كل شيء يشبه ما كان في القاعة، يرتدي الملابس الخاصة بتدريباته اضافة الى حزامه الأسود، الفرق الوحيد هون أن تلامذته ليسوا على مقربة منه، بل يتفرجون على حركات الكاراتيه التي يؤديها معلمهم من خلال كاميرا الجوال أو جهاز اللابتوب.
يتموضع ماجد الكاكائي أمام عدسة الكاميرا و يطلب من تلاميذه اعادة تأدية حركاته.
أحياناً تتسبب رداءة خدمات الانترنت في كركوك بانقطاع الصورة التي تصل تلاميذ ماجد الكاكائي أو أنها لا تصل مطلقاً فيمضون يوماً آخر تعيساً في الحجر المنزلي.
الأسلوب الجديد الغير تقليدي الذي اتّبعه ماجد و تلامذته في التدريبات استمر على مدار ثمانية اشهر بسبب الاجراءات الوقائية المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا، لكنه مَثَّل تجربة مختلفة و لم يستطع أن يحل محل قاعة التدريبات.
تم اغلاق قاعتنا الرياضية، هذا الأمر أثر سلبياً علي و على تلامذتي
"مشكلتنا الكبرى، بالأخص لرياضة الكاراتيه هي أنها تحتاج الى قاعة و تدريبات مباشرة، لكن كورونا حرمتنا من القاعة و الرياضة الحقيقية لثمانية اشهر"، كما قال ماجد فلامرز الكاكائي (39 سنة).
ماجد من كاكائيي محافظة كركوك و يقطن حالياً في حي الأسرى و المفقودين بمدينة كركوك.
"تم اغلاق قاعتنا الرياضية، هذا الأمر أثر سلبياً علي و على تلامذتي."
لكن ذلك لم يقيد ماجد، ففي بداية اعلان اجراءات الحجر المنزلي توجه للتدريبات الغير مباشرة عن طريق الأونلاين لكي لا ينقطع تلاميذه عن الكاراتيه.
الاجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة العراقية لدرء مخاطر كورونا شملت اغلاق القاعات الرياضية.
يمارس ماجد رياضة الكاراتيه منذ 32 عاماً و كانت تلك المرة الأولى التي يشرف على التدريبات عن بعد، "التدريبات لم تكن مثل ما كنا نفعله في قاعتنا، لكنها كانت أفضل من لا شيء."
ماجد مدرب كاراتيه في نادي خاك و حائز على الحزام الأسود في اللعبة، يشرف على أكثر من 100 تلميذ في مستويات مختلفة.
"العديد من تلاميذي كانوا يشاركون في التدريبات التي تجرى عن بعد."
ما يقلق ماجد الذي شارك سابقاً في عدة بطولات محلية و دولية هو فقدان فرصة المشاركة في البطولات بسبب كورونا و الذي يحلم بها أغلب تلاميذه.
ابنة ماجد الكبرى هي من بين اللاعبات اللاتي حرمتهن كورونا من تحقيق آمالهن.
كنت أستعد منذ مدة طويلة للمشاركة في بطولة فتيات كوردستان للكاراتيه
آفيستا ماجد (13 سنة) قالت لـ(كركوك ناو) "أمارس رياضة الكاراتيه منذ أن كنت في العاشرة، حزت على الحزام البني، كانت لدي آمال كبيرة لكن كورونا دفنتها."
بالرغم من أنها كانت تتدرب مع والدها في المنزل لكن ذلك لم يعوضها عن الفرص التي ضاعت منها.
"كنت أستعد منذ مدة طويلة للمشاركة في بطولة فتيات كوردستان للكاراتيه لكي أنال مرتبة أفضل لكن كورونا أوقفت كل شيء و أُلغيَت البطولة."
تقول آفيستا بأن التدريبات التي كانت تقوم بها مع والدها في المنزل كان يزيح عن صدرها هم اغلاق قاعتهم الرياضية.
"كنا نتدرب لعدة ساعات يومياً، كان التلاميذ غالباً يشاركون في التدريبات عن بعد."
و أشارت آفيستا الى أنها تجهد نفسها أكثر من السابق و تسعى لتعويض الفترة التي فاتتها لكي تحوز على الحزام الأسود في اسرع وقت.
الرواق الرئيسي لمنزل ماجد الكاكائي أصبح على مدار ثمانية أشهر بديل القاعة الرياضية، و أصبحت ممارسة فنون و حركات الكاراتيه بديلاً عن الجلوس أمام شاشة التلفزيون.
سوزان وسمي (34 سنة)، زوجة ماجد، وفرت الدعم لابنتهما لكي تمارس رياضة الكاراتيه داخل المنزل، "كنت أشجع ابنتي، هيأت الأجواء الملائمة للرياضة في البيت لكي لا يشعروا بالضجر بسبب الحجر المنزلي و اغلاق قاعتهم الرياضية."
تقول سوزان بأنها كانت أحياناً تنضم اليهم في تدريبات رياضة الكاراتيه.
"شعرت بأن كورونا أثرت عليهم و باتوا يشعرون بالملل يوماً بعد يوم، كانوا دائماً يتحدثون عن البطولات التي فقدوا فرصة المشاركة فيها، لذا أصبحت عوناً لهم أكثر من أي وقت مضى"، حسبما قالت سوزان وسمي.
الأوقات الصعبة لماجد الكاكائي انتهت بعد ثمانية اشهر، حيث سمحت الحكومة العراقية بإعادة فتح القاعات الرياضية و الأماكن العامة أمام المواطنين، شريطة الالتزام بالإجراءات الوقائية و اتباع الارشادات الصحية.
المهمة أصبحت الآن أكثر تعقيداً للمدرب و اللاعبين، يجب عليهم تعويض الأوقات التي فاتتهم و في نفس الوقت الالتزام بالتباعد و تجنب الاختلاط لدرء الاصابة بكورونا.
"اللاعبون تأخروا عن بعض الدروس التدريبية، فاتنا الكثير، أمامنا وقت قصير و مهام كثيرة، سنحاول اكمال الاستعدادات للبطولات المقبلة في العراق و اقليم كوردستان، مع الالتزام بالتعليمات الصحية"، كما قال ماجد الكاكائي.
