بعد أن كانت فيما مضى منطقة عامرة، أصبحت قرية زنقر التي يقطنها الكاكائيون على وشك أن تخلو من ساكنيها، تارةً بسبب المخاطر الأمنية، و الآن بسبب البطالة و تردي الخدمات.
من مجموع 70 عائلة كانت تسكن في هذه القرية الكاكائية الواقعة ضمن حدود قضاء داقوق، لم تتبقى سوى 15 عائلة.
"أعداد سكان القرية تتناقص يوماً بعد يوم، بعضهم يغادرونها صوب قرى أخرى و البعض الآخر ينزحون الى داقوق و المناطق الأخرى"، هذا ما قالته همينة جبار لـ(كركوك ناو).
كاكائيو زنقر أُجبروا على النزوح من ديارهم في ثلاث مراحل، الأولى بسبب هجمات داعش، الثانية بعد أحداث 16 أكتوبر 2017 و الثالثة نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي خلقتها تداعيات جائحة كورونا.
من ناحية الخدمات، مثل الماء و الكهرباء، نعيش أوضاعاً سيئة
تقول همينة جبار، التي تمكنت من تجاوز المراحل الثلاث و هي الآن لا تزال تعيش في زنقر، "الباقون هنا ليس لديهم مكان آخر يلجؤون اليه، و الا كانوا قد رحلوا عنها منذ أمدٍ بعيد."
أهالي تلك المنطقة المنشغلون بالزراعة و تربية المواشي يعانون من البطالة، حيث أن الاجراءات الوقائية المفروضة بسبب كورونا، و بالأخص حظر التجوال، أثر كثيراً على أعمالهم و منعتهم من تسويق محاصيلهم.
"من ناحية الخدمات، مثل الماء و الكهرباء، نعيش أوضاعاً سيئة، الكهرباء معدومة في بعض الأيام، و أحياناً يزودوننا يومياً بساعتين الى خمس ساعات،" هكذا تحدث سامان ابراهيم هياس حول الحياة في زنقر و التي تصل درجة الحرارة فيها الى أكثر من 45 درجة مئوية.
شبكات توزيع الطاقة الكهربائية في هذه القرى تتعرض لمشاكل فنية بين الفينة و الأخرى بسبب الحمل الزائد.
منتقداً الحكومة و المنظمات، قال سامان هياس لـ(كركوك ناو) "لم تستطع اية جهة توفير الخدمات لمناطقنا، لذا فإن الناس هنا مستاؤون."
سامان أعرب عن رضاه عن الواقع الأمني الحالي بخلاف الشهور السابقة التي شهدت هجمات مسلحة شنتها عناصر تنظيم داعش، "الملف الأمني مناط الى اللواء 45 في الجيش العراقي و هم يعاملون الأهالي بصورة جيدة."
نتطلع الى عودة الأعمال و الحياة الى سابقها
على مدار سنوات، كانت حدود قضاء داقوق من الخطوط الأمامية للحرب ضد داعش و بعد انسحاب قوات البيشمركة في 16 أكتوبر 2017، انتقل الملف الأمني الى القوات التابعة للحكومة الاتحادية.
أياد كريم، من سكنة قرية زنقر، أوضح بأن تفشي فيروس كورونا تسبب في فقدانهم لأعمالهم، مشيراً الى أنهم لم يتمكنوا خلال الشهور الماضية من الاعتناء بأراضيهم الزراعية و مواشيهم، فيما ضاقوا ذرعاً في بيوتهم بسبب انعدام الكهرباء.
"نتطلع الى عودة الأعمال و الحياة الى سابقها"، يقول أياد الذي آثر البقاء في قريته متشبثاً بذلك الأمل.
لا تزال المئات من العوائل الكاكائية تعيش في وضع نزوح داخلي، بحيث يشكل الكاكائيون رفقة التركمان، الشبك و الأرمن نسبة 10 بالمائة من مجموع أكثر من 787 ألف نازح في العراق.
قضاء داقوق و القرى التابعة له تعتمد على محطة وحيدة لإنتاج الطاقة الكهربائية، الأمر الذي جعلهم أكثر عرضة لأزمة الكهرباء مقارنة بالمناطق الأخرى في محافظة كركوك.
لويس فندي، قائممقام قضاء داقوق وكالةً، قال لـ(كركوك ناو) "ليس قرى الكاكائيين فحسب، بل جميع القرى الأخرى جنوبي داقوق تعاني من نقص الكهرباء و الماء، في الحقيقة هذه المشكلة منتشرة في عموم العراق."
ادارة قضاء داقوق طلبت انشاء محطة أخرى لإنتاج الطاقة الكهربائية للقرى الواقعة جنوبي القضاء، من ضمنها مناطق الكاكائيين.
"نحن بانتظار موافقة الحكومة لبدء هذا المشروع."
لويس فندي ألمح الى أن تأثير تداعيات فيروس كورونا على المشاريع الخدمية قد انحسر، خصوصاً بعد زوال اجراءات حظر التجوال العام و استئناف العمل في معظم القطاعات، مستشهداً بتنفيذ مشروع تبليط الطريق الرابط بين قريتين كاكائيتين في داقوق.