يحذر الأطباء من الآثار الصحية المترتبة عن حرق النفايات الطبية بالقرب من المناطق السكنية في مدينة دهوك، بالأخص على النساء الحوامل، ما قد يؤدي إلى موت الجنين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، فضلاً عن تداعيات أخطر على الأطفال في المستقبل.
توجد في مركز دهوك محرقتان للنفايات الطبية تقعان داخل مستشفى آزادي ومستشفى الحروق، حيث تنتشر انبعاثات المحارق في سماء المدينة وتلوث البيئة.
بناز سالم، منتسبة في مستشفى الحروق بدهوك تقول إن العاملين في المستشفى يستنشقون انبعاثات المحرقة وغالباً ما يتعرضون لضيق التنفس.
بناز، وهو إسم مستعار اختارته لتجنب المساءلة، قالت "لم أجر بعد أي فحوص لمعرفة وضع الجنين ومدى تأثير إنبعاثات محرقة النفايات الطبية عليه، لكنني أشعر بالخوف، لأنني كنت أتعرض بشكل مباشر للإنبعاثات".
جزء كبير من النفايات تُحرق خلال ساعات الدوام الإعتيادية ما يؤثر بشكل مباشر على العاملين في المستشفى، وتقول بناز إنها طالبت عدة مرات بحرق النفايات في أوقات المساء أو الليل لكي يقل تأثيرها على العاملين في المستشفى، لكنها لم تجد آذاناً صاغية.
يقع المستشفيان في منطقة كثيفة سكانياً، الأدخنة المتصاعدة لا تؤثر على منتسبي المستشفيين فقط بل أيضاً على الساكنين في محيطهما.
الشهر الماضي، توقفت محرقة مستشفى حروق دهوك عن العمل لمدة أسبوع ما أدى إلى تكدس النفايات الطبية داخل المستشفى، رائحة النفايات، بحسب بناز، كانت أسوء من الأدخنة بعشرة أضعاف.
وفقاً للمختصين، حين يدخل الهواء الملوث رئتي الأم الحامل ويسبب لها مشاكل صحية، تنتقل هذه المشاكل إلى الجنين وتؤثر عليه.
جنان نوري، بروفيسورة مساعدة في مجال الأمراض النسائية والتوليد، تقول إن الحوامل يتأثرن بشكل أكبر بالأدخنة التي تدخل الرئة عن طريق التنفس، "يصبحن كالمدخنين، يصبن بضيق التنفس".
وتضيف جنان نوري، التي تداوم في مستشفى الولادة بدهوك، "حين تستنشق إمرأة حامل هواءً ملوثاً، ينتقل عن طريق الدم إلى الجنين، ما يؤثر على وزن الجنين ونموه، وفي بعض الأحيان يؤدي إلى موت الجنين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل"، وشددت على أن "الهواء الملوث من الأسباب الرئيسية لموت الجنين".
عن التداعيات المستقبلية على صحة الطفل بعد الولادة، قالت جنان، "قد يصاب بأمراض الجهاز التنفسي أو السرطان... هذه الأمراض تنتشر بين الأشخاص الذين ينشأون في منطقة هواءها ملوث".
منظمة الصحة العالمية تحذر من أن تلوث الهواء داخل وخارج المنزل من التهديدات الكبيرة على الحياة والمناخ، حيث يتسبب بالوفاة المبكرة لنحو سبعة ملايين شخص في العالم سنوياً.
يستخدم لحرق النفايات الطبية النفط الأسود وزيت الغاز (الديزل)، وهي بحسب خبراء البيئة، طريقة غير صحيحة وتؤدي إلى انبعاث الدخان الأسود وثاني أوكسيد الكربون.
إلى جانب الأضرار التي يسببها للجهاز التنفسي مثل الإصابة بمرض الربو، يؤدي غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى تخثر الدم ومضاعفاته أكبر بالنسبة للنساء الحوامل.
إخصائي أمراض السرطان في دهوك، جكدار أحمد، قال لـ(كركوك ناو) إن "الأدخنة تؤدي إلى انتشار غاز ثاني أوكسيد الكربون ما يؤثر بشكل مباشر على الإصابة بالربو وضيق التنفس".
وأوضحت الدكتورة جنان نوري، "إذا كانت المرأة مصابة بالربو ومضطرة لتناول الأدوية، فمع استنشاق الهواء الملوث بالدخان، سيتأخر حملها مقارنة بغيرها... النساء اللاتي يعانين من الربو معرضات لخطر فقدان الجنين".
لذا يرى جكدار أحمد أن من الأفضل حرق النفايات الطبية وعدم طمرها، "لأن تهديدها يكون أكبر في حال تم طمرها، لكن الطريقة الأمثل هو إناء محارق النفايات الطبية خارج المدن وليس داخل المستشفيات والأماكن القريبة من المناطق السكنية".
مدير عام صحة دهوك، أفراسياب موسى، قال إن النفايات الطبية كلها لا تُحرق، بل أن قسماً منها يتم طحنها كالنفايات الزجاجية، ما يتم حرقه هي مستلزمات وملابس المرضى والكوادر الطبية.
وأشار موسى إلى أن أجهزة المحرقة الموجودة في مستشفى آزادي قديمة وتعود لثمانينات القرن الماضي.
المحرقة بحاجة لإعادة التأهيل لكي تؤدي عملها بشكل أفضل ولا تنبعث منها أدخنة، وأضاف أفراسياب "من المفترض أن لا تنبعث منها أدخنة، لكن في بعض الأحيان لا تعمل الفلاتر (المرشحات). أريد أن أطمئن السكان بأ، الدخان الأسود المتصاعد ليست للأدوية والمواد الكيميائية التي تؤثر على البيئة والصحة العامة"، وتابع قائلاً إن "الأدخنة لا تنبعث منها كل يوم، بل ربما مرة واحدة في الشهر".
وقال إن دائرة الصحة ليس لديها خطط لنقل المحرقة إلى موقع آخر.