يشعر خلو قاسم باستياء شديد، فعلاوةً على الظروف المعيشية الصعبة في مخيمات النازحين، ينتابه القلق من حرارة الصيف الذي بات على الأبواب و مخاوف حدوث الحرائق في ظل عدم وجود مركز إطفاء في مخيمهم.
خلو ذاق مرارة الحريق في شباط 2021 حين نشب حريق في خيمته أسفر عن اصابة ثلاثة من أطفاله بحروق بلغت نسبتها 30%، وتحولت كافة أغراض بيته الى رماد.
مستذكراً الحادث، قال خلو قاسم الذي يقطن في مخيم بيرسيف في قضاء زاخو بمحافظة دهوك، "أكثر ما آلمني كان تعرض أطفالي الثلاثة الى حروق، لا زلت آخذهم الى المستشفى مرتين في الأسبوع لتلقي العلاج، وفي كل مرة أضطر لدفع 50 ألف دينار لشراء الأدوية."
نزح خلو من سنجار قبل سبع سنوات، لديه ثلاثة أطفال، وهو منتسب في صفوف بيشمركة سنجار وفي أيام العطل يشتغل كعامل أجير.
"وثائقي ومستمسكاتي الرسمية كانت الوحيدة التي خرجت سالمة من الحريق، فقد احترقت جميع مستمسكات افراد عائلتي، كل شيء احترق بما فيه جهاز التلفزيون، الغسالة، الثلاجة و الأغراض الأخرى اضافة الى مبلغ من المال."
نتائج التحقيقات في الحريق لم يُكشَف عنها بعد.
وقال خلو لـ(كركوك ناو) "في كل حادث حريق يضطر سكان المخيم لنجدة أنفسهم ومحاولة السيطرة على الحريق بدِلاء المياه والجرادل، بسبب عدم وجود مركز إطفاء في المخيم."
ولفت سكان مخيم بيرسيف الى ن أقرب مركز إطفاء يبعد حوالي 25 دقيقة عن المخيم، لذا فإن العديد من الخيم تحترق بالكامل قبل وصول فرق الإطفاء.
وفقاً لإحصائيات غير رسمية، تم تسجيل ما يقرب من 20 حادث حريق في مخيم بيرسيف منذ مطلع هذا العام.
ويأتي ذلك في حين يوجد 26 مخيماً للنازحين في اقليم كوردستان، 16 منها تقع ضمن حدود محافظة دهوك، وفقاً لإحصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لوزارة الداخلية في حكومة اقليم كوردستان.
بيوار عبدالعزيز، مسؤول قسم الاعلام في المديرية العامة للدفاع المدني في محافظة دهوك قال لـ(كركوك ناو) "ادارة المخيم و النازحون طلبوا مراراً فتح مركز إطفاء في المخيم لكننا لا نستطيع إنشاء مركز أو تأمين مركبة إطفاء لكل مخيم، حتى أن هناك مناطق عديدة في دهوك تفتقر لمراكز إطفاء."
وأشار بيوار الى وجود 41 مركز إطفاء في عموم محافظة دهوك ويضم كل مركز مركبتي إطفاء أو ثلاثة، لافتاً الى أن مديرية الدفاع المدني بحاجة الى منتسبين ومعدات إطفاء، وأن كل ما استطاعوا فعله هو توفير فرق إطفاء مؤقتة في بعض المخيمات.
يتواجد أكثر من 666 ألف نازح في اقليم كوردستان، أغلبهم من العرب السُنّة النازحين من محافظة نينوى، يليهم المكون الايزيدي، المسيحي وسكان المحافظات العراقية الأخرى، حسب احصائيات حكومة اقليم كوردستان لشهر نيسان 2021.
لو كان هناك مركز إطفاء في كل مخيم، لكانت الأضرار الناجمة عن الحرائق ستقل بنسبة 50%
"لو كان هناك مركز إطفاء في كل مخيم، لكانت الأضرار الناجمة عن الحرائق ستقل بنسبة 50%"، حسبما قال خيرو سعدو، نازح ايزيدي في مخيم ايسيان بقضاء شيخان لـ(كركوك ناو).
العام الماضي، احترقت خيمة خيرو مرتين و تكبد خسائر كبيرة، لذا فهو يقول " إنشاء مركز إطفاء في خيمتنا أصبح حلماً بالنسبة لنا، أنا واثق من أننا سنعود الى سنجار دون أن يتحقق هذا الحلم."
يقول خيرو سعدو، "نخمد الحرائق بجرادل المياه و بمساعدة سكان المخيم، تلك كانت الطريقة التي سيطرنا بها على الحريق الذي نشب في خيمتي في كلتا المرتين، أصبحت أخشى مجيء الصيف خوفاً من الحرائق، أخشى أن يصيب أطفالي مكروه."
فيديو: 2020/ سكان أحد مخيمات النازحين في دهوك يحاولون إخماد حريق اندلع في مخيمهم
بعض الحرائق الي نشبت في المخيمات خلّفت ضحايا في الأرواح، مثلما حصل في 17 شباط 2021 في حريق شب بإحدى مخيمات زاخو و أسفر أن مصرع رجل وثلاثة أطفال.
المسؤول في مديرية الدفاع المدني قال لـ(كركوك ناو) "لا أخفي عليكم بأن قسماً كبيراً من الحرائق تتم السيطرة عليها من قبل سكان المخيم، ويعود ذلك الى عدم وجود مراكز إطفاء في المخيمات و نقص الكوادر والمعدات."
لكن بيوار عبدالعزيز قال بأنهم أقاموا دورات توعية في مخيمات النازحين حول كيفية السيطرة على الحرائق
بالرغم من عدم الكشف عن نتائج التحقيقات في تلك الحوادث، إلا أن بيوار عزا تلك الحوادث الى "قرب الخيم من بعضها و تشابك اسلاك الكهرباء، ما يؤدي الى حدوث تماس كهربائي و نشوب الحرائق."
عقب كل حادث حريق، يقوم مسؤولو المخيم بتوزيع خيم جديدة و أحياناً مستلزمات منزلية على المتضررين.
قسم كبير من الحرائق تتم السيطرة عليها من قبل سكان المخيم
كاروان زكي، مسؤول الاعلام في مركز التنسيق المشترك للأزمات الذي يشرف على جميع مخيمات النازحين، قال لـ(كركوك ناو) "طريقة تصميم المخيم و قرب الخيم من بعضها البعض يزيد من سرعة انتشار الحريق."
وأضاف كاروان بأن لديهم تنسيق مع مديرية الدفاع المدني في دهوك ويصلون الى موقع الحوادث التي تقع، "لكن مديرية الدفاع المدني تقول بأنها لا تستطيع إنشاء مركز إطفاء أو توفير مركبة إطفاء في كل مخيم، لأن ذلك يفوق امكانياتهم."
وأوضح كاروان زكي بأن حدوث الحرائق في المخيمات "أمر طبيعي و يحدث في كل مكان"، ورغم ذلك سيبذلون جهوداً حثيثة من أجل توفير مركبات إطفاء لبعض المخيمات.
مخيمات النزوح لا زالت موجودة في اقليم كوردستان و بعض مناطق نينوى فقط، بعد أن قررت الحكومة العراقية العام الماضي إغلاق كافة المخيمات وإعادة النازحين الى مناطقهم الأصلية.
خلال فترة الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش) (2014 – 2017) و سيطرتها على أجزاء واسعة من العراق، نزح ما يقرب من ستة ملايين شخص من مناطقهم الأصلية، لم يعد أكثر من مليون شخص لديارهم لحد الآن.