تًجرى تدريبات عسكرية مكثفة لألفي عنصر مسلح من قوات البيشمركة والجيش العراقي تمهيداً لدمجهم في ألوية مشتركة ستتولى بدءاً من العام المقبل سد الثغرات الأمنية في كركوك و المناطق الأخرى المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان.
تكثيف التدريبات يأتي في إطار تشكيل لواءين مشتركين بقرار من الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان بعد تصاعد وتيرة هجمات مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش).
وشهدت الفترة من 27 تشرين الثاني لغاية 5 كانون الأول 2021 مصرع 22 من أفراد البيشمركة و ثلاثة مدنيين في المناطق الواقعة بين خطوط تمركز البيشمركة والجيش العراقي في محافظات كركوك، نينوى وديالى جراء هجمات مسلحة لداعش وانفجار عبوات ناسفة.
الحادث الأمني الأخير وقع ضمن حدود محافظة كركوك، حث شن مسلحو داعش في وقت متأخر من ليلة 5 كانون الأول الجاري هجوماً على أحد مواقع اللواء 126 لقوات البيشمركة بالقرب من قرية قره سالم في منطقة شيخ بزيني (شمال شرقي كركوك) وأشارت حصيلة أعلنتها الأمانة العامة لوزارة البيشمركة الى "استشهاد أربعة من البيشمركة."
تقع هذه المنطقة بين مواقع البيشمركة والقوات التابعة للحكومة الاتحادية والتي بحب بعض القادة العسكريين تتخللها ثغرات أمنية.
ممثلو وزارة الدفاع العراقية ووزارة البيشمركة بدأوا محادثات منذ اشهر لتشكيل لواءين مشتركين لسد الفراغات الأمنية بين الجانبين في المناطق المتنازع عليها.
الأمين العام لوزارة البيشمركة، جبار ياور منده، قال في تصريح لـ(كركوك ناو) بأن هناك تفاهماً مشتركاً لتشكيل اللواءين وليس اتفاقاً موقعاً، كان من المفروض أن تتسلم تلك الألوية مهامها في شهر تموز الماضي، لكن الأمر تأجل بسبب عدم تخصيص الميزانية والمعدات والمستلزمات العسكرية.
وأضاف جبار ياور، "يخضع لواء من البيشمركة حالياً للتدريب في مركز تدريب وزارة البيشمركة، والأمر نفسه ينطبق على اللواء التابع للجيش العراقي، ومن المقرر دمج اللواءين خلال هذا الشهر ونشرهما في مناطق المادة 140 (المناطق المتنازع عليها) في شهر كانون الثاني 2022."
وأوضح أمين عام وزارة البيشمركة بأن تحديد المواقع التي سيباشر فيها اللواءان مهامهم سيعقب إجراء مسح ميداني لمعرفة مناطق تحركات داعش.
ليلة الأحد، 5 كانون الأول، أخليت قرية لهيبان بناحية سركران التابعة لمحافظة كركوك من سكانها بالكامل، عقب تعرضها لثلاث هجمات شنها مسلحو داعش خلال اسبوع واحد.
قرابة 70 عائلة كانت تقطن قرية لهيبان قل أحداث 16 أكتوبر 2017 وعودة القوات العراقية الى المناطق المتنازع عليها، لكن قبل هجمات داعش الأخيرة، قل عدد العوائل المقيمة في القرية الى 20 عائلة فقط.
خلية الاعلام الأمني أعلنت في بيان يوم الاثنين، 6 كانون الأول، بأن قوات الفرقة 14 ف يالجيش العرقي و قوة من المحور الخامس للبيشمركة تعملان على تأمين الحماية اللازمة لسكان قرية لهيبان.
في أعقاب وصول قوات الجيش العراقي والبيشمركة الى المنطقة بدأ سكان قرية لهيبان بالعودة الى منازلهم.
اللواء عبدالخالق طلعت، ممثل إقليم كوردستان في قيادة القوات المشتركة العراقية قال لـ(كركوك ناو) بأن البيشمركة والجيش العراقي توصلوا الى اتفاق بشأن تشكيل لواءين مشتركين وأن "تقدماً جيداً تم إحرازه لحد الآن وأن جزءاً من تلك القوة تتدرب الآن، وهذا دليل على أن الاتفاق في طور التنفيذ."
وأضاف بأن هناك بعض الأمور الفنية والعسكرية العالقة، ونوّه بأن رواتب اللواءين المشتركين معدة وقد أرسلت الى وزارة المالية.
رواتب اللواءين ستصرف من قبل الحكومة العراقية وهي التي ستقو ايضاً بتسليح اللواءين بالتعاون مع قوات التحالف الدولي.
لا يمكن سد الثغرات من خانقين الى سحيلا بلواءين فقط، لذا فإن نجاح هذه الخطوة سيمهد الطريق لتشكيل ألوية أخرى في المستقبل
في المرحلة الأولى سيتم تدريب ألفي مسلح من البيشمركة والجيش العراقي، بعدها سيتم نشرهم في تلك المناطق التي ستحددها لهم قيادة العمليات المشتركة لاحقاً"، بحسب عبدالخالق طلعت الذي يرى بأنه لا توجد عوائق أمام تنفيذ الاتفاق وأنه بحاجة الى الوقت فقط بسبب انقطاع التواصل بين الجانبين عقب أحداث 16 أكتوبر 2017.
وكانت قوات البيشمركة قد تمركزت في معظم المناطق المتنازع عليها بعد هجمات داعش في 2014 لغاية انسحابها عقب أحداث 16 أكتوبر 2017، حين فرضت القوات التابعة للحكومة الاتحادية سيطرتها على تلك المناطق بسبب تأزم العلاقات بين بغداد وأربيل بسبب استفتاء استقلال اقليم كوردستان.
"إذا كان آمر اللواء كوردياً ينبغي أن يكون نائبه من المكون العربي، وبالعكس، المسألة أكبر من تشكيل لواءين، لا يمكن سد الثغرات من خانقين الى سحيلا بلواءين فقط، لذا فإن نجاح هذه الخطوة سيمهد الطريق لتشكيل ألوية أخرى في المستقبل."
ويقول ممثل اقليم كوردستان في قيادة العمليات المشتركة العراقية بأن اللواءين سيتمتعان بكافة الصلاحيات وسيتسلمون الأوامر من قيادة العمليات المشتركة، فيما ستتولى الحكومة العراقية والتحالف الدولي تزويد اللواءين بالأسلحة والمعدات العسكرية.
قوات البيشمركة والجيش تمكنت في ايار 2021 من تشكيل مراكز للتنسيق المشترك في بغداد، أربيل، كركوك، ديالى وعدة مناطق من محافظة نينوى، بهدف تبادل المعلومات العسكرية والاستخباراتية.
الفريق الركن عبدالأمير الشمري، نائب قائد العمليات المشتركة العراقية قال في بيان نشر يوم 4 كانون الأول 2021 بأنهم اتفقوا مع البيشمركة على شن عملية عسكرية واسعة النطاق في المناطق التي تشهد فراغات أمنية بين مواقع قوات الحكومة الاتحادية والاقليم، اضافة الى اتفاق بشأن تعزيز التنسيق الميداني والقصف الجوي لمواقع وأوكار مسلحي داعش.
تصريحات الشمري جاءت عقب اجتماع عقد في بغداد بين وفدين أمنيين رفيعي المستوى من الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان .
ويقول الشمري، "توجد مشاكل في المناطق ذات الاهتمام المشترك للجانبين، يتطلب الأمر تنسيقاً ميدانياً بين تلك القوات بصورة مستمرة وعاجلة، تقرر في الاجتماع منح الصلاحيات لقوات الجانبين بغية التنسيق والتعاون الاستخباراتي وشن العمليات، وذلك على امتداد الحدود الفاصلة بين مواقع تمركز قوات الحكومة الاتحادية والبيشمركة."
توجد فراغات أمنية كثيرة بين خطوط انتشار قوات الجيش و البيشمركة من خانقين بمحافظة ديالى الى منطقة سحيلا التابعة لمحافظة نينوى، على امتداد 560 كيلومتراً، وتعد مهمة سد تلك الفراغات بلواءين صعبة للغاية.
لكن أمين عام وزارة البيشمركة يقول بأن تشكيل اللواءين هي المرحلة الأولى فقط وسيتم الاتفاق على تشكيل ألوية أخرى في المستقبل.
وكان مسلحو داعش قد هاجموا الاسبوع الماضي (2 كانون الأول) قرية خدر جيجه على سفح جبل قرجوغ بقضاء مخمور (نينوى)، لكن سكان القرية بمساعدة بعض أفراد البيشمركة المتمركزين في نقطة مرابطة عسكرية داخل القرية تصدوا للهجوم الذي اسفر حسب الحصيلة التي نشرتها وزارة البيشمركة عن "استشهاد 10 من البيشمركة و ثلاثة مدنيين".
تعتبر سلسلة جبال قرجوغ شرق قضاء مخمور وجنوب شرق محافظة نينوى منطقة وعرة نسبياً وهي مناسبة لاختباء مسلحي داعش فيها. كما أنها تمثل منطقة فاصلة بين مواقع تمركز القوات العراقية وقوات البيشمركة، غير أن القرية التي وقع فيها هجوم ليلة أمس تخضع لسيطرة القوات التابعة لحكومة اقليم كوردستان.
ويشدد جبار ياور على أن الخلافات السياسية ادت الى تأجيل تشكيل الالوية المشتركة، "تلك المناطق هي في الأساس مناطق متنازع عليها، هناك توجهات سياسية عند بعض الجهات العراقية ترى بأن حكومة اقليم كوردستان تريد العودة الى تلك المناطق عن طريق تشكيل تلك الألوية، لكن ليست لدينا أهداف سياسية بل نريد القضاء على داعش في تلك المناطق."
الأحزاب العربية والتركمانية في كركوك عبرت مراراً عن معارضتها لتشكيل الألوية المشتركة وعودة البيشمركة الى المناطق المتنازع عليها.
رغم إعلان الحكومة العراقية نهاية سيطرة تنظيم داعش أواخر عام 2017، لا تزال المناطق المتنازع عليها تشهد تحركات مستمرة لمسلحي التنظيم.