حلّ الليل وحان الوقت لكي يعود أحمد ذو الثمان سنوات الى البيت وبجعبته 25 ألف دينار، لكنه لم يتمكن من جمع ذلك المبلغ، لذا لجأ الى شرطة النجدة خوفاً من تعرضه لمساءلة والده.
والد أحمد الذي يرقد في البيت بسبب المرض، هدد ابنه بمعاقبته ان لم يكسب كل يوم مبلغ 25 ألف دينار.
يبدو أن هذا الطفل كان يعرف جدية تهديدات والده وقد مرّ من قبل بتلك الظروف، لذا لجأ في ليلة 9 كانون الثاني 2021 الى دورية تابعة لشرطة النجدة بالقرب من جسر خبات وأبلغهم بكل شيء.
أحمد، (اسم مستعار)، ظهر في مقطع مصور نشره أحد افراد الشرطة لغرض مساعدته يجيب على سؤال الشرطة قائلاً بأنه لا يستطيع العودة الى البيت دون أن يكون معه ذلك المبلغ.
الحالة المعيشية لتلك الأسرة تحت الصفر بدرجات
"هذا الطفل ملزم بجمع 25 ألف دينار كل يوم وهو غير قادر على العودة لعدم تمكنه من جمع ذلك المبلغ"، حسبما قال المقدم الحقوقي غالب علي الجبوري، مدير الشرطة المجتمعية في كركوك.
وأشار المقدم غالب الى أنهم شكّلوا قوة أمنية وتمكنوا من العثور على منزل الطفل.
عائلة أحمد نزحت من بغداد الى كركوك وهي تعيش منذ ثلاث سنوات في حي بنجا علي.
"حين وصلنا الى المنزل، اتضح بأن والديه تطلقا قبل ثلاثة أعوام، والدته تعيش في بغداد وقد تزوجت مرة أخرى، لكنها تركت الأطفال عند والدهم، أحمد لديه شقيقتان اضافة الى عمته (أخت والده) التي تعيش معهم في نفس المنزل."
ولفت المقدم غالب الى أن تلك الأسرة تعيش في وضع صعب داخل شقة صغيرة.
"والد الطفل تعرض من قبل لجلطتين دماغيتين و عمته مصابة بمرض السرطان وهما بحاجة الى العلاج باستمرار"، واضاف مدير الشرطة المجتمعية "الحالة المعيشية لتلك الأسرة تحت الصفر بدرجات."
الشرطة حققت مع والد الطفل لكنه نفى أغلب التهم التي وجِّهَت اليه.
وقال لوالد أحمد لـ(كركوك ناو) "أثناء التحقيقات قلت بأن صهري الذي هو زوج أختي يشهد بأننا لا نجبر ابننا على العمل وقد منعناه عدة مرات لكنه يصر على الذهاب للعمل."
بموجب قانون العمل في العراق، لا يجوز تشغيل الأحداث من الجنسين قبل تمام سن الخامسة عشرة و مخالفة هذا القانون تترتب عليه عقوبات.
الطفل لم ينكر أقواله أمام والده و أكّد مرة أخرى على أنه إن لم يكسب المال فسيتعرض للعقاب
يقول المقدم غالب بأن الطفل لم ينكر أقواله أمام والده و أكّد مرة أخرى على أنه إن لم يكسب مبلغ 25 ألف دينار يومياً فسيتعرض لعقوبات مثل الطرد من المنزل.
محافظة كركوك شهدت سابقاً تسجيل العديد من قضايا العنف المرتكبة من قبل الآباء أو الأمهات بحق أطفالهم، غُلِقَ بعضها دون اتخاذ اجراءات جزائية ضد المتهمين.
مدير الشرطة المجتمعية أوضح بأنهم قدّموا بعض المستلزمات والاحتياجات الضرورية لتلك الأسرة، كما قررت بعض المنظمات تقديم العون لها.
السبب وراء لجوء أحمد للشرطة كان الخوف من العودة الى المنزل، غير أن الشرطة أعادته الى اسرته وما يضمن سلامته هو مجرد تعهد خطي ألزموا به الوالد.
يقول المقدم غالب بأن التعهد هو لعدم اجبار الطفل على العمل و تهديده، مشيراً الى أن الشرطة ستتولى متابعة القضية للحؤول دون ارتكاب انتهاكات أخرى في المستقبل.
ملاحظة: من أجل حماية حقوق ذلك الطفل وأسرته أخفت (كركوك ناو) ملامح وجه الطفل و لم تكشف عن اسمه الحقيقي
