سرطان الثدي يطارد العراقيات في ظل التلوث وتراجع الوعي وعجز القطاع الصحي

صورة معبرة عن سرطان الثدي، تم اخذها من موقع medanta الطبي

حامد عبد حسون

لا يغادر الخوف “أريج” (38 عاما) منذ وفاة والدتها بسرطان الثدي والذي ترك آثارا عميقة في حياتها. هي لا تكاد تنسى آلام والدتها وعجزها، وكلما كبرت يحاصرها كابوس التفكير بأن المرض سيطاردها وتلقى ذات المصير، في ظل توالي التحذيرات من تصاعد الاصابات بالأمراض السرطانية سنويا وارتفاع معدلات اصابة النساء مقارنة بالرجال.

تقول “أريج” وهي استاذة جامعية وأم لأربعة أطفال:”كان ذلك في نهاية تسعينات القرن الماضي، لكني أشعر انه حدث بالأمس.. ذلك العذاب لا ينسى، استرجع تفاصيله كلما سمعت بأصابة أحد، ويتسلل الخوف الى نفسي”.

النساء يتقدمن الرجال في معدل الاصابات بالسرطان وبين كل ثلاث اصابات للنساء تشخص واحدة بسرطان الثدي

لكن “عفراء” (34 عاما) وهي ربة بيت متزوجة، تجاوزت تلك المرحلة فقد تم تأكيد إصابتها بالسرطان لتكون واحدة من بين عشرات آلاف المصابين الذين يواجهون أوضاعا صعبة ومصيرا مجهولا، مع التضاعف المستمر في ارقام المصابين بالسرطان خلال 20 عاما، وضعف النظام الصحي نتيجة تراجع تخصيصاته عاما بعد آخر، وسط توقعات باصابة 460 الف شخص الى العام 2030.

لا يتعلق الخوف من تزايد حالات الاصابة بالسرطان، بالعوائل التي فقدت أحد افرادها او التي تعاني من اصابات، بل بعموم المجتمع، مع تضعاف الاصابات منذ منتصف تسعينات القرن الماضي بحسب التقرير الذي أعده المركز القومي للإحصاء عام 2012 تحت عنوان ”الرجل والمرأة إحصاءات تنموية” والذي عده مختصون رسالة تحذيرية من تبعات تجاهل الزيادة المتصاعدة في حالات الإصابة بسرطان الثدي في صفوف النساء، كما بقية الأمراض السرطانية والتي ارتفعت الاصابات بها الى ما يقارب الضعف بين 1998 و2009.

“عفراء” التي تعيش في مدينة الديوانية (180 كم جنوب بغداد) عانت من تراجع في نسبة الدم في جسدها بسبب قرحة نازفة في المعدة، هذا ما كانت تعرفه فعائلتها أخفت عنها مرضها في البداية. “عرفت لاحقا انني مصابة بالسرطان، وانقلبت حياتي الى كوابيس”، تقول عفراء.

وتواصل: “لكن مع مرور الوقت وتوالي زياراتي لمستشفى الاورام للحصول على جرع العلاج الكيميائي تعودت على الأمر وأنا اشاهد مصابين آخرين وبمختلف الاعمار .. عرفت انني لست الوحيدة وان علي مقاومة المرض”.

الاصابة بالسرطان وما يلازمها من خوف تجربة شخصية معقدة ومريرة، لكن الخوف من زيادة اعداد الاصابات بالمرض قد تتحول الى قلق اجتماعي له تأثيرات عميقة، في ظل أرقام تؤشر تسجيل معدلات اصابة أكبر عند النساء.

يظهر التقرير السنوي للتسجيل السرطاني للعام 2016 الذي أصدره مجلس السرطان في العراق، ازدياد عدد الإصابات السنوية بين عامي 2005 و2016، وارتفاع كبير في نسبة اصابة النساء بالسرطان مقارنة بالرجال. حيث كانت نسبة إصابات النساء تزيد بمقدار 2% عن اصابات الرجال في العام 2005 لكن الفارق قفز في معدلات الاصابة بين الجنسين الى 28% بحلول عام 2016.

((كانت الاصابات بين الجنسين بحسب التقرير متقاربة في التسعينات (4000 اصابة تقريبا لكل فئة) لكن ارقام اصابة النساء تصاعدت بعد 2005 بشكل واضح وبلغت في 2016 اكثر من 14000 اصابة مقارنة بـنحو 11000 اصابة عند الرجال)) 

للاطلاع على الانفوغرافيك بشكل تفاعلي وبتفاصيل ادق تابع https://www.datawrapper.de/_/5tcSy/

 

وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء فإن من المتوقع ارتفاع عدد سكان البلاد من حوالي 36 مليون نسمة سنة 2016 الى حوالي 51 مليونا بحلول العام 2030، وهو ما سيرفع اعداد الاصابات بالامراض السرطانية الى حوالي 460 الف اصابة بفرض ثبوت العوامل البيئية والعلاجية.

ورغم ان معدلات الاصابات الكلية بالامراض السرطانية ستظل اقل من المعدلات العالمية، فان الارتفاع المستمر في معدل الاصابات يعد مؤشرا مقلقا في ظل نظام صحي لا يستطيع تأمين الحد الأدنى من متطلبات مواجهة المرض.

يقع العراق في المناطق الدافئة من المعدل المرجح للوفيات بسرطان الثدي لكل مائة الف نسمة، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية وقاعدة بيانات السرطان للعام 2016 و2017. لكن ضعف البنية الصحية من مراكز علاجية وأجهزة وكوادر يشكل محل قلق كبير. 

 

سرطان الثدي ثلث حالات إصابة النساء

لا يرتبط الخوف لدى “اريج” من احتمال اصابتها كوالدتها بالسرطان بسبب العوامل الجينية فحسب. تقول :”نعم ربما علي التوقف عن افتراض ان ما حدث لوالدتي لابد ان يحدث لي، لكن حقيقة ان ثلث اصابات النساء بالسرطان ترتبط بسرطان الثدي تفزعني”.

ويحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى بين الأمراض السرطانية من حيث نسبة الاصابة بحسب سجلات وزارة الصحة العراقية، وبنسبة تقدر بـ 36.1% من اجمالي عدد الحالات، فمن بين كل ثلاث نساء مصابات بالسرطان هناك امرأة واحدة تشخص بسرطان الثدي.

وتظهر تقارير التسجيل السرطاني لمجلس السرطان في العراق، ان الفئة العمرية بين (45-49 عاما) شهدت اعلى معدلات الاصابة بسرطان الثدي في العام 2010، في حين سجلت الفئة العمرية بين (50-54 عاما) أكبر عدد من الاصابات في العام 2016.

 

للاطلاع على الانفوغرافيك بشكل تفاعلي وبتفاصيل ادق تابع https://www.datawrapper.de/_/pyxTJ/

 

تقول الدكتورة ابتهال الحميد، اخصائية الأورام والسرطان، والتي عملت في عدة مراكز تخصصية، ان أعداد الاصابات بسرطان الثدي تزداد سنويا، ومواجهة ذلك يحتاج الى حلقة متكاملة من المتطلبات بدءا بتأمين الأجهزة والمعدات الخاصة بالتشخيص والكشف ومرورا بتوفير الكوادر المتخصصة وتأهيلها، وانتهاء بالتوعية والدعم النفسي للمصابات.

الحميد التي اختارت هذا التخصص لرغبتها في الحد من انتشار هذا المرض الخطير كما تقول، شددت على أهمية توفير المراكز والأجهزة الى جانب تدريب المعالجين من الأطباء والمساعدين التقنيين، منبهة الى ان المرأة “اكثر حساسية من الرجل فيجب أخذ ذلك بنظر الاعتبار عند التعامل معها سواء ما تعلق باخبارها بالنتائج او بطول فترة العلاج وتوقيتاته الدقيقة”.

وتضيف “من المهم التذكير بقصص الشفاء من المرض فهي ملهمة، وقبلها على النساء تجنب التوتر والعصبية لمردوده السلبي على الحالة النفسية التي ترفع احتمالية الاصابة بالسرطان”.

التلوث وضعف الوعي الصحي

يرجع تقرير (المرأة والرجل في العراق إحصاءات تنموية لعام 2012) الارتفاع المضطرد للإصابات بالأمراض السرطانية الى عدة اسباب بينها التلوث الإشعاعي، وقلة العناية والوعي الصحي لدى العراقيين.

ولا يورد التقرير اي بيانات او إحصائيات بشأن مستوى التلوث الإشعاعي في البلاد واذا ما كانت فوق المعدلات الطبيعية، ولا عن مستوى الوعي الصحي، لكن تقريرا للبنك الدولي في العام 2014 بشأن كثافة ثاني أكسيد الكربون، وهو واحد من الملوثات الخطرة، يكشف أن العراق يتصدر قائمة الترتيب عن دول آسيا وشمال أفريقيا وبمعدل 3.4، في حين يقف في المركز الثاني عالمياً بعد منغوليا في كثافة انبعاث الكربون، متفوقا على كل من الصين وكوريا الجنوبية.

للاطلاع على الانفوغرافيك بشكل تفاعلي وبتفاصيل ادق https://www.datawrapper.de/_/Hjr3j/

ويحذر نشطاء بيئيون من نسب التلوث العالية في الأنهار نتيجة صرف المواد الملوثة فيها مباشرة دون معالجة والتي يعاد استخدامها، فضلا عن التلوث الذي أحدثته الأسلحة خلال الحروب التي شهدها العراق منذ ثمانينات القرن الماضي.

الى جانب التلوث، يشكل ضعف الوعي بالمرض، عاملا سلبيا يقلل من فرص النساء المصابات في سرعة اكتشاف المرض ومواجهته.

يرى مدير مستشفى الاورام السرطانية في مدينة الناصرية الدكتور باسم عبد الرزاق المشرفاوي، ان “الكشف المبكر هو الخطوة الاولى للعلاج، اذ يمكنه ان يجنب استئصال الثدي او تفاقم الحالة الى حد الوفاة، فالكشف المبكر يساعدنا على استئصال كتلة الورم نفسها فقط، ويساعد على التعافي بشكل تام”.

ويضيف :”في حين تصل نسبة الكشف المبكر في البلدان المتقدمة الى 80% فإنها لا تتعدى الـ20% في العراق، بسبب خوف المصابات من التصريح بالأعراض التي يعانين منها، فضلا عن ضعف البرامج الموجهة لتوعية النساء بأهمية الفحوص المبكرة وكيفية اجرائها”.

طوال أشهر كانت “ليلى” (50 عاما) تعاني من الاجهاد ونقص الوزن، لكنها لم تكترث ولم تراجع طبيبا، قبل أن تتفاقم صحتها ويُكتشف مرضها في مرحلة متأخرة “لا أصدق ما يحصل، لقد تأخرت كثيرا في العلاج، ولا أعرف ما سيحدث لي”.

كل ليلة ولعدة مرات تستيقظ ليلى بسبب الألم، تطيل التحديق في اطفالها النيام وتبكي بصمت كي لا تثير انتباههم، قبل ان يغالبها النوم بفعل المسكنات.

قبل كل جرعة علاج كيمياوي، تحتضن السيدة التي عملت في مجال التعليم لأكثر من 25 عاما، أطفالها بقوة وهي تحبس دموعها، فهي تعرف انها حين تعود ستكون منهارة القوى، تقول “كل مرة أشعر ان نهايتي اقتربت. أكرر ذات الوصية لزوجي وأنا أرتعد من فكرة تركي لأطفالي الثلاثة وحدهم”.

تؤكد نتائج دراسة أشرفت عليها الدكتورة ندى العلوان مديرة المركز الوطني الريادي لبحوث السرطان في جامعة بغداد، وجود مستوى محدود لمعرفة النساء بعوامل الخطورة المتعلقة بسرطان الثدي.

وأظهرت الدراسة التي شملت عينة من 184 امرأة من الفئة العمرية بين (17-58) لطالبات ومنتسبات كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية في بغداد، انه مقابل كل امرأة تعي بعوامل الخطورة وبأساليب العناية الذاتية للوقاية من سرطان الثدي، هناك امرأتان تعيان بشكل متوسط، وسبع نساء لا تعين بأساليب الوقاية على الاطلاق.

متطلبات مواجهة زيادة الإصابات

يواجه العراق تحديا في مواجهة مرض السرطان مع الاعداد المتزايدة للمصابين بالمرض، في ظل نقص مسلتزمات الرعاية الصحية وانخفاض التخصيصات المالية للقطاع الصحي.

فرغم ارتفاع اجمالي الموازنة الاتحادية للعراق بين عامي 2010 و 2016 من حوالي 85 تريليون دينار الى حوالي 105 تريليون دينار، الا ان الميزانية المالية المخصصة لوزارة الصحة انخفضت من حوالي 6 تريليون دينار عام 2010 الى حوالي 5 تريليون دينار في العام 2016، ما أضاف تحديا جديدا في ظل استمرار ارتفاع الإصابات بالأمراض السرطانية لنفس الفترة الزمنية من حوالي 18 الف إصابة سنويا الى حوالي 26 ألف إصابة.

الى جانب خفض التخصيصات، تم دمج وزارتي الصحة والبيئة ضمن تخصيص مالي واحد، الأمر الذي أضعف قدرة مواجهة تزايد الإصابات السرطانية من جهة، وفاقم المشكلات البيئية من جهة أخرى، لينتهي مسلسل التقليص الحكومي بتخصيص ميزانية قدرها 3 تريليون دينار فقط لوزارة الصحة والبيئة في العام 2019 رغم زيادة الموازنة العامة الى حوالي 133 تريليون دينار، وهو ما ينعكس وبشكل خطير على جودة الخدمات الصحية بما فيها المقدمة لمرضى السرطان في العراق.

 

للاطلاع على الانفوغرافيك بشكل تفاعلي وبتفاصيل ادق https://www.datawrapper.de/_/jzE2J/

 

ينبه الدكتور باسم المشرفاوي الى مشكلة النقص في الاجهزة والمستلزمات الأساسية للفحص والمعالجة، قائلا “النقص في اجهزة الفحص واحد من أكبر المشكلات التي تعترضنا، كان من المخطط ان يتم تأمين ستة اجهزة فحص ماموكرام  لمحافظة ذي قار توزع على الاقضية لكن مازال هنالك جهاز وحيد يغطي كافة انحاء المحافظة”، مبينا أن للفحص المبكر اهمية قصوى لانقاذ حياة المصابات “هو يساعدنا على اجراء عمليات بسيطة بتكاليف بسيطة اذا ما قارنا ذلك بتكاليف العلاج ومتطلباته ومستوى خطورته في مراحل المرض المتأخرة”.

تقول “حنين” وهي مريضة اخرى في عقدها الرابع تعمل مترجمة في احدى الوزارات ومازالت في بداية رحلتها مع المرض: “فترة الفحص والتحليل هي الأصعب، فهي تتطلب حجز مواعيد مسبقة يصعب تأمينها في المستشفيات الحكومية، لهذا يلجأ معظم المرضى الى اجراء فحوصاتهم في العيادات والمستشفيات الأهلية”.

تضيف وهي تتلعثم: “كنت انتظر نتائج الفحوصات التي تتأخر لأيام والخوف يعتصرني، لم اكن قادرة على التفكير بشيء غيرها.. فقدت قدرتي على الأكل.. وتحولت ساعات النوم الى كوابيس.. راودتني في الكثير من الأحيان افكار مجنونة بالاستسلام وترك جلسات العلاج الكيمياوية بشكل نهائي”.

نقص مزمن في المراكز والكوادر

في ظل الحروب التي شهدها طوال ثلاثة عقود والتي أوقفت مشاريع انشاء مستشفيات جديدة، ومع استشراء الفساد بعد العام 2003 والذي عطل انجاز عشرات المشاريع الصحية والبيئية، تعاني البلاد من ضعف بنيتها الصحية بما فيه نقص متعدد الأوجه في منظومة رعاية المصابين بالسرطان، بدءا بالنقص في مراكز الرعاية، مرورا بقلة الكوادر الصحية التخصصية، وانتهاء بافتقاد الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية لإنقاذ حياة المرضى.

بحسب إحصائية الموقع الالكتروني لوزارة الصحة، فإن عدد مراكز العلاج الكيميائي في العراق بلغ 23 مركزا مع 7 مراكز للعلاج الإشعاعي، والتي من المتوقع ان ترتفع الى 10 مراكز مع الافتتاح المرتقب لثلاث مراكز جديدة في كل من البصرة والانبار والنجف، فضلا عن ثمانية مراكز علاج إشعاعي سيتم إنشاؤها ضمن خطة متعثرة لبناء مستشفيات جديدة، بطاقة استيعابية 400 سرير، في بغداد والموصل والبصرة والناصرية وميسان وبابل والنجف وكربلاء.

وباعتماد العدد التراكمي للمصابين بالسرطان البالغ حوالي 350 ألف مصاب بالسرطان، فان نسبة المصابين موزعة على المراكز ستبلغ نحو 12 ألف لكل مركز علاجي كيمياوي واشعاعي و41 مريض في اليوم الواحد لكل مركز.

ووفق أرقام الجهات الرسمية، كانت هناك حاجة لنحو 5300 سرير لمرضى السرطان في العام 2016 في حين كان المتوفر منها يبلغ أقل من نصف ذلك الرقم. وستكون هناك حاجة لتأمين 12 الف سرير في العام 2030 لاستيعاب مرضى السرطان وفق المعايير القياسية العالمية.

وبحسب تقديرات البنك الدولي بشأن عدد الاسرة لكل 1000 شخص، فان العراق يملك 1.3 سرير لكل 1000 شخص، في حين ان المعدل في العالم العربي يبلغ 1.38 ، بينما المعدل العالمي يبلغ 2.9 سرير لكل 1000 شخص.

ويظهر تقرير أهداف التنمية المستدامة والصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء 2017، تدنيا في نسبة الأطباء الى عدد السكان، اذ لكل الف شخص في العراق هناك 20 ممرض وممرضة، و3 صيادلة، واقل من طبيب واحد. وهو ما يؤكده أيضا تقرير البنك الدولي لمؤشرات التنمية العالمية، الذي يوضح ان نسبة الاطباء الى مجموع السكان في العراق لا تتعدى (0.08%) أي اقل من طبيب لكل ألف نسمة (مقابل 1.57 طبيب لكل الف كمعدل عالمي) وهو ما يقلل فرص المرضى في الحصول على الرعاية الطبية الكافية.

للاطلاع على الانفوغرافيك بشكل تفاعلي وبتفاصيل ادق https://www.datawrapper.de/_/Q81Hp/

 

1 من كل 36 مريضا يحصل على الدواء

تقول “عفراء” ان تأمين الادوية يشكل عبئا كبيرا عليها ويأخذ من تفكيرها الكثير “مع كوني احصل على العلاج الكيميائي بأسعار رمزية داخل المستشفى الحكومي الا انني اضطر لشراء ادوية اخرى للتعامل مع الأعراض الجانبية، فضلا عن تكاليف الفحص الدوري وزرع العينات التي تتجاوز المليون دينار في كل مرة”.

“ماذا لو لم تملك عائلتي ذلك المبلغ؟ هل عليَ أن أموت” تتساءل قبل ان تكمل “تكاليف العمليات الجراحية تترواح بين سبعة الى عشرين مليون دينار كيف يمكن تأميها؟”.

ويعاني غالبية مرضى السرطان من مشكلة تأمين الأدوية المنقذة لحياتهم، فكلفها عالية وتتجاوز دخل الفرد لشهر كامل مع عدم توفرها عادة في المراكز الحكومية.

يقول علي احمد (42 عاما) الذي فقد والدته بعد نحو عام من اكتشاف اصابتها بالسرطان “صرفنا كل ما نملكه.. شقيقاتي قمن ببيع ذهبهن لانقاذها.. واضطررت أخيرا لبيع سيارتي، كانت تتوسل بنا أن لا نفعل ذلك ونتركها ترحل… لم تقاوم أكثر من عام كان المرض في مراحله الاخيرة وكنا نعرف انها ستغادرنا”.

حسب التقرير الصادر من الجهاز المركزي للإحصاء”إحصاءات التنمية المستدامة عام 2017″ فان واحدا فقط من كل 36 شخصا في العراق يحصل على الدواء بصورة دائمة وباسعار ميسورة. اي ان نحو 97% من العراقيين لا يحصلون على الادوية بأسعار ميسورة.

بين الخوف الذي تشعر به “اريج” من ان تلعب الوراثة دورها وتتعرض هي وأولادها الى نفس السيناريو القاتم، في ظل ضعف البنية الصحية وتراجع الامكانات الاقتصادية، وبين تحدي “عفراء” لمرضها وتحسن حالتها الصحية اثر الاكتشاف المبكر نسبيا لمرضها، هناك مساحة أمل كبيرة بخلاص المصابات بسرطان الثدي واستعادتهن لحياتهن الطبيعية.

يؤكد الدكتور المشرفاوي ان المزيد من النساء يمكن ان يتعافين من المرض تماما اذا تم تكثيف البرامج التوعوية، ويكرر القول “المرض قابل للشفاء ان اكتشفناه مبكرا”.

 

*التحقيق من مخرجات مشروع المبادرة العراقية المفتوحة لشبكة انترنيوز

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT