لا يزال الغموض يكتنف مصير الصحفي شيروان شيرواني الذي اختفى أثره عقب الاعتقالات العشوائية التي شهدتها منطقة بادينان قبل ثلاثة أسابيع، و ذلك بعد أن تم فتح ملف غامض له و لم يتضح بعد الأساس الذي استُنِدَ عليه في قضية اعتقاله.
شيروان شيرواني، رئيس التحرير السابق لمجلة باشور (الجنوب) والذي كان يعمل على اثارة ملفات الفساد بالأخص في منطقة بادينان، اعتُقِل في السابع من شهر تشرين الأول الجاري من قبل قوة مؤلفة من 10 اشخاص في منزله في مجمع سيبيران في أربيل دون سابق انذار و لم يُعرَف مصيره منذ ذلك اليوم.
شيروان كان قد قطع صلاته الرسمية بجميع المؤسسات الاعلامية منذ سنوات، لكنه كان نشطاً كصحفي و ناقد في بعض قنوات المعارضة و في شبكات التواصل الاجتماعي، موجهاً انتقاداته لنظام الحكم و توريث الأحزاب و الحكم في اقليم كوردستان.
اتهام شيروان شيرواني
بعد أربعة أيام من اعتقاله، وجّه ديندار زيباري منسق التوصيات الدولية في حكومة اقليم كوردستان عدة تهم الى شيروان شيرواني و قال في بيان "أخذ أموالاً من جهة خارجية بهدف العبث بأمن اقليم كوردستان."
زيباري أكد في البيان بأن شيروان شيرواني تم القاء القبض عليه بأوامر توقيف صادرة من محكمة تحقيق دهوك مشيراً الى أنه "متهم بموجب المادة 156 من قانون العقوبات العراقي رقم (21) لسنة 2001 و الذي تم تعديله في برلمان اقليم كوردستان."
شيروان شيرواني مع زوجته و بعض أقاربه
و يأتي ذلك في الوقت الذي لم يُصدَر أي قانون باسم قانون رقم 21 في برلمان اقليم كوردستان، لكن وفقاً لمتابعات (كركوك ناو) صدر قانون رقم 21 في عام 2003 و الخاص بإيقاف العمل بالمادة 156 من قانون العقوبات العراقي و تثبيت هذه الفقرة في محلها " يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت من ارتكب عمدا فعلا بقصد المساس بأمن واستقرار وسيادة مؤسسات اقليم كوردستان – العراق بأية كيفية كانت وكان من شانه ان يؤدي الى ذلك."
هريم رفعت، محامي شيروان شيرواني، وصف التهم بأنها "مخالفة للقانون"، "لأنه يجب أن تكون هناك أدلة تًحال الى المحكمة المختصة، حينها تقرر المحكمة ادانته أو اخلاء سبيله."
يجب أن تكون هناك أدلة تًحال الى المحكمة المختصة، حينها تقرر المحكمة ادانته أو اخلاء سبيله
في اطار حملة اعتقالات عشوائية طالت الناشطين و الصحفيين في اقليم كوردستان، لا يزال مصير شيروان شيرواني مجهولاً منذ ثلاثة اسابيع، و ذلك بعدما تم فتح ملف غامض له و لم يتضح بعد الأساس الذي استُنِدَ عليه في قضية اعتقاله.
المحامي الذي يتولى قضية شيروان شيرواني استفسر عنه في دوائر الأمن بأربيل و دهوك، الأمن العامة و محكمتي دهوك و أربيل دون أن يخبروه بمكانه "لا نعرف بتاتاً كيف هي حالته الصحية و لا نعرف مكانه."
ممّن أخذ شيروان الأموال؟
ديندار زيباري اتهم شيروان شيرواني بأخذ أموال من جهة خارجية بهدف العبث بأمن اقليم كوردستان.
(كركوك ناو) وجّهَت هذا السؤال لـ(برزان شيرواني)، شقيق شيروان شيرواني، الذي قال "هذه التهم لا اساس لها، أخذ مبلغاً من المال من أحد أقاربنا لتربية الدواجن، ديندار زيباري ضخّم الموضوع". يقول برزان بأن شقيقه كان يؤَمِّن لقمة العيش لعائلته من خلال تربية الدواجن و راتب زوجته التي تعمل كمُدرّسة.
شيروان شيرواني (37 سنة) متزوج و له أربعة أطفال، و قال شقيقه برزان "قبل أيام من اعتقاله أخبرني بأنه مُراقَب و انهم اتصلوا به بخصوص البطاقة التموينية لكن يشك بأنهم ينوون اعتقاله، لأن بطاقته التموينية ليست بها اية مشكلة."
تعرض شيروان شيروني سابقاً و بالتحديد في 28 كانون الثاني 2019 للاعتقال في دهوك على خلفية تُهَم متعلقة بالمساس بأمن الدولة، و في نيسان 2012 احتُجِز لعدة أيام دون مذكرة قبض لاتهامه الحكومة بالفساد.
(كركوك ناو) لم تتمكن من التأكد من المصير الذي آلت اليه القضيتان السابقتان.
أين شيروان؟
خلال مدة اختفائه، استفسرت عائلته و محاميه عن مكانه في الأمن العامة و دوائر الأمن بأربيل و دهوك، كما تواصلوا مع الصليب الأحمر، برلمان كوردستان و الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في اقليم كوردستان.
في 23 تشرين الأول اتصل شخص بصفة موظف في الصليب الأحمر بزوجة شيروان شيرواني قائلاً "شاهدت فِرَقنا شيروان شيرواني و معي رسالة من شيروان يقول فيها بأنه في حالة جيدة و لا تقلقوا"، حسبما قال المحامي هريم رفعت و برزان شقيق شيروان.
حول ذلك، تحدث برزان شيرواني لـ(كركوك ناو) و قال "بحسب أقوال الشخص الذي اتصل بزوجة شقيقي، فإن شيروان موجود في الأمن العامة في أربيل و قد اشار الى أنه بصحة جيدة لكنه يخضع لتحقيقات مكثفة."
لكن المحامي هريم رفعت تساوره الشكوك حول الاتصال، "لا يمكننا التأكد من المكالمة، ان كانوا حقاً قد قاموا بزيارته كان بإمكانهم اعطاء الهاتف لشيروان لكي يتحدث بنفسه مع زوجته."
وفقاً لرواية روكش محي الدين، زوجة شيروان شيرواني، القوة التي اعتقلت شيروان تألفت من 10 أشخاص، أربعة منهم يرتدون ملابس مدنية، وصلت القوة أمام منزل شيروان في الساعة الرابعة و النصف عصراً و صادروا حاسبَين محمولَين و دفتراً و عدد من الأقراص المدمجة التي تعود للصحفي.
"صوبوا المسدس على رأس شيروان و كبلوا يديه، دفعوه و أدخلوه مركبةً بالقوة"، حسبما قالت روكش.
صوبوا المسدس على رأس شيروان و كبلوا يديه
الضباط كان بحوزتهم أمر بالقبض على شيروان، لكن لم يتبين لشيروان ما السبب وراء اعتقاله.
في الأيام التي سبقت اعتقاله، انتقد شيروان شيرواني في حسابه الخاص على شبكة فيسبوك، حيث يملك أكثر من 10 آلاف صديق و متابع، رئيس حكومة اقليم كوردستان مسرور البارزاني و طلب من المحامين أن يسألوا رئيس الحكومة حول حوادث قتل الصحفيين و ناشطي حقوق الانسان في الاقليم. أثناء اعتقاله تم غلق حسابه على فيسبوك.
الاعتقالات العشوائية في بادينان
الأوضاع لم تسِر على ما يرام بالنسبة للصحفيين و الناشطين المدنيين في بادينان خلال عام 2020.
وفقاً لإحصائية للهيئة المستقلة لحقوق الانسان في اقليم كوردستان، اعتقلت حكومة الاقليم منذ شهر آب الماضي أكثر من 300 شخص في منطقة بادينان بتهم تتعلق بتنظيم التظاهرات.
لا يزال بعض المعتقلين في السجون أمثال المعلم بدل برواري، كما اعتُقِل عدد من الصحفيين بداية هذا الاسبوع.
يتم التعامل مع اغلب قضايا الصحفيين استناداً الى القانون رقم 35 لعام 2007 و قانون (اساءة استخدام أجهزة الاتصالات في اقليم كوردستان)، في الحالة الأولى لا يجوز اعتقال الصحفي دون ابلاغ نقابة الصحفيين مسبقاً.
لكن في أغلب القضايا يتم اللجوء الى الحالة الثانية و التي تشمل عقوبات مشددة، حيث تنص المادة الثانية من القانون " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات و بغرامة لا تقل عن مليون دينار و لا تزيد على خمسة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أساء استعمال الهاتف الخلوي أو أية أجهزة اتصال سلكية أو لاسلكية أو الانترنيت أو البريد الالكتروني و ذلك عن طريق التهديد أو القذف أو السب أو نشر أخبار مختلقة تثير الرعب وتسريب محادثات أو صور ثابتة أو متحركة أو الرسائل القصيرة (المسج) المنافية للأخلاق والآداب العامة أو التقاط صور بلا رخصة أو إذن أو إسناد أمور خادشة للشرف أو التحريض على ارتكاب الجرائم أو أفعال الفسوق والفجور أو نشر معلومات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد و التي حصل عليها بأية طريقة كانت ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها وتسريبها وتوزيعها الإساءة إليهم أو إلحاق الضرر بهم."
نزاكت حسن، رئيسة لجنة الدفاع عن حقوق الصحفيين في نقابة الصحفيين قالت لـ(كركوك ناو) "فيما يخص قضية شيروان شيرواني، لم يطلب ذووه توكيل محامِ للدفاع عنه، أي شخص يتعرض للاعتقال بسبب ممارسته العمل الصحفي نتولى توكيل محام له، قضيته أُحيلت الى المحكمة و في هذه الحالة يجب أن ننتظر قرار القاضي."
بعد اعتقال أي صحفي، تقوم نقابة الصحفيين بالاتصال بالمؤسسة التي يعمل لها أو يجمعون المعلومات عنه عن طريق زملائه أو عن طريق فرع نقابة الصحفيين.
ضياء بطرس، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في اقليم كوردستان، و الذي استلم شكوى من زوجة شيروان شيرواني، قال لـ(كركوك ناو) "سنتابع الشكوى، لا يهمني ما قاله ديندار زيباري و هو لا يمثلنا، نحن هيئة مستقلة و رسمية و هو يمثل نفسه."
و اضاف بطرس "بالنسبة لي، التهم الموجهة لشيروان شيرواني ليست رسمية، سنتواصل مع الجهات المعنية، يجب التعامل معه وفقاً لمعايير حقوق الانسان."
