بدل الهواء النقي و المنعش، تستنشق عظيمة و جيرنها كل مساء الدخان الذي ينبعث من حرق نفايات المنازل و النفايات الطبية التي تتخلص منها المستشفيات اضافةً الى الدخان المتصاعد من بئر جبل بور النفطي التابع لشركة نفط الشمال، هذه المشكلة باتت تقلق راحة اثنين من أحياء مدينة كركوك.
"نعيش في مثلث برمودا، يقع منزلنا بالقرب من مستشفى آزادي، و الدخان المتصاعد من محرقة نفايات المستشفى يملأ أنوفنا، الى جانب الدخان الذي ينبعث من حرق نفايات منازل منطقة جيمن و الدخان المتصاعد من بئر جبل بور النفطي"، هكذا روت عظيمة عزيز الساكنة في حي الكرامة شرقي مدينة كركوك معاناتها.
عظيمة و بعض من جيرانها الذين تحدث معهم مراسل (كركوك ناو)، أكدوا على أن رائحة الأدخنة أنغصَت عليهم معيشتهم و اقلقت راحتهم، فيما أعربوا عن خشيتهم من الآثار الصحية و الأمراض المختلفة التي قد تسببها لهم الأدخنة المتصاعدة.
هذه المشكلة باتت مصدر ازعاج كبير لسكان الأحياء الواقعة على طريق كركوك – السليمانية، و بالتحديد حي دروازة.
آري أحمد، من سكنة حي دروازة، قال لـ(كركوك ناو) "يأتينا الدخان و الروائح المنبعثة من مكب نفايات منطقة جيمن عند حرقها، أصبحنا غير قادرين على تشغيل أجهزة التكييف المنزلية، لأنها تسحب الأدخنة الى داخل المنزل و تتسبب بإصابتنا بضيق التنفس."
أصبحنا غير قادرين على تشغيل أجهزة التكييف المنزلية، لأنها تسحب الأدخنة الى داخل المنزل و تتسبب بإصابتنا بضيق التنفس
مكب نفايات منطقة جيمن تابعة لبلدية كركوك و تقع مقابل مديرية شرطة المرور.
الهدف من هذا المكب جمع نفايات المنازل و نقلها بعد ذلك الى منطقة أخرى بالقرب من ناحية ليلان.
لكن آري يقول "يتم حرق هذه النفايات في أغلب الأوقات و تصل أدخنتها الينا، ليس بإمكاننا البقاء في بيوتنا و لا الخروج من البيت... لدينا اطفال صغار و ليس من المعقول أن نترك المنزل و نتوجه الى حي آخر كلما قاموا بحرق النفايات."
تتولى بلدية كركوك برفع و ازالة 900 طن من النفايات داخل المدينة يومياً و نقلها الى محطتين، بعد فرز محتويات النفايات، يتم ارسالها الى المحطة الرئيسية في ناحية ليلان حيث تُدفَن النفايات هناك.
اسماعيل جلال، مسؤول المشاريع في مديرية بلدية كركوك أكد أنهم كانوا خلال العامين الماضيين يعانون من عدم تخصيص ميزانية لرفع النفايات و التي كانت تُمنَح من قبل للبلديات ضمن ميزانية البترو دولار، و يعود ذلك الى عدم المصادقة على الميزانية العامة للدولة، رغم ذلك استطاعوا معالجة المشكلة بجهود البلدية و ادارة محافظة كركوك.
مع ذلك، لا تزال مصادر الدخان تمثل مشكلة كبيرة لساكني بعض أحياء كركوك.
بشأن حرق النفايات قبل نقلها الى المحطة الرئيسية في ليلان، قال اسماعيل "بسبب البطالة و السعي لكسب معيشتهم، يقوم بعض سواق الدراجات النارية بنقل نفايات المنازل مقابل مبلغ من المال، بعضهم لا ينقلونها الى محطة جمع النفايات في جيمن و يحرقونها، أو يرمونها و يقوم أناس آخرون بحرقها، هذه هي المشكلة."
"أود طمأنتكم بأن هذه النفايات لا يتم حرقها بأي شكل من الأشكال من قبل محطات جمع النفايات، بل أن ذلك من فعل اشخاص يبحثون عن المواد البلاستيكية و الحديد بين النفايات"، حسبما قال اسماعيل.
لمعالجة هذه المشكلة، أبلغت بلدية كركوك غرفة العمليات المشتركة في كركوك بمعاقبة الذين يرمون النفايات خارج المكبات و يقومون بحرقها.
الحكومة قامت بتقليص الميزانية المخصصة لإزالة النفايات في كركوك من مليار و200 مليون دينار الى 200 مليون دينار فقط، وهذا هو السبب الرئيسي وراء تراكم النفايات في المدينة، بحسب ما اشار اليه فريدون عادل، مدير بلدية كركوك، في تصريح سابق لـ(كركوك ناو).
وفقاً لإحصائيات دائرة البلدية، يتم حالياُ التخلص من ألف و300 طن من القمامة يومياً في كركوك، مما يعني أن الحكومة خصصت للمحافظة 500 دينار فقط مقابل ازالة طن من القمامة."
وأكد فريدون في وقتها على أن "هذا المبلغ هو الوحيد المتوفر لتنظيف المدينة من النفايات."
https://www.youtube.com/watch?v=K0yijdhWoNU&feature=emb_title
في حال تم وضع حد لمشكلة حرق النفايات، فإن سكان أحياء الكرامة و دروازة، بالأخص المنازل القريبة من مستشفى آزادي أو محطة جبل بور النفطية، لن يهنؤوا باستنشاق هواء نقي.
تقول عظيمة عزيز "الدخان المتصاعد من محرقة نفايات مستشفى آزادي و محطة جبل بور نغص علينا حياتنا، لذا نناشدكم بإيجاد حل لهذه المشكلة."
شكوفة محمد، عضوة الهيئة العليا لجمعية كوردستان خضراء – و هي منظمة تعمل في مجال البيئة – قالت لـ(كركوك ناو) "المنازل التي تقع بين محطة جيمن، مستشفى آزادي و حقل جبل نور النفطي يواجهون مخاطر صحية، حيث أن بيئة هذه المنطقة غير ملائمة للعيش."
و أضافت شكوفة "يجب دفن النفايات الطبية للمستشفيات على عمقٍ كافٍ تحت الأرض، لكن مع الأسف لا يُراعى هذا الأمر."