على طاقة الشمس وفي الليل يستمدها من البطاريات التي تخزن الطاقة.
تعتمد كلفة نصب وتركيب منظومة الطاقة الشمسية على عدد ألواح الطاقة الشمسية وعدد الأمبير المطلوب انتاجه للوحدة السكنية. عقيل محمد، مدير شركة خاصة بنصب أنظمة الطاقة الشمسية أوضح بأن "كل 10 أمبير من الكهرباء يكلف نحو ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف دينار".
يمكن الاستفادة ايضاً من النظام في مجال الزراعة، بالأخص لتأمين مياه الري، "لم تعد لديهم مشكلة الكهرباء والماء، كما أن بيئة القرية أصبحت نظيفة".
أنظمة الطاقة الشمسية انتشرت على نطاق واسع في مناطق جنوب وجنوب غرب كركوك، وهناك قرى يعتمد جميع ساكنيها على هذه الأنظمة.
عمران عبد، مزارع في قرية الصمود بكركوك، متزوج وأب لخمسة أطفال، نصب قبل شهر منظومة طاقة شمسية لمنزله لنفس الأسباب التي تحدث عنها صلاح فيما يخص تردي الكهرباء وتعذر الحصول على المياه.
"الكهرباء الوطنية لم تكن قادرة على تشغيل المضخات التي تعتبر السبيل الوحيد للتزود بمياه الشرب وري الحقول".
عمران نصب منظومة طاقة شمسية بكلفة 8 ملايين وتسعمائة ألف دينار قادرة على تزويده بـ70 أمبير، "الآن أستطيع ري محاصيلي دون مشاكل، ولم تعد لدينا مشكلة شح مياه الشرب، نظام الطاقة الشمسية يناسبني مائة بالمائة"، لكنه اشار الى أن العشرات من العوائل غير قادرة على تحمل تكاليف نصب هذه المنظومات، الأمر الذي يؤدي الى تراجع الزراعة.
واضاف عمران، "كافة محاصيلي جفت، تكبدت خسائر كبيرة، بدأت بالزراعة من جديد".
شركات نصب منظومات الطاقة الشمسية تقول أن هناك عدة أنواع من هذه المنظومات بحسب القدرة المادية للزبائن.
كافة محاصيلي جفت، تكبدت خسائر كبيرة، بدأت بالزراعة من جديد
عقيل محمد، مدير شركة النبع الهادر لنصب أنظمة الطاقة الشمسية في كركوك قال إن لبعض من بطاريات النظام ضمان خمس سنوات وهي صالحة للاستخدام لمدة 15 سنة.
"أنظمة الطاقة الشمسية تستخدم بشكل أوسع في القرى وليس داخل المدن، لأن وضع الكهرباء الوطنية أفضل في المدن فضلاً عن وجود المولدات الأهلية".
يتراوح عدد ساعات تجهيز المواطنين بالكهرباء الوطنية داخل مدينة كركوك بين 14 و 15 ساعة يومياً، لكن سكان القرى لا يستفيدون منها بالشكل اللازم بسبب انخفاض مستوى الفولتية.
يعتبر قضاء الحويجة جنوبي كركوك والذي يعتمد أغلب سكانه على الزراعة وتربية المواشي، أحد اقضية كركوك التي لجأ معظم مزارعيها لاستخدام أنظمة الطاقة الشمسية.
هذه الخطوة أسعدت المهتمين بمجال حماية البيئة، لأن نظام الطاقة الشمسية لا يلوث الهواء.
هلو غازي، رئيس منظمة الدبس لحماية البيئة قال "المولدات التي تزو مواطني مدينة كركوك بالكهرباء تلوث البيئة والهواء بأدخنتها، فضلاً عن انبعاث الغازات السامة كأول أوكسيد الكربون والتي ينتج عنها تغير المناخ وارتفاع معدلات درجة الحرارة".
ويرى غازي بأن من الضروري نقل النموذج المتبع في القرى الى داخل المدينة.
"إذا تم اللجوء للطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية، سيتقلص انبعاث الغازات الملوثة وستنخفض درجات الحرارة"، وأردف قائلاً، "خلال الصيف تسحب أجهزة التكييف الغازات الملوثة الى داخل الغرف ما يؤثر على صحة الانسان وبيئة المنزل"، بحسب هلو غازي.
وتابع، "ما دامت الحكومة غير قادرة على توفير الكهرباء بالشكل المطلوب، يمكنها مساعدة المواطنين في تأمين تكلفة نصب أنظمة الطاقة الشمسية، على سبيل المثال هن طريق منح قروض".
"النظام سيقلل من هدر المياه، جزء كبير من مياه المنازل تستخدم خلال الصيف لتشغيل المبردات الهوائية، لكن إن كان لديك ما يكفي من الكهرباء ربما لن تحتاج لاستخدام المبردات".