تشهد حالات الصدمة النفسية، القلق والاكتئاب ازدياداً مضطرداً بين النساء النازحات بسبب اضطرارهن للبقاء داخل المخيمات وصعوبة حصولهن على العلاج الطبي جراء تداعيات جائحة كورونا.
في منتصف شهر آذار الماضي عُزِلَت كافة مخيمات النازحين عن الخارج في اطار الاجراءات الوقائية الهادفة لمنع وصول فيروس كورونا الى داخل المخيمات، نتيجة لذلك لم تتمكن أغلب النساء، بالأخص الناجيات من قبضة تنظيم داعش الحصول على العلاج الطبي والنفسي.
"أعاني من مشاكل نفسية منذ أكثر من أربعة أعوام، على مدار عام، تناولت بعض الأدوية التي وصِفَت لي، بعدها تحسنت صحتي تدريجيا، كانت المنظمات تزور مخيمنا لتقديم العلاج، لكن مع ظهور كورونا توقف كل ذلك"، حسبما قالت نسرين حسن رشو.
كانت المنظمات تزور مخيمنا لتقديم العلاج، لكن مع ظهور كورونا توقف كل ذلك
نسرين، (25 سنة)، نجت من قبضة داعش قبل خمسة أعوام، وهي تعيش الآن في مخيم مام رشان، تقول نسرين "أوضاعنا الآن صعبة، لا شك بأن الكل يخاف الآن من كورونا، لكن خوفنا الأكبر هو عدم توفر العلاج الطبي خلال فترة حظر التجوال."
وتطالب هذه الامرأة المنظمات بمدّ يد العون وتوفير العلاج لساكني المخيمات مثلما كانت تفعل قبل تفشي وباء كورونا.
المئات من النساء والفتيات الايزيديات تعرضن للخطف من قبل مسلحي داعش وعانين الأمرّين في الأسر، وبعد نجاتهن وعودتهن الى المخيمات، يدأب قسم منهن على تلقي العلاج النفسي.
آيلين عبد السلام، طبيبة نفسية تعمل لصالح منظمة هيلب (HELP) الألمانية أشارت الى أن الأمراض والصدمات النفسية بين النساء النازحات قد ازدادت، وذلك بالاستناد الى تحقيق قورِنَ فيه بين أرقام وبيانات عامي 2019 و2020.
التحقيق أجرته المنظمة التي تعمل لها آيلين بالتعاون مع الدكتور جان ئيلهان كزلهان، عميد معهد العلاج النفسي والصدمات في دهوك والتابعة لجامعة توبينك الألمانية.
حول ذلك، أوضحت آيلين لـ(كركوك ناو) بأنه "تبين في التحقيق أن حالات القلق النفسي ازدادت بنسبة 11%، الصدمة النفسية بنسبة 10% والتفكير في الانتحار بنسبة 47% بين النساء في مخيمات النازحين في نيسان 2020 مقارنة بشهر تشرين الأول من العام الماضي."
في عام 2018، افتتحت منظمة (HELP) الألمانية مركزاَ للعلاج النفسي للنساء في مخيم روانكة، وبالأخص للناجيات من قبضة داعش.
من اسباب تفاقم حالات الصدمة النفسية والاكتئاب والحالات النفسية الأخرى، حظر التجوال والبقاء في المخيم لفترات طويلة
"من اسباب تفاقم حالات الصدمة النفسية والاكتئاب والحالات النفسية الأخرى، حظر التجوال والبقاء في المخيم لفترات طويلة، مما صَعّب عليهم تلقي العلاج في الوقت المحدد"، كما تقول آيلين.
وتعتقد آيلين بأن الخوف والقلق من تفشي فيروس كورونا هي من الأسباب الأخرى وراء تدهور الحالة النفسية للنازحين.
تعرض الايزيديون لحملات "ابدة جماعية" على يد مسلحي تنظيم داعش الذي سيطر على مناطقهم في آب 2014، واختُطِفَ أكثر من ستة آلاف مواطن ايزيدي بينهم نساء وأطفال، لا يزال مصير قرابة نصفهم مجهولاَ.
"لا أستطيع النوم في معظم الليالي، أفكر باستمرار، أخاف مما سيحِلّ بي ان أُصِبتُ بفيروس كورونا، أو أفكر الى أين أذهب ان غادرت المخيم"، هذا ما قالته نوره جردو، (44 سنة).
نوره، نازحة من سنجار، تعيش في مخيم شاريا منذ ستة أعوام وهي تتلقى العلاج النفسي منذ أربعة أعوام بعد الظروف الصعبة التي عاشتها أثناء هجوم داعش.
"كانت حالتي النفسية أفضل الى ما قبل ظهور جائحة كورونا، لكن منذ ذلك الحين بدأت حالتي بالتدهور، لا أستطيع الحصول على الأدوية والعلاج الضروري، اعاني من الخوف والقلق"، حسبما قالت نوره، وهي أم لثمانية أطفال، قُتِلَ زوجها من قبل داعش، وهي الآن محرومة من المساعدات التي تقدمها المنظمات الخيرية بسبب كورونا.
كانت حالتي النفسية أفضل الى ما قبل ظهور جائحة كورونا، لكن منذ ذلك الحين بدأت حالتي بالتدهور
لا يزال معظم ايزيديي سنجار ونينوى نازحين، وقد حالَت قلة الخدمات الأساسية دون تمكنهم من العودة الى مناطقهم الأصلية، ويشكل الايزيديون نسبة 30% من مجموع 787 ألف نازح في اقليم كوردستان، حسب احصائية أعلنها مركز التنسيق المشترك للأزمات في حكومة اقليم كوردستان في شباط 2020.
ميسر آداني، مسؤول قسم الاعلام في مكتب انقاذ المختطفين الايزيديين في دهوك، قال لـ(كركوك ناو) "أغلب الذين تم تحريرهم من قبضة داعش بحاجة الى تلقي العلاج النفسي، خصوصاً الأطفال، حيث أن داعش حاولت تعليمهم فنون القتل والذبح وزرعت فيهم الأفكار المتطرفة."
وأضاف ميسر بأنه بالرغم من الحاجة الماسة للعلاج، الا أن المساعدات التي توفرها المنظمات والحكومة في هذا المجال قليلة جداً.