"لا تسألوا عن سبب انتحاري، أمي لا تبكي رجاءا"، هذه الكلمات هي جزءا من رسالة وداع كتبه الشاب انور خدر، والذي يدعي اقاربه بأنه انتحر داخل احدى خيم النزوح شنقا.
في الساعة السابعة مساءا من يوم 24 كانون الثاني، وفي احدى ليالي الشتاء الباردة، كان انور يجلس داخل خيمته لوحده حاله حال باقي الايام، وكانت عائلته تنتظر مجيئه لحضور وجبة العشاء معهم.
أنور خدر علي (21 عاما)، كان يسكن في خيمته الخاصة لوحده، لانه كان طالبا في الصف السادس العلمي، لينشغل بدراسته ويبتعد عن بيئة المنزل.
"كنا ننتظر مجيئه لحضور وجبة العشاء، لم نكن نعلم بأن تلك الليلة كانت اخر ليلة له معنا، وبعدما تأخر علينا، ذهبنا الى خيمته، الا اننا رأينا مال لم نرغب رؤياه ، لان انوركام قد أنتحر شنقا داخل الخيمة" حسبما قالت ( سوزان ) الشقيقة الأصغر للقتيل.
ساعدناه كثيرًا وأردنا أن لا يفكر في شيء سوى دراسته
"قمنا بشراء خيمة خاصة به ومن الصدقات التي حصلنا عليه من الخيرين وقمنا بوضع الخيمة بالقرب من خيمتنا، لابعاده عن اجواء المنزل وأردنا له أن لا يفكر بشيء سوى دراسته والحصول على درجة عاليه كونه كان طالبا في الصف السادس العلمي".
قمنا بشراء الخيمة من الصدقات وضعنا خيمته بالقرب منا. وأضافت أخته: "لم نكن نعلم بانها ستصبح مكان موته. لقد ساعدناه كثيرًا وأردنا أن لا يفكر في شيء سوى دراسته".
قبل الحادث ، كان انور مع أخته الصغيرة يتبادلان الحديث داخل الخيمة، الا انه طلب منها الذهاب لتناول العشاء وبقي لوحده داخل الخيمة.
"كنا نساعده كثيرا، ونحثه على عدم التفكير بأي شيء سوى دراسته والحصول على درجات عالية"، سوزان قالت ذلك.
أنورر كان يعيش مع عائلته التي تتألف من أمه وأربعة أشقاء وخمسة شقيقات. قتل تنظيم داعش والده في 3 اب 2014 عند سيطرته على قضاء سنجار، ونزخوا منذ ذلك الحين الى محافظة دهوك ويسكنون في مخيم إيسيان للنازحين بقضاء شيخان.
"لم يكن لديه أية مشاكل في المنزل، لقد اعتبرناه بمثابة والدنا ، كان طيبا جدا معنا وكان وحاول باستمرار ان يجعلنا ننسى استشهاد والدنا" ، وتابعت سوزان ، "لقد كنا متعلقين به. وفي حال مغادرته المنزل لفترة طويلة كنا ننتظر عودته بفارغ الصبر".
الرسالة التي عُثر عليها في الخيمة، كانت مكتوبة بخط الشاب انور
تم العثور على رسالة وداع مكتوبة باللغة العربية بداخل خيمته، بحسب ما اشار اليه افراد عائلته كتبها انور قبل ان ينتحر.
وجاء في الرسالة التي حصلت (كركوك ناو) على صورة لها "اعتذر لكل شخص وخصوصا والدتي واشقائي وشقيقاتي، ولكنني شخص فاشل واعرف بأن حياتي ستصبح كلها أفشل من الفشل... اعتذر لامي واي شخص يحبني الحياة قصيرة وانا لا احب نفسي،.. لا تسألوا عن سبب انتحاري، لا تبكي أمي رجاءا".
وأرسلت القوات الامنية بعد الحادث، جثة انور والرسالة التي كتبها الى دائرة الطب العدلي في دهوك، الا ان تقرير الطب العدلي لم يصدر بعد لتحديد سبب الوفاة.
مدير مخيم إيسيان للنازحين وكالةً، سعدالله عبدالله قال لـ (كركوك ناو) "بحسب المعلومات المستحصلة من التحقيقات الاولية، هذا الشاب انتحر شنقا داخل خيمته، كما وأكد ذلك تقرير الطب العدلي، الا ان النتيجة النهائية لم يُكشف عنها بعد".
وتابع مدير مخيم إيسيان للنازحين: تبين من خلال التحقيقات الاولية، ان الرسالة التي عُثر عليها في الخيمة، كانت مكتوبة بخط الشاب انور.
وبحسب احصائيات سابقة لـ (كركوك ناو) والتي تم نشرها بتقرير، بالاعتماد على احصائيات منظمة مدنية وبورد شؤون الانسانية في محافظة دهوك، انتحر 20 شابا وشابة من معتنقي الديانة الايزيدية في عام 2018 في مخيمات النزوح.
"كان أنور الابن الأكبر لعائلته وتعيش العائلة على الصدقات التي تقدم لهم من الخيرين داخل المخيم والمناطق القريبه منه، كانت عائلتهم احدى افقر العائلات التي تسكن المخيم" قال لنا ذلك ( خليل خديدا قاسم) خال الشاب المرحوم .
وحول عائدات عائلة شقيقته قال اثناء حديثه مع (كركوك ناو) "حياتهم صعبة للغاية، لا يستطيع اي شخص ان يصف حالهم،.. مما أثر ذلك سلبا على حياة انور واصيب بنوع من عدم الإستقرار النفسي".
وبحسب ما اكده ذوي الشاب انور، استغاثت العائلة لاكثر من مرة بالمنظمات الانسانية لمساعدتهم، الا ان جميع نداءاتهم باءت بالفشل وكانت من دون إستجابة.
إلى جانب عائلة أنور ، تعيش الاف الاسر الايزيدية الأخرى منذ اعوام في ظروف معيشية صعبة، حيث لا يستطيع البعض منهم العودة الى مناطقهم الاصلية بسبب نقص الخدمات وإعادة البناء والاستقرار.
وتابع خال انور حديثه قائلا "الآن، أدعو جميع المنظمات الخيرية إلى مساعدة هذه العائلة قبل أن يُفكر اعضاء اخرون في العائلة بالانتحار".