من البیئة

البذور "الأجنبية" تهدد صحة الحوامل وتؤثر على الإنجاب

  • 2025-06-13
البذور "الأجنبية" تهدد صحة الحوامل وتؤثر على الإنجاب
السليمانية/ أيار 2025/ حقل زراعي في قرية كوبتبة بناحية آغجلر التابعة لقضاء جمجمال    تصوير: ساكار عبدالله
ساكار  عبدالله

زراعة بذور النباتات الأجنبية المستوردة والمطلية بمواد كيميائية تؤثر وفقاً لمختصين في مجال الصحة والزراعة على القدرة الإنجابية وصحة النساء الحوامل، من ضمنها الولادة المبكرة ونمو الجنين، ويتزامن ذلك مع استيراد كميات كبيرة من هذا النوع من البذور التي لا تنمو بدون استخدام مواد كيميائية.

هذه البذور التي يطلق عليها المزارعون البذور "التجارية" والتي يستورد معظمها من الخارج، من ضمنها بذور الخضروات والفواكه، لا يمكن إنتاج بذور منها في الموسم التالي، ويثير ذلك جدلاً مستمراً بين المزارعين وخبراء الزراعة والصحة الذين يتفقون على أنها مضرة لصحة الإنسان، بالأخص فيما يتعلق بالصحة الإنجابية.

على ضفاف الزاب الصغير، في قرية كوبتبة التابعة لناحية "آغجلر" بمحافظة السليمانية يزرع توانا عارف (28 سنة)، مع والده سنوياً مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية بالخضراوات والفواكه باستخدام البذور المستوردة.

توانا تطرق إلى الجدل الدائر حول البذور الأجنبية المستوردة بالقول، "في الماضي، عندما كنا نزرع البذور، كان بإمكاننا إعادة انتاج البذور من المحاصيل لسنوات عديدة، أما الآن، فقد أصبحت البذور معدلة وراثيًا وقسم كبير منها لا ينمو أو لا تنتج شيئاً".

Tamata

السليمانية/ أيار 2025/ أحد حقول إنتاج محصول الطماطم في قرية كوبتبة بناحية آغجلر      تصوير: ساكار عبدالله 

البذور التجارية مكسوة بمواد كيميائية، وقد تغيرت جيناتها ما أدى إلى اختلاف نوع وطعم وحجم ولون المحصول مقارنةً بالمحلي.

وقال توانا، "على سبيل المثال، عند شراء بذور البطيخ، لا تُثمر إلا لمدة عام واحد، ونحتاج إلى بذور جديدة في العام التالي...."، وأضاف، "هذه البذور مُعالجة بمواد كيميائية ولا يُمكن أن تنمو بدونها، كما أن محصول البطيخ الناتج ليس كالمحصول المحلي ويحتاج نموه إلى استخدام الكثير من المواد الكيميائية لأن بذورها لا تلائم بيئة المنطقة".

وقال توانا، "على الرغم مما يقال عن تأثيرها السلبي على صحة الإنسان، نشعر بضرورة استخدامها، لأننا  لن نستطيع حينها انتاج المحاصيل".

أوميد أحمد، مهندس زراعي حاصل على شهادة الماجستير في بيولوجيا التربة، أشار إلى أن التعديل الوراثي للبذور واستخدام المواد الكيميائية يضر بصحة الإنسان لأنها تنتقل إليه عند استهلاك المحصول، "التأثير يظهر بشكل أكبر لدى الذين يتعاملون بشكل أكبرمع المحاصيل والنباتات".

يعتمد المزارعون حاليًا على أنواع مُختلفة من الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية المستوردة لزراعة محاصيلهم، على عكس البذور المحلية التي كانت تتطلب في السابق استخدامًا محدودًا للأسمدة والمبيدات الحشرية.

وقال أوميد محمد، إن " البذور المحلية كانت تتميز بقدرتها على التكيف مع مناخ المنطقة، وكان من الممكن إعادة إنتاجها وزراعتها سنويًا، لكن هذه البذور المعدلة وراثيًا، التي تنتجها الشركات، تُقدم غلة عالية، لكنها ضارة ومكلفة، علاوة على ذلك، لا يمكن إعادة إنتاجها وزراعتها في العام التالي".

حول الكيفية التي تسبب بها البذور التجارية أضراراً لصحة الإنسان أوضح المهندرس الزراعي بأن البذور المغلفة بالمواد الكيميائية تتحلل في التربة مما يُلوث المياه الجوفية وتدخل في مكونات نباتات أخرى ويتغير الصفات الوراثية للنباتات، وعند استهلاكها، تختلط هذه المواد بجسم الإنسان".

شنه شريف، باحثة في هيئة كوردستان للدراسات الاستراتيجية والبحوث العلمية أشارت إلى أن هذه البذور المعدلة تفقد قيمتها الغذائية مقارنةً بنظيراتها الأصلية.

وأضافت،"عندما تُعدل البذور وراثيًا لتحسين طعمها أو لونها أو حجمها، يرافق التعديل استخدام مواد كيميائية نظرًا لأنها غير طبيعية وتحتاج للمواد الكيميائية والأسمدة لمقاومتها لكي تنمو وتقاوم الآفات، ورغم أنها قد تشبع المستهلك، إلا أنها خالية من الفيتامينات والمعادن الأساسية".

Bainjan

السليمانية/ أيار 2025/ حقل لإنتاج محصول الباذنجان في قرية كوبتبة بناحية آغجلر      تصوير: ساكار عبدالله

تعتقد سوزان جلال، طبيبة أمراض النساء والتوليد، أن التعديل الوراثي بحد ذاته لا يُشكل خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان إذا لم تستخدم المواد الكيميائية مع البذور، لكن  أبحاث هيئة كوردستان للدراسات الاستراتيجية والبحوث العلمية تشير إلى أن "قسماً كبيراً من بذور الخضروات والفواكه المعدلة وراثياً لا تنمو بدون استخدام المبيدات الحشرية ولا تتحمل الحرارة والبرودة".

وتقول شنه، إن "أي مبيدات حشرية أو مواد كيميائية تُستخدم على النباتات تنتقل أضرارها إلى التربة، ومن ثم إلى الإنسان ويكون لها تداعيات صحية"

وتقر سوزان جلال بأن تغليف البذور بمواد كيميائية من أجل حمايتها يكون له تأثيرات سلبية على صحة الإنسان، "يمكن أن تُسبب هذه المواد الكيميائية ولادات مبكرة، واضطرابات هرمونية، ومشاكل في الإنجاب، كما تؤخر نمو الجنين".

الأضرار بحسب المختصين في مجال الصحة والزراعة يكون بشكل أكبر على الأشخاص الذين لديهم تماس مباشر مع البذور المعدلة وراثياً ومحاصيلها.

وتنصح سوزان جلال النساء الحوامل بتجنب الاقتراب من المبيدات والمواد الكيميائية وكذلك الحقول الزراعية التي التي تُستخدم فيها هذه المواد.

أكثر

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT