اشار 20 بالمائة من المشاركين في استطلاع ثجريَ في صفوف النازحين في دهوك الى أن أهاليهم وأقرباءهم فكروا في "الانتحار" لمرة واحدة على الأقل، ويأتي ذلك بالتزامن مع ازدياد حالات "الانتحار" بين النازحين، فيما تبحث الحكومة والمنظمات عن الأسباب والدوافع وراءها.
ازدياد "حالات الانتحار في صفوف النازحين" كان أحد محاور المؤتمر الأخير الذي شارك فيه عدد من المنظمات، المسؤولين والجهات الحكومية المعنية وأقيم في دهوك يوم الاثنين، 29 آذار 2021.
الهدف من عقد المؤتمر كان الوقوف على أسباب حوادث "الانتحار في صفوف النازحين" وايجاد السبل الكفيلة بوضع حد لتلك الحوادث.
سوزان سفر، رئيسة منظمة (داك) لتنمية النساء الايزيديات قالت لـ(كركوك ناو) "تحدثنا خلال المؤتمر عن ارتفاع معدلات الانتحار في صفوف نازحي سنجار، ولأجل ذلك، كنا قد أجرينا استطلاعاً بشأن الأسباب والدوافع وراء تفاقم معدلات الانتحار."
أُجري الاستطلاع خلال شهري شباط وآذار من العام الحالي وشارك فيه 232 شخصاً في مخيم ومجمع شاريا للنازحين في دهوك، 127 منهم إناث، وتراوحت أعمار المشاركين بين 15 و 35 سنة.
النسبة التي فكرت في الانتحار بين النازحين الايزيديين تعتبر نسبة مقلقة
شمل الاستطلاع 19 استفساراً متعلقاً بقضية "الانتحار"، وقال 20 بالمائة من المشاركين رداً عليها بأن أهاليهم و اقربائهم فكروا في "الانتحار" لمرة واحدة على الأقل.
حول أسباب حالات "الانتحار" رأى المشاركون بأنها تعود الى المشاكل المالية، انعدام فرص العمل الى جانب المشاكل الاجتماعية، العائلية والعاطفية.
وقالت رئيسة منظمة (داك) بأن " النسبة التي فكرت في الانتحار بين النازحين الايزيديين تعتبر نسبة مقلقة."
وتعود آخر حالة "انتحار" سُجِّلَت في صفوف النازحين الى 9 شباط الماضي، حيث اقدم مواطن ساكن في مخيم خانكي بدهوك على قتل نفسه رمياً بالرصاص.
"الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار يعانون من ظروف معيشية صعبة، رموا بالعديد من المآسي، يعيشون في وضع نفسي غير مستقر، عاطلون عن العمل و فقدوا أمل العودة الى ديارهم"، هذا ما قالته أديبا مراد، التي ترى بأنه لا يجب التفكير أبداً في "الانتحار" ولا تعتبره حلاً.
أديبا مراد، ايزيدية ناجية من قبضة داعش تعيش في مخيم مام رشان للنازحين، "لا توجد في مخيمنا أية مراكز خاصة بالناجين من أَسر داعش ونعيش في أوضاع نفسية سيئة، في الوقت الذي نحتاج فيه جميعنا الى الدعم النفسي."
سيطر مسلحو تنظيم داعش على قضاء سنجار في آب 2014، واختطف التنظيم ستة آلاف و 417 ايزيدي، تم تحرير أكثر من ثلاثة آلاف و 500 منهم، فيما لا يزال مصير أكثر من ألفين و 700 شخص مجهولاً، حسب آخر احصائيات حكومة اقليم كوردستان.
"نجونا من جحيم، ونحن الآن بحاجة الى العلاج و فرص العمل أيضاً لكي نتمكن من استئناف حياتنا الطبيعية"، حسبما قالت أديبا لـ(كركوك ناو).
نجونا من جحيم، ونحن الآن بحاجة الى العلاج و فرص العمل أيضاً لكي نتمكن من استئناف حياتنا الطبيعية
و تفيد احصائية لقائممقامية قضاء سنجار –مقرها في دهوك- بأن 250 ايزيدياً في مخيمات النازحين، أغلبهم من الإناث، لقوا حتفهم بالرصاص أو شنقاً، منذ هجوم داعش على سنجار في 3 آب 2014 لحد الآن.
لكن الأرقام التي سُجِّلَت منذ بداية هذا العام تبدو مرعبة، حيث قضى خمسة اشخاص شنقاً أو بالرصاص أربعة منهم إناث، حسب احصائية لمنظمة داك للتنمية التي تعمل داخل المخيمات.
وقال قاسم خلف، ناشط و مختص نفسي لـ(كركوك ناو) "المؤتمرات لها دور في خفض معدلات الانتحار، لكن الأهم هو تنفيذ التوصيات الصادرة عنها من قبل الحكومة والمنظمات."
وانتقد قاسم خلف "افتقار أغلب المخيمات لمراكز تقديم الدعم النفسي"، لافتاً الى أن "أغلب المنظمات تدّعي قيامها بمساعدة النازحين وبالأخص الناجين، دون اتخاذ خطوات عملية، الأمر الذي سبّب احباطاً كبيراً لدى النازحين ما جعلهم يفكرون في الانتحار."
في أواخر كانون الثاني من هذا العام، وجّهت 27 منظمة غير حكومية عراقية طلباً عاجلاً الى كل من الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان بشأن "تزايد حالات الانتحار" في صفوف الأقليات الدينية والقومية في العراق، بالأخص الذين تعرضوا لـ"جرائم بشعة" خلال حرب داعش التي امتدت لثلاث سنوات.
من جهتها، شكّلت الحكومة الاتحادية العراقية مطلع هذا العام لجنة برئاسة وزيرة الهجرة و المهجرين لمتابعة ودراسة حالات "الانتحار " في صفوف النازحين الايزيديين.
اسكندر محمد أمين، مسؤول دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك قال لـ(كركوك ناو) "اللجنة تواصل مهامها لكنها لم تكمل تقريرها النهائي لأنها تريد التحري بدقة من أجل الحصول على البيانات والمعلومات وتحديد الأسباب الرئيسية، وتوظيفها ضمن الجهود الهادفة لوضع حد لحالات الانتحار."
وأضاف اسكندر بأنهم سيقررون على ضوء عمل اللجنة بشأن فتح مراكز تقديم العم النفسي و توفير فرص العمل واي خطوة اخرى لازمة لمساعدة الناجين الايزيديين.
توفير الدعم النفسي جزء رئيسي في قانون الناجيات الايزيديات الذي اقرّه البرلمان العراقي مطلع آذار 2021، لتعويض النساء اللائي تعرضن للاختطاف و أشكال متعددة من العنف على يد مسلحي داعش مادياً ومعنوياً، بهدف تأمين حياة لائقة وكريمة لهن واعادة دمجهن في المجتمع.