يتنقل "هزار" وفريقه من مدينة إلى أخرى بحثاً عن الأشجار المعمرة، يجمعون المعلومات عنها ويتكفلون بحمايتها، نظير الخدمة التي قدمتها هذه الأشجار للبيئة كجنود مجهولين.
الأشجار والمساحات الخضراء أولوية للمهتمين بقضية البيئة، ومنظمة الأمم المتحدة تعتبر ذلك دائماً طريقة مؤثرة وفعالة لمواجهة مخاطر التغير المناخي.
مبادرة هزار عبدالله، تخدم الطبيعة والبيئة من خلال المحافظة على الأشجار التي تحمي هواء المدينة من التلوث على مدار قرن أو أكثر. مشروع (تسجيل 100 شجرة معمرة) خطوة أولى تتبعها خطوات أكبر.
"الهدف هو الاعتناء بالمساحات الخضراء ويكون للمواطنين والجهات ذات الصلة وعي ومعلومات حول زيادة السماحات الخضراء وحماية الأشجار الموجودة"، حسبما قال هزار، مدير المشروع الذي انطلقت مرحلته الأولى في آب 2021 والثانية في تموز 2024.
العمل يسير بوتيرة بطيئة نسبياً، لأن طبيعة المهمة ليست سهلة فهي تحتاج إلى الكثير من البحث والاستفسار. حتى الآن تم تسجيل 14 شجرة معمرة في محافظتي السليمانية وحلبجة.
ويقول هزار بأن فريقه يسعى في إطار المشروع لتقدير الأشجار المعمرة، "هذه الأشجار تخدم البيئة كجنود مجهولين منذ أمد طويل".
المعيار الرئيسي والبسيط للمشروع هو تسجيل كل شجرة عمرها 100 عام أو أكثر، عمر بعضها تجاوز 150 عام.
"تقع بعض الأشجار المعمرة ضمن مناطق مأهولة بالسكان، لذا تعرضت لأضرار وبحاجة ماسة للحماية"، بحسب هزار عبدالله.
مشروع حماية وتسجيل الأشجار المعمرة تشرف عليها منظمة بيئية بالتنسيق مع شرطة غابات وبيئة السليمانية.
ولفت هزار إلى أن العمل التطوعي جزء مهم من نجاح المشروع، "هذه قضية معاصرة وبيئية، تحظى بالاهتمام في جميع الدول، هذه الأشجار تصبح معالم مهمة للمنطقة وتجذب السياح".
أي شجرة معمرة، بعد العثور عليها وجمع المعلومات عنها وتسجيلها، يتم تسييجها من أجل حمايتها، كما توضع عليها علامات تحذيرية للتأكيد على ضرورة المحافظة عليها.
تتم محاسبة الأشخاص الذين يقطعون الأشجار في حال وصل عمرها لسنة أو أكثر
أنور رشيد، الساكن في منطقة كوسة جم بالسليمانية، أشار إلى وجود شجرة معمرة وسط شارع الحي، ورغم المحاولات لقطعها إلا إنها لا زالت سليمة.
"لهذه الشجرة تاريخ طويل، نريد المحافظة عليها كرمز تاريخي لهذا الحي، لولا حرص سكان الحي على أهمية هذه الشجرة لكانت قد قطعت أو اقتلعت الآن. حافظنا عليها ونسقنا مع المنظمة البيئية لتسجيلها وحمايتها"، حسبما قال أنور.
بموجب القوانين المعمول بها في اقليم كوردستان، عقوبة قطع شجرة تبدأ من التغريم بمبلغ 150 ألف دينار وتصل الى الحبس لفترة لا تقل عن ستة أشهر، لكن العقوبة بموجب القانون العراقي تبدأ من التغريم بمبلغ 25 ألف دينار وتصل إلى السجن لفترة تصل سنتين.
المتحدث باسم شرطة الغابات، هيمن كمرخان، قال لـ(كركوك ناو)، "تتم محاسبة الأشخاص الذين يقطعون الأشجار في حال وصل عمرها لسنة أو أكثر"، وأوضح بأن المخالف يعاقب بدفع غرامة قدرها خمسة ملايين دينار إضافة إلى الحبس وإلزامه بزراعة شجرة أخرى محل الشجرة المقطوعة.
تلعب الأشجار دور مرشحات للهواء، حيث تنقيها من الغازات السامة، الغبار والأدخنة، فضلاً عن فوائدها البيئية الأخرى، وذلك وفقاً للدراسات التي نشرتها منظمة الأمم المتحدة.
مدير مشروع تسجيل الأشجار المعمرة يقول بأنهم يعتزمون توسيع نشاطاتهم لتشمل كافة مدن إقليم كوردستان.
ويقول هزار بأن فريقه يعتمد على عدة طرق في تسجيل الأشجار المعمرة، من بينها الروايات التاريخية للمختصين وسكان المنطقة، "على سبيل المثال، توجد شجرة دلب في مسجد خورمال الكبير بحلبجة يتراوح عمرها بحسب الروايات بين 500 و 600 سنة".
تشمل النشاطات الأخرى لفريق المشروع تنظيف محيط الأشجار ومعالجة المشاكل التي تتعرض لها.
"وحدنا شجرة في حي عوال بالسليمانية تكاد تختنق لأنها كانت مغطاة بالسمنتـ قمنا بتكسير السمنت نظفنا تربة الشجرة وأجرينا بعض الخطوات العلمية لإنعاشها"، بهذه الطريقة يعتني فريق هزار الذي يضم خبيراً زراعياً بالأشجار.
أعمار الأشجار تتفاوت حسب نوعها والبيئة التي تنمو فيها. توجد في العالم أشجار تعمر لبضعة آلاف من السنين، بحسب منظمة الأمم المتحدة.
في الختام، ينشر مشروع تسجيل الأشجار المعمرة كتيباً للرأي العام يضم صور، أعمار وأنواع الأشجار التي تم تسجيلها.
انتجت هذه المادة في إطار برنامج توسيع دور المرأة في تغطية القضايا البيئية. البرنامج ينفذ من قبل مؤسسة (كركوك ناو) بدعم وتمويل من وزارة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية.