يعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة الدولية للهجرة مع الشركاء من أجل إعادة تدوير الأنقاض لإعادة إعمار المنازل والمجتمعات، كجزء من الجهود المبذولة لتسهيل عمليات عودة النازحين.
حسب التقرير؛ يظهر التباين بين صور القمر الصناعي لقرية بويتر، بمحافظة كركوك، في الفترة من كانون الثاني عام 2015 إلى آذار عام 2019 الفارق الشاسع بينهما.
ففي القرية التي كان يوجد فيها في وقت من الأوقات مخططات متقنة للمنازل والمباني، أصبحت القرية، التي تبعد 35 كيلومتراً عن كركوك، بقعة مغشاة تتسم بفوضى الأنقاض ذات اللون الرملي وتطغي عليها النباتات.
على الأرض، يبدو أن مستوى الدمار ليس له نهاية. وقد باتت المنازل والمدارس والمحلات التجارية أكوام من الكتل الأسمنتية والأحجار، حصيلة صراع دام لسنوات.
وأدى الصراع مع ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (تنظيم داعش) الذي نشب في الفترة بين عامي 2014 و2017، إلى نزوح الملايين من العراقيين. وفي حين يعود الاستقرار إلى محافظة كركوك منذ عام 2017، حالت الأنقاض دون عودة السكان النازحين من قرية بويتر إلى ديارهم.
أهم شيء الآن هو إزالة كل هذه الأنقاض وإذا أمكن، مساعدة الناس على إعادة بناء منازلهم
ويقول إبراهيم خلف، أحد سكان قرية بويتر في التقرير" أهم شيء الآن هو إزالة كل هذه الأنقاض وإذا أمكن، مساعدة الناس على إعادة بناء منازلهم".
إن التعاون بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة الدولية للهجرة يساعد سكان بويتر مثل خلف، من خلال إعادة تدوير الأنقاض وتحويلها إلى مواد للبناء، حتى يتمكن الناس من إعادة بناء منازلهم – والعودة إلى حياتهم الطبيعية - مرة أخرى.
تُقدر المنظمة الدولية للهجرة، أنه حتى نيسان 2020، أن حوالي 100.000 شخص مازالوا نازحين داخلياً في محافظة كركوك شمال العراق.
والنازحون داخلياً هم أشخاص لم يعبروا الحدود الدولية بحثا عن الأمان ولكنهم انتقلوا إلى منطقة مختلفة داخل أوطانهم بسبب نشوب صراع أو وقوع كارثة. ويوجد حالياً مخيمان للنازحين في محافظة كركوك، لكن يعيش غالبية النازحين داخلياً في كركوك في المدن- إما الإقامة مع أقاربهم أو استئجار أماكن لإيوائهم.
وبينما يرغب مدير ناحية الملتقى التي تشمل قرية بويتر في عودة هؤلاء السكان السابقين إلى ديارهم، يقول علي حمادي، مساعد محافظ كركوك للشؤون الفنية، من المستحيل جذب الناس عندما تكون هناك "كميات ضخمة من الأنقاض".
يعد مشروع إعادة تدوير الأنقاض التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بمثابة المشروع الثاني من نوعه في العراق، بعد تدشين مشروع تجريبي في الموصل في عام 2019.
وتم تمويل هذه المشاريع، التي نُفذت بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة، من قِبل بنك التنمية الألماني في الموصل، ومن قِبل حكومة اليابان في كركوك.
وتقول جانين هنيس - بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق "بعد سنوات من نشوب الصراع، لا يزال يواجه العديد من العراقيين تحديات كبيرة فيما يتعلق بإصلاح وإعادة بناء مجتمعاتهم الممزقة".
وأضافت إن "حجم الدمار الذي لحق بالمناطق التي شهدت بعض أعنف المعارك لهو أمر مروع. وهذا المشروع لإعادة تدوير الأنقاض الناتج من الصراع وتحويله إلى مواد بناء لإعادة الإعمار ستغير حياة أولئك المتضررين بشكل كامل تقريباً. فسوف يمكنهم من إعادة تفعيل مجتمعاتهم. وأملي أن تمهد هذه المبادرة الطريق لمشاريع مماثلة في نواحي أخرى من العراق".
بعد الصراعات، يُجرى غالباً إلقاء الأنقاض بشكل عشوائي في الأراضي الخالية وفي الوديان. ويؤدي هذا إلى حدوث مشكلة تتمثل في إمكانية وجود المواد السامة مثل الأسبست ومخلفات الحرب الخطرة مثل الألغام والذخائر غير المنفجرة بين الأسمنت والأحجار.
تقدر سلطات كركوك أن حوالي 8 ملايين طن من الأنقاض الناتجة من جراء الصراع - تكفي لإعادة بناء أهرامات مصر
وحسب التقرير تقدر سلطات كركوك أن حوالي 8 ملايين طن من الأنقاض الناتجة من جراء الصراع - تكفي لإعادة بناء أهرامات مصر. ويتكون حوالي ثلثي هذه الأنقاض من الكتل الخرسانية والأحجار التي يمكن إعادة تدويرها. أما الثلث المتبقي من هذه الأنقاض فيتكون في المقام الأول من طوب اللبن.
ويقول حسن برتو، مدير برنامج في فرع إدارة الأزمات التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، "لن يتسنى عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة الدولية للهجرة في العراق بدون شراكة وتعاون السلطات المحلية".
وأضاف إن "الاهتمام الذي تُبديه سلطات كركوك ببرنامج إعادة تدوير الأنقاض على مستوى المحافظة هو الذي في الحقيقة يدفع بهذه المبادرة. نرجو أن يكون هذا المشروع بمثابة نموذج تحتذيه السلطات عند الشروع في برنامجها الخاص لإعادة تدوير الأنقاض‘‘.
وكما هو الحال في الموصل، يأمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة الدولية للهجرة في أن يقوم مشروع كركوك، الذي سيركز على 10 قرى، بإنشاء نوع من الاقتصاد الدائري، وخلق فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها من خلال برامج النقد مقابل العمل.
ويقول حسن نصيف، مدير ناحية الملتقى، التي دُمرت قراها البالغ عددها 35 قرية، بما في ذلك قرية بويتر، “إن تحطيم الركام هو حل بسيط ومباشر، ويمنح بصيصا من الأمل في التعامل مع التحديات الجسيمة، ومن بينها خلق الوظائف للشباب النازحين".