مسيحيو قضاء تلكيف، يعيشون في ظروف صعبة منذ قرابة خمسة اعوام في النزوح ولا يستطيعون العودة الى ديارهم لوجود ثلاثة معوقات، اهمها وجود سجن التسفيرات ومحكمة مكافحة الارهاب في مركز القضاء مع الدمار الذي لحق بالمنازل وعدم وجود فرص العمل.
قضاء تلكيف يقع شمال مدينة الموصل، تم استعادته من قبضة تنظيم داعش في 2017 ومنذ ذلك التاريخ عاد عدد قليل من المسيحيين الى منازلهم، اما البقية يفضلون العيش في مخيمات النزوح ومدن اقليم كوردستان والمحافظات العراقية.
سفيان عدنان، مسيحي من سكنة مركز قضاء تلكيف وبعد قضائه اربعة اعوام في النزوح وبعد اعمار منزله عاد الى تلكيف وقال لـ (كركوك ناو) "عودة المسيحيين الى تلكيف قليلة جدا، يعود قرابة ثلاثة الى اربعة عائلة شهريا الى القضاء، وذلك لعدة اسباب".
العائق الاول امام عودة النازحين المسيحيين الى ديارهم، هي وجود محكمة مكافحة الارهاب وسجن التسفيرات في مركز قضاء تلكيف وكثرة القوات الامنية المنتشرة في اطراف القضاء، والذي اصبح مصدر قلق للمسيحيين.
"وتضرر اكثر من 80 منزلا للمسيحيين في مركز القضاء بعد سيطرة داعش عليه، احترق عدد منها وهدم عدد اخر، وقبل قرابة عام، اعيد اعمار المنازل المتضررة بدعم من الكنيسة والمشروع لاعادة اعمار القضاء لا يزال مستمرا"، سفيان عدنان قال ذلك.
وبحسب اقوال هذا المواطن، ان السبب الرئيسي امام عدم عودة الناس، هو عدم وجود فرص العمل، وعلى الحكومة العراقية والمنظمات الدولية العمل على توفير الفرص وتسهيل الحصول على العمل في تلكيف.
الاف الاسر بعد مرور اكثر من ثلاثة اعوام على استعادة مناطقهم في محافظة نينوى، يفضلون العيش في النزوح على العودة الى ديارهم، وذلك بحسب احصائية للمديرية العامة لشؤون المسيحيين في وزارة الاوقاف بحكومة اقليم كوردستان،الا ان العائدين يعانون من قلة الخدمات وعدم اعمار مناطقهم.
قائممقام قضاء تلكيف، باسم يعقوب بلو، قال في تصريح لـ (كركوك ناو) ان "نسبة عودة النازحين الى مركز القضاء قليلة جدا ويرجع لعدة اسباب، منها كثرة تواجد القوات العسكرية، واستطيع ان اقول بأن تلكيف تحول الى مدينة عسكرية، والمواطنين يخشون العودة".
"يوجود سجن لاحتجاز الارهابيين، ومحكمة مكافحة الارهاب في نينوى في تلكيف، والاخطر منهما وجود الخلايا النائمة لداعش في المنطقة، وفي هذه الحالة كيف يتمكن النازحين من العودة؟".
وتابع قائممقام سنجار "الشوارع والمدارس مع المستشفيات وشبكات توزيع الكهرباء جميعها تضررت بسبب المعارك ولم يعيد اعادة اعمارها بعد، ومع ذلك فإن الحكومة العراقية لم تصرف اية مبالغ مالية لقضاء تلكيف منذ عام 2013 بالرغم من مطالبتنا بصرف مستحقات القضاء".
قضاء تلكيف والنواحي التابعة له كل من (القوش، وانكي وفايدة) يسكنها غالبية من انباء المكون المسيحي ويليهم المكون الشبكي والايزيدي مع المسلمين.
القس شاهر نوري، راعي كنيسة قلب اليسوع الاقدس في تلكيف قال لـ (كركوك ناو) ان "عدد من اهالي القضاء من المسيحيين استقروا في محافظة دهوك ويعملون هناك لذلك لا يرغبون بالعودة، اما الاخرين لديهم مخاوف من تعرضهم للاختطاف والقتل، بالرغم من ان الوضع الامني في القضاء مستقر".
وقدمت الكنيسة مساعدات للاهالي لتشجيعهم على العودة وتوفير فرص العمل للنازحين العائدين بالتنسيق مع منظمتين اجنبتين، على الرغم من دعمها لمساعدة المسيحيين على اعادة اعمار منازلهم.
"في حال اعادة اعمار جميع منازل تلكيف وقرية بطنايا، بالتأكيد سوف يعود المسيحيين النازحين الى منازلهم من دون تأخير" شاهر نوري، راعي كنيسة القلب الاقدس.
يوجد اكثر من مليون ومائتا الف نازح في اقليم كوردستان، 7 بالمائة منهم من ابناء الديانة المسيحية، بحسب احصائيات اللجنة المركزية المشتركة لتنسيق الازمات التابعة لوزارة الداخلية في الاقليم.
وبحسب احصائية للامم المتحدة، انخفص عدد المسيحيين في العراف من ميلون وخمسمائة شخصا الى 200 - 300 الف شخص.
رئيس مجلس قضاء تلكيف، عبد السلام شعبان، قال لـ (كركوك ناو) "اننا كمجلس القضاء لدينا تنسيق جيد مع المنظمات بهدف اعادة اعمار منازل المسيحيين وتوفير فرص العمل لشباب المنطقة، ونفذت المنظمات عشرات المشاريع وخصوصا للمسيحيين".
مشروع اعادة اعمار قرية بطنايا، تنفذ من قبل الامم المتحدة ومنظمة امريكية، ومن المقرر ان يُسلم المنازل الى اصحابها بعد الانتهاء من بناء مدرسة ومستشفى، لتشجيع الاهالي على العودة.
وأوضح رئيس مجلس قضاء تلكيف ان "اعمار منازل المسيحيين تننفذ على شكل مرحلتين، المرحلة الاولى شملت مركز تلكيف بعد القضاء على داعش في المنطقة، اما المرحلة الثانية شملت اطراف تلكيف وقرية بطنايا والتي بدأت في بداية عام 2019 والعمل جاري الى الان".
"52 عائلة مسيحية من اصل 1600 عائلة عادوا الى مركز قضاء تلكيف، الا ان الوضع بالنسبة الى تل اسقف وباتوفا مختلف تماما مقارنة بتلكيف لان اغلب النازحين عادوا الى منازله هناك"، هذا بحسب ماقاله عبد السلام اكد بأن عدم عودة النازحين الى تلكيف يتعلق بوجود محكمة مكافحة الارهاب وانتشار مكثف للقوات الامنية.
سيطر داعش على مدينة الموصل في منتصف 2014، وخير المسيحيين بين اعتناق الاسلام ودفع الحزية او ترك منازلهم، ولهذا السبب ترك اكثر من 136 الف مسيحي منازلهم في محافظة نينوى رغما عنهم باتجاه اقليم كوردستان.