شح المياه أزمة تعصف بسكان مجمع بورك في قضاء سنجار منذ عام 1975، قاطنو المجمع يعتمدون منذ قرابة ست سنوات على الصهاريج المتنقلة لتأمين احتياجاتهم من مياه الشرب.
قلة قليلة من الناس كانوا يستفيدون من شبكات توزيع المياه في المجمع، وخلال الأعوام السابقة تضررت هذه الشبكات كلياً جراء تداعيات حرب داعش.
تصاعد احتجاجات سكان المجمع يتزامن مع تردي الكهرباء الوطنية وموجة الحر الشديدة التي تجتاح المنطقة في ظل اقتراب درجات الحرارة من 50 درجة مئوية.
"نعاني من نفس المشكلة، ألا وهي شحة مياه الشرب منذ أكثر من 40 سنة، في السابق لم تكن المياه تصل جميع البيوت، ومنذ عدة سنوات ونحن نشتري المياه من الصهاريج المتنقلة"، هكذا تحدث مشكو مراد لـ(كركوك ناو) عن أزمة المياه.
يعيث مشكو في مجمع بورك، ويدأب منذ سنوات على شراء صهريجي ماء كل اسبوع، سعر كل صهريج ماء خمسة آلاف دينار.
مشكلة شح المياه وتردي الكهرباء تعم جميع مناطق العراق بالتزامن مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة، الأمر الذي اضطر المواطنين لتأمين المياه عن طريق الصهاريج.
منذ اليوم الذي تم فيه انشاء شبكات توزيع المياه لم تصلنا مياه شرب كافية إلا نادراً، لذا فأنا مضطر لشراء المياه طوال العام، بتنا نخصص مبلغاً محدداً لشراء المياه اسوة بالمبالغ التي نخصصها لأجور المولدات الأهلية" حسبما قال مشكو.
المصدر الرئيسي للمياه بالنسبة لمجمع بورك يتمثل في الآبار والتي تعرض قسم كبير منها للجفاف بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
خوديدا جوكي، مدير ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار قال لـ(كركوك ناو) "أزمة شح المياه موجودة في بورك منذ حوالي 46 سنة، يعاني المجمع منذ إنشائه من تلك المشكلة، وهي مشكلة لا تخفى عن المسؤولين."
هذه الأزمة جعلتنا نفكر في الرحيل عن المجمع و النزوح مرة أخرى
افتتح مجمع بورك في عام 1975 وهو يتبع إدارياً ناحية سنوني في قضاء سنجار غربي محافظة نينوى.
"نشتري مياه الصهاريج منذ أمد بعيد، لأن شبكات توزيع المياه لم تصل الى منزلنا، هذه الأزمة جعلتنا نفكر في الرحيل عن المجمع و النزوح مرة أخرى"، هذا ما قاله صالح سالم (21سنة)، أحد سكان مجمع بورك.
الاحباط الذي عبر عنه صالح سالم يأتي بالرغم من أنه عاد منذ سنوات قليلة الى المخيم بعد نزوحه جراء هجمات تنظيم داعش.
يقول صالح بأن آبار المياه توشك جميعها على أن تجف كلياً، فيما يعد انقطاع الكهرباء عاملاً آخر يعيق وصول مياه الشرب النقية الى منازل المجمع، نظراً لأن ضخ المياه يحتاج الى طاقة كهربائية.
قبل مجيء داعش كان عدد سكان المجمع يتجاوز ثلاثة آلاف عائلة، وقد عاد اليها ما يقرب من 2500 عائلة نازحة.
كمال سيجو، سائق صهريج متنقل عاد الى مجمع بورك منذ عام 2016، لكنه يقول بأنه لا ينعم بالراحة بتاتاً من كثرة الاتصالات التي ترده من سكان المجمع لطلب ايصال مياه الشرب.
"الناس يطلبون مني ايصال مياه الشرب اليهم، اضطر أحياناً الى إقفال هاتفي الجوال بسبب كثرة الطلبات التي تردني.
يوجد 10 سواق صهاريج مياه متنقلة في مجمع بورك، ينقلون مياه الشرب الى المواطنين يومياً دون توقف، ويقبضون مبلغ خمسة آلاف دينار مقابل كل 1500 لتر من مياه الشرب.
يقول كمال سيدو بأنهم يوزعون مياه الشرب على العوائل الفقيرة مجاناً.
أنا أيضاً كمدير لناحية سنوني اشتري المياه من الصهاريج
"من الأسباب الرئيسية وراء شح المياه احتكار بعض القوى والأحزاب والشخصيات المتنفذة لمياه بئرين لأنفسهم، أحد الأسباب الأخرى تتمثل في تعطل مضخات مياه الآبار"، حسبما اوضح كمال سيدو.
اجتياح تنظيم داعش لسنجار و العمليات العسكرية ضد مسلحي التنظيم ألحقت ضرراً كبيراً بالقطاعات الخدمية في قضاء سنجار.
وأشار مدير ناحية سنوني الى أن المشكلة ليست محصورة في مجمع بورك بل أن 75 بالمائة من سكان الناحية يعتمدون على المياه التي تصلهم عن طريق الصهاريج المتنقلة، "أنا أيضاً اشتري المياه من الصهاريج."
وقال خوديدا بأن المنظمات التابعة للأمم المتحدة ساعدوا في تنفيذ مشروع حفر ثمانية آبار مياه أخرى لمجمع بورك، مشيراً الى انجاز 80 بالمائة من المشروع بانتظار أن يحل هذا المشروع مشكلة شح المياه في المجمع بنسبة 80 بالمائة.
وأردف مدير ناحية سنوني قائلاً "الحل الأمثل لمشكلة شح المياه في عموم المنطقة هو مد شبكات مياه من نهر دجلة، طلبنا ذلك أكثر من مرة، لكن يبدو بأننا سنموت قبل أن نرى هذا المشروع بأم أعيننا."