صرخة من وراء أبواب مغلقة..
ساعة مع آلام كاكائي من ذوي الاحتياجات الخاصة

ألماس عزيز (27 سنة)، شاب كاكائي أصيب بجروح خلال حرب داعش وجراء ذلك توقفت رجله اليسرى عن الحركة تصوير: محمد ألماس

محمد ألماس

لا تمر ليلة دون أن يستيقظ ألماس من شدة آلام ظهره ورجله المشلولة، معاناته تفاقمت خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث صَعُبَ عليه الحصول على الأدوية وفي نفس الوقت ليست لديه القدرة على التنقل من مدينة الى أخرى لزيارة الأطباء.

آثار المرض بادية على جسد هذا الشاب الكاكائي، فقرات ظهره استُبدِلَت، فيما توقفت رجله اليسرى من الركبة الى القدم عن الحركة.

ألماس عزيز (27 سنة) يعيش في ظروف صعبة ومؤلمة منذ ست سنوات، لكنه لم يذق مثل ما يعانيه الآن جراء تداعيات جائحة كورونا وحظر التجوال التي أصابته باليأس الشديد.

 "أعاني ظروفاً نفسية سيئة، خصوصاً بسبب كورونا الذي أقفل كل الأبواب في وجهي، كل ما تبقى لي هو آلام جسدي وصراعي مع الفقر"، هكذا تحدث ألماس لـ(كركوك ناو).

almas (1)-1

آثار الاصابات والعمليات الجراحية على جسد وبطن ألماس عزيز

هذا الشاب يعيش في مجمع آشتي في قضاء داقوق (44 كيلومتر جنوبي كركوك)، وهومن ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلين على وزارة البيشمركة التابعة لحكومة اقليم كوردستان، ألماس أصيب بجروح بالغة أثناء مواجهات مع مسلحي داعش اذبان ظهور التنظيم في أواسط عام 2014.

"بسبب آلام رجلي لا أستطيع النوم حتى الصباح، أصبحت عالةً على والدتي وعائلتي."

ألماس يحتاج الى الخضوع لجلسات علاج مستمرة، قبل ظهور جائحة كورونا كان يحصل على حصته من الأدوية من أحد المستشفيات، لكن في الشهور الأخيرة تعذر الأمر عليه بسبب انشغال المستشفى والمراكز الطبية الأخرى بعلاج مصابي فيروس كورونا.

أغلب الأدوية والحقن التي كانت تُعطى له كانت علاجات مسكنة تعينه على التغلب على آلامه المزمنة.

"كنت أستلم حقن ترامادول من أجل آلام رِجلي، وتبلغ كلفة الابرة الواحدة في السوق، إن توفّر، 30 ألف دينار، بدون هذا الدواء لا أستطيع تحمل آلام رجلي."

مثل غيره من البيشمركة الذين أصيبوا خلال حرب داعش، يستلم ألماس راتب شهر واحد كل شهرين، الأزمة المالية وانخفاض أسعار النفط أدت الى تأخّر دفع الرواتب من قبل حكومة اقليم كوردستان.

خلال حرب داعش، قُتِل أكثر من ألف و600 من أفراد قوات البيشمركة وأصيب أكثر من عشرة آلاف آخرين بجروح، وذلك حسب الاحصائيات الرسمية المعلنة من قبل وزارة البيشمركة.

almas

نجمة، والدة ألماس، تبكي بحرقة وهي تتحدث عن معاناة ابنها

أثناء اصابته، كان ألماس من منتسبي قوات 70 للبيشمركة، وقد تكفلت وزارة البيشمركة بنقله خارج البلاد لتلقى العلاج، هناك استبدلت ثمانية من فقرات ظهره، لكن رغم تعرض رجله للشلل لم يتم بترها لحد الآن.

"بسبب حظر التجوال وتداعيات كوورنا لا استطيع زيارة طبيبي النفسي في أربيل، رغم أنه كان من المفروض أن أزوره اسبوعياً"، يقول ألماس.

الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان فرضتا حظراً للتنقل بين المحافظات منذ شهر آذار الماضي بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا، ولا يزال القرار سارياً.

ألماس عزيز متزوج وهو أب لطفل، ووالدته تعيش معهم.

المنزل الذي يعيش فيه هذا الشاب الكاكائي عبارة عن منزل غير مكتمل وليس مسجلاً في السجل العقاري.

نجمة تمين (85 سنة)، والدة ألماس، كانت تمارس الخياطة قبل ظهور كورونا، لكن أحداً لا يقصدها الآن وفقدت عملها، مما تسبب في تردي وضعهم المعيشي.

 "أوضاعنا المعيشية الآن صعبة جداً، كورونا أصبح بلاءاً علينا."

من فرط هم آلام ابنها، تقصد نجمة مستشفى داقوق وصيدلياتها كل يوم علّها تحصل على حقنة ترامادول لابنها. (هذه الحقنة تدخل ضمن نطاق المواد المخدرة ولا تُعطى دون موافقة الطبيب المشرف).

"ماذا أفعل، أريده أن يتخلص من آلام رجله، ان لم افعل ذلك فمن سيجد له العلاج؟ أقسم بالله بأن قلبي يحترق حينما أراه يتألم"، هذا ما قالته والدة ألماس.

نجمة تحدثت باكية عن معاناتهم اليومية وقالت لـ(كركوك ناو)، "لم أترك مكاناً لم أقصده، ولا باباً لم أطرقه، حتى انني أصبحت مصدر ازعاج للناس."

طلب هذه الأم الوحيد هو علاج ابنها بصورة تامة لكي لا يظل في صراع مع الألم.

 تقول نجمة، "كل ما نستطيع فعله هو الدعاء وطلب العطف والرحمة من الله."

اجراءات حظر التجوال والوقاية من كورونا كبَّدَ الكاكائيين أضراراً كبيرة تمثلت في ازدياد الحوادث الأمنية بسبب انشغال القوات الأمنية بتنفيذ اجراءات حظر التجوال، اضافةً الى تأثيرها على قطاع الزراعة والأسواق، وكذلك حرمان اشخاص مثل ألماس من تلقي العلاج.

 ألماس عزيز، مستندا على عكازيه، يقضي يومه جيئةً وذهاباً في باحة بيتهم أو في حيِّهم وقد أتعبه التفكير في مرضه وجراحه، " من شدة ما أعانيه لا أكترث إن بتروا رجلي دون استخدام المخدر، كل ما أريده هو أن أتخلص من آلامي".

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT