بساتين النخيل في خانقين تتعرض للتجريف لتحويلها الى مناطق سكنية

خانقين/ آب 2021/ إحدى بساتين النخيل بعد حرقها وتجفيفها تصوير: ليلى أحمد

ليلى أحمد

عشرات المزارعين في خانقين يقتلعون ويحرقون اشجار النخيل بغية تحويلها الى قطع أراضي سكنية وبيعها بمبالغ أكبر، دون الرجوع الى الحكومة و "بدعم اشخاص متنفذين"، في الوقت الذي تقول فيه الجهات الحكومية بأنها بحاجة الى قوة القانون و سلطات عليا من أجل وضع حد لهذه التجاوزات.

عمر بعض تلك البساتين التي تتعرض الى التجريف المتعمد يتراوح بين 50 و 70 سنة. عمليات حرق واقتلاع أشجار النخيل متواصلة مثيرةً قلق الناشطين المدنيين وحماة البيئة في المنطقة الذين يقولون بأنها تحولت من حالة الى ظاهرة.

يقول سربست برزو، وهو ناشط مدني في خانقين، بأن عمليات تجريف بساتين النخيل بدأت منذ عام 2003، لكنها "تحولت من حالة الى ظاهرة في الثلاث أو أربع سنوات الماضية، بحيث توشك بساتين النخيل في خانقين أن تندثر، المزارعون هم جزء من هذه العملية والحكومة لا تبالي."

حسب احصائية لدائرة زراعة قضاء خانقين، هناك ألفان و 254 دونم من البساتين تم تسجيلها في ذلك القضاء، أغلبها بساتين نخيل، الى جانب 160 دونم ذات عقود.

"مساحة البساتين تبدأ من دونم واحد وتصل الى 70 دونماً، معظمها تقع في مركز القضاء"، حسبما أوضح كامران عبدالله، مدير دائرة زراعة خانقين، والذي شدد بأن "الأعوام الأربعة الماضية شهدت تجريف 200 دونم من البساتين التي حولت فيما بعد الى مناطق سكنية."

الأعوام الأربعة الماضية شهدت تجريف 200 دونم من البساتين

الأشخاص الذين تحدثت معهم (كركوك ناو) أكدوا بأن المزارعين غالباً ما يقومون بحرق بساتينهم "عمداً وبشكل سري"، لكي لا يتعرضوا للمساءلة القانونية من قبل الحكومة.

ويضيف سربست برزو "لدينا احصائية تشير الى أن 140 بستاناً قد تم حرقها وتحويلها الى مناطق سكنية منذ أواخر عام 2017، حيث يتم تقسيمها الى قطع أراض سكنية وبيعها... هؤلاء المزارعون يقومون بذلك بدعم بعض المسؤولين."

xwrmaa

خانقين/ آب 2021/ إحدى بساتين النخيل بعد حرقها وتجفيفها   تصوير: ليلى أحمد

الناشطون المدنيون وحماة البيئة في خانقين يرون بأن أحد الأسباب التي أدت ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة في مركز القضاء مردّه الى تقلص رقعة البساتين.

وقال سربست برزو "درجات الحرارة حالياً في خانقين أكثر بمقدار تسع درجات مئوية مقارنة بسبعينات القرن الماضي."

وكانت درجات الحرارة خلال شهر تموز من هذا العام قد بلغت 50 درجة مئوية في خانقين.

وأوضح الناشط المدني بأنه "يوجد في العراق 360 صنف من التمور، معظمها موجودة في خانقين، لكنها بدأت تندثر تدريجياً، في حين ان الحفاظ على نوعيات التمور أمر مهم... التمور ثروة وطنية مهمة."

"أستطيع القول بأن 80 بالمائة من البساتين في مركز القضاء قد اندثرت."

أستطيع القول بأن 80 بالمائة من البساتين في مركز القضاء قد اندثرت

بموجب قانون حماية الأراضي الزراعية رقم 3 لسنة 2008، لا يُسمح بتحويل الأراضي الزراعية الى أراض سكنية بقرار من أصحابها، إلا إذا قررت الدولة ذلك، وقد حركت دائرة الزراعة عدة قضايا في المحكمة ضد اصحاب أراض زراعية في خانقين بالاستناد الى ذلك القانون.

حول ذلك قال كامران عبدالله، "سجلنا دعاوى قضائية على ستة مزارعين قاموا بتجريف بساتينهم و بيعها كقطع أراض سكنية، حيث حول كل واحد منهم مساحة 15 دونم من البساتين الى مناطق سكنية."

سلام عبدالله، ناشط في مجال التوعية البيئية والحفاظ على النظافة في خانقين، ذكر بأن خانقين كانت معروفة ببيئتها الخضراء واعتدال مناخها بسبب كثرة البساتين فيها، " لكنها الآن أصبحت واحدة من أكثر المناطق حرارة في العراق وهناك خطة لتصحيرها... يقف وراء هذه العملية أشخاص متنفذون، لأن المزارعين لا يستطيعون تنفيذ أمر كهذا لوحدهم."

سلام عبدالله وعشرات غيره من الناشطين خرجوا في عدة تظاهرات خلال الأعوام الماضية لكن الضغوط التي مارسوها لم تثمر عن إيقاف هذه العملية.

"ينبغي أن تقوم الحكومة بتنفيذ القوانين، هناك تجاوزات كثيرة على الأملاك وتحويل جنس الأراضي من زراعية الى سكنية دون الرجوع الى الحكومة"، حسبما قال سلام.

قضية التجاوزات على الأملاك والأراضي الزراعية، حسب أوس ابراهيم، رئيس بلدية خانقين، تعد من القضايا "الشائكة جداً" في القضاء.

وقال أوس ابراهيم في تصريح لـ(كركوك ناو) "إيقاف هذه التجاوزات يتطلب قوة القانون و سلطات عليا."

في 11 آب الجاري تعرضت لجنة رفع التجاوزات في خانقين لإطلاق نار أثناء محاولتهم إزالة محل بني بصورة غير قانونية، أعضاء اللجنة لم يصابوا بأذى والمعتدي قد أحيل الى المحكمة.

الى جانب بساتين النخيل توجد العشرات من بساتين البرتقال، الليمون والفواكه الأخرى في خانقين، تواجه جميعها خطر الاندثار.

يقول محمد عزت، الذي يملك أكثر من 100 دونم من بساتين النخيل، البرتقال والليمون بأنه لا ينوي تجريفها تحت أي ظرف، "هذه ثروة ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، تعود أشجار نخيلي الى خمسينات القرن الماضي... كان جدي في وقتها ينقل محاصيل النخيل الى بغداد و دول الخليج العربي بالقطار ويبيعها هناك."

تحتل أشجار النخيل مساحة 13 دونم ونصف من بساتين محمد، ويقول "انتاجها السنوي يصل الى ستة أطنان من التمر أقوم بتسويقها الى محافظة ديالى"، ويحث محمد عزت المزارعين على عدم تجريف بساتينهم بغية الحصول على الأموال وفي الوقت نفسه يطالب الحكومة بتقديم العون للمزارعين لكي لا يتضرروا.

"قبل عملية تحرير العراق في عام 2003، كانت الحكومة ترش البساتين بالمبيدات الزراعية باستخدام الطائرات، لكن لا احد يكترث لنا الآن، ربما يكون هذا الاهمال سبباً يدفع المزارعين لتجريف بساتينهم وبيعها على هيئة اراض سكنية"، حسبما قال محمد عزت.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT