سعيد حسن، أحد قادة وحدات مقاومة سنجار (اليبشة) والذي قضى في الغارة الجوية التي شنتها المقاتلات التركية على سنجار كان في قائمة المدعوين لاجتماع مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. عقب الحادث، زار الكاظمي قضاء سنجار والتقى بالقوات الأمنية وضحايا تنظيم داعش.
زيارة الكاظمي الى نينوى، ومن ضمنها قضاء سنجار، أعقبها هجومان تركيان على سنجار، أسفرا عن مصرع 10 أشخاص و جرح ما لا يقل عن سبعة آخرين، بينهم مقاتلون في صفوف اليبشة، منتسبو صحة و مدنيون.
سعيد حسن، أحد قادة اليبشة، والذي كان يتولى أيضاً قيادة الفوج 80 في قوات الحشد الشعبي، استُهدِف مع خمسة آخرين كانوا يستقلون مركبة وسط سنجار في 16 آب الجاري، القصف أسفر عن مقتل سعيد حسن وابن شقيق له اضافة الى اصابة ثلاثة آخرين بجروح.
في الغارة الجوية الثانية التي شُنّت في 17 آب، استهدفت المقاتلات التركية مستشفى سكينية الواقع جنوبي سنجار، وحسب بيان لمجلس الادارة الذاتية في سنجار، لقي ثمانية اشخاص حتفهم، بينهم طبيب، ثلاثة من منتسبي الصحة وأربعة مقاتلين في صفوف وحدات مقاومة سنجار (اليبشة).
هل كان سعيد حسن من قادة اليبشة أم الحشد لشعبي؟
يؤكد المسؤولون في مجلس الادارة الذاتية في سنجار، الذي يتولى إدارة شؤون القضاء حالياً، بأن سعيد حسن كان في الوقت نفسه، من قادة وحدات مقاومة سنجار (اليبشة) و آمر الفوج 80 في قوات الحشد الشعبي.
مدير ناحية سنوني خوديدا جوكي قال لـ(كركوك ناو)، "رئاسة مجلس الوزراء العراقي وجّهت دعوة لـ(سعيد حسن) من أجل حضور اجتماع مع الكاظمي يشارك فيه ممثلو فئات قضاء سنجار المختلفة، لكن قبل وصول الكاظمي الى سنجار، تم استهداف سعيد حسن"، وشدد جوكي قائلاً "تم استهداف سعيد بينما كان متوجهاً لمقر الاجتماع."
في 16 آب، ترأس مصطفى الكاظمي اجتماعاً لمجلس الوزراء في نينوى، ثم توجه الى سنجار واجتمع في قرية كوجو مع أهالي القرية، الجهات الأمنية، الحكومية وضحايا تنظيم داعش.
وقال خوديدا جوكي الذي تسلّم منصب مدير ناحية سنوني في إطار مجلس الادارة الذاتية، " اذا لم تكن تصفية سعيد حسن و قصف مستشفى سكينية في اليوم التالي جزءاً من مؤامرة، فما هي إذن؟"، دون أن يعطى توضيحات أكثر.
يعد مجلس الادارة الذاتية في سنجار جهة مقربة من حزب العمال الكوردستاني وقد تأسس من قبل فئات سنجار المختلفة لتولي إدارة القضاء والنواحي التابعة له، وقد اختار المجلس بنفسه أشخاص لمنصب القائممقام و مدراء النواحي دون الرجوع الى الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان.
"ندين اغتيال سعيد حسن و مقاتلي اليبشة الآخرين ومنتسبي الصحة والمدنيين على يد تركيا، نطالب المسؤولين في العراق والدول الأخرى بأن لا يقبلوا بقصف سنجار مجدداً ووضع حد للاعتداءات التركية..."، على حد قول خوديدا جوكي.
وكان مقاتلو اليبشة قد بدأوا نهاية تشرين الثاني 2020 انسحابهم من مقراتهم في مركز سنجار الى المناطق المحيطة بالقضاء، وذلك بعد وصول قوة من الشرطة الاتحادية في إطار اتفاق أبرم بين الحكومة الاتحادية و حكومة اقليم كوردستان بشأن سنجار، كما تم دمج قسم من مقاتلي اليبشة ضمن الفوج 80 في قوات الحشد الشعبي الذي كان سعيد حسن يتولى قيادته.
وكان دخيل مراد، رئيس مجلس الادارة الذاتية الديمقراطية في خانه سور بسنجار قد أكد في تصريح سابق لـ(كركوك ناو) بأن "مقاتلي اليبشة أصبحوا جزءاً من قوات الحشد الشعبي، وكان ألف من مقاتلي اليبشة قد تم تعيينهم ضمن ملاكات الحشد الشعبي وحالياً يتم تعيين ألف و 500 مقاتل آخرين ضمن قوات الفوج 80"، مضيفاً بأن "الحشد الشعبي قوة رسمية تابعة للحكومة العراقية، لذا فمن الطبيعي أن تصبح قواتنا جزءاً من الحشد الشعبي."
وقال حيدر ششو، قائد قوات حماية ايزيدخان في حدود سنجار –المقرب من الحزب الديمقراطي الكوردستاني- في تصريح لـ(كركوك ناو) "مقتل سعيد حسن، بصفته قائداً في اليبشة وكذلك آمراً للفوج 80 في الحشد الشعبي، يدل على أن الحكومة العراقية تعمل في نفس الوقت على جهتين (تركيا و حزب العمال الكوردستاني)، فهي تستخدم من جهة حزب العمال الكوردستاني الذي يتمركز قسم منه في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ومن جهة أخرى لديها اتفاق مع تركيا يسمح للجيش التركي بقصف سنجار بحجة وجود مسلحي حزب العمال الكوردستاني فيها.... والضحية الأولى في هذه الحالة هم أهالي سنجار."
"ما حدث جرى وفق خطة متفق عليها مع العراق، يجب على الحكومة العراقية من الآن فصاعداً أن تعترف بأنها لا تستطيع حماية سيادة الدولة... تركيا تستخدم حزب العمال الكوردستاني كذريعة لقصف سنجار، لا يخفى أن عناصر حزب العمال الكوردستاني متواجدة في سنجار، لكنها تواجدها كان بموافقة الحكومة العراقية"، على حد تعبير حيدر ششو.
وأضاف "اليوم الذي قامت فيه تركيا بقصف مستشفى سكينية، كان هناك 40 عنصراً من قوات اليبشة يعقدون اجتماعاً داخل المستشفى، يبدو بأن تركيا علمت بذلك فقررت قصف المستشفى."
حسب احصائيات مجلس الادارة الذاتية في سنجار، والتي نشرتها وسائل إعلام مقربة من حزب العمال الكوردستاني، لقي أربعة من مقاتلي اليبشة مصرعهم و اصيب أربعة آخرون بجروح في القصف الذي استهدف المستشفى، "كانوا يتلقون العلاج في المستشفى."
في 22 كانون الثاني، 2021، أطلق رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان تهديدات حول نية تركيا تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة داخل الأراضي العراقية، حيث قال "كنا ولا زلنا مستعدين لتنفيذ عمليات مشتركة"، وحول مغزى التصريح قال أردوغان "لدي مقولة هي أننا قد نأتي على حين غرة ذات ليلة، وهذا كل ما في الأمر"، وذلك حسب وكالة الأناضول التركية التي كتبت في عنوانها الرئيسي "أردوغان حول سنجار: قد نأتي ذات ليلة."
لم تتبن الحكومة العراقية أي موقف بخصوص الغارات الجوية تلك، لكن قوات الحشد الشعبي شددت في أكثر من مناسبة على استعدادها للتصدي لأي هجوم تركي محتمل على سنجار.
حسو ابراهيم، نائب رئيس مجلس الادارة الذاتية في سنجار قال لـ(كركوك ناو)، "كنا مدعوين لحضور اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لكننا قاطعنا الاجتماع بسبب الهجوم واستشهاد القيادي في اليبشة."
خدر شرف حتو، (34 سنة)، أحد منتسبي الصحة الأربعة الذي قتلوا في القصف الذي وقع في 17 آب، ترك وراءه سبعة أطفال، حسبما قال حيدر خوديدا، خال خدر شرف.
وقال حيدر لـ(كركوك ناو) "خدر كان يداوم في المستشفى، لقي حتفه خلال القصف... سكان المنطقة انتشلوا جثته و نقلوها الى دائرة الطب العدلي في الموصل."
خدر كان يداوم في المستشفى، لقي حتفه خلال القصف... سكان المنطقة انتشلوا جثته و نقلوها الى دائرة الطب العدلي في الموصل
"توجهنا الى دائرة الطب العدلي، هناك أخبرونا بأننا يجب أن ننقل الجثة الى دائرة الطب العدلي في بغداد، لكي يتم تسجيله كشهيد (مدني)، وإلا فإنi لن يًسجل كشهيد، اضطررنا لنقل الجثة الى بغداد"، وتابع حيدر خوديدا قائلاً، "بسبب تركيا، تيتم سبعة أطفال... الجميع يلتزمون الصمت، ندعو أن يأخذ الله بحقنا."
بالرغم من الحصيلة التي نشرها مجلس الادارة الذاتية في اليوم الذي تلا الهجوم والتي أفادت بأن ثمانية أشخاص قد قتلوا في الغارة الثانية، إلا أن مدير ناحية سنوني خوديدا جوكي يقول "الحصيلة النهائية لم تًحسم بعد... عدد القتلى أكثر من ذلك، بينهم عدد من سكان القرية ومواطنان عربيان."
المستشفى الذي تعرض للقصف كان سابقاً مدرسة بنتها قوات اليبشة. يقول خوديدا بأن المستشفى لم يكن خاصاً بمقاتلي اليبشة فقط، "كان يخدم سكان سنجار و سنوني ايضاً، شخصياً قصدت ذلك المستشفى عدة مرات لتلقي العلاج، وهو مستشفى كبير."