هل تعود المادة 140 لطاولة المفاوضات؟
الأحزاب الكوردية لديها "شروط وخطوط حمراء" بشأن المناطق المتنازع عليها

كركوك/ أيار 2017/  سوق شعبي وسط مدينة كركوك قرب القلعة التاريخية   تصوير: كركوك ناو

فرمان صادق

رغم أن الأحزاب الكوردية لم تضع برنامجاً مشتركاً للمفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لكن كلاً منها لديها "شروط وخطوط حمراء"، يفسرونها على أنها تدخل ضمن معركة استرداد حقوق كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها.

مفاوضات الأحزاب السياسية في العراق بدأت بصورة غير رسمية عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 تشرين الأول من هذا العام، حيث تشهد مباحثات ساخنة حول تشكيل الحكومة رغم أن النتائج النهائية للانتخابات لم تتم المصادقة عليها بعد.

تقول الأحزاب الكوردية بأن الأوضاع في المناطق المتنازع عليها والمادة 140 من الدستور تشكل جزءاً رئيسياً من مفاوضاتهم ومباحثاتهم.

"مصير هذه المناطق في المباحثات الداخلية لإقليم كوردستان تمهيداً للمشاركة في الحكومة العراقية الجديدة وكذلك تلك التي تعقد مع الجهات والأحزاب العراقية الأخرى، سيكون من النقاط الرئيسية"، هذا ما قاله محمد خورشيد، عضو المجلس القيادي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ومسؤول فرع الحزب في كركوك.

وأكد خورشيد لـ(كركوك ناو) بأن مواقف الديمقراطي الكوردستاني، الذي بات يملك 31 مقعداً في البرلمان العراقي، "ثابتة" إزاء مصير المناطق المتنازع عليها.

الحزب الديمقراطي الكوردستاني قاطع الانتخابات البرلمانية السابقة في كركوك بحجة أن الأوضاع في المحافظة غير مستتبة، لكنه شارك في هذه الانتخابات وتمكن من الفوز بمقعدين فيها.

mada140

مواطن كوردي يقرأ شعارا مكتوبا على أحد الجدران يقول: (داعش نفذ المادة 140)، وذلك في اشارة الى عودة القوات الكوردية الى جميع المناطق المتنازع عليها في عام 2014 

"شرطنا الرئيسي للمشاركة في الحكومة العراقية تطبيع الأوضاع في تلك المناطق من الناحية العسكرية وكذلك تسليم الصلاحيات العسكرية للشرطة، هاتان النقطتان بدأ تطبيقهما تدريجياً"، وأردف محمد خورشيد بأن النقاط الأخرى تتضمن "ضمان الحرية للكورد القاطنين في تلك المناطق، بالأخص في كركوك، وهذه شروط رئيسية للحزب الديمقراطي الكوردستاني و هي خطوط حمراء."

الديمقراطي الكوردستاني لم يعد الى كركوك منذ أحداث 16 أكتوبر 2017 الى حين انطلاق الحملات الانتخابية لانتخابات 2021 التشريعية، نظراً لأن السلطة الأمنية والادارية آلت بصورة تامة الى الحكومة الاتحادية، وفي المقابل انسحبت حكومة الاقليم عقب تأزم العلاقات بين الجانبين بسبب استفتاء الاستقلال في اقليم كوردستان.

من جهة أخرى، يطالب الاتحاد الوطني الكوردستاني، الذي حصد 18 مقعداً برلمانياً وخسر نصف مقاعده في كركوك، بمنصب محافظ كركوك، فيما يسعى لعودة النازحين الى المناطق الأخرى المتنازع عليها.

غياث سورجي، نائب مسؤول مركز تنظيمات الموصل للاتحاد الوطني الكوردستاني قال لـ(كركوك ناو)، أحد شروطنا للمشاركة في الحكومة المقبلة يتمثل في تنفيذ المادة 140، الى جانب عودة النازحين، "هذه النقاط في أولوية برنامج عملنا وأجندة المفاوضات."

ويأتي ذلك في الوقت الذي لم تدرج الحكومة العراقية برئاسة مصطف الكاظمي العمل بالمادة 140 من الدستور العراقي ضمن برنامج عملها منذ أن نالت ثقة البرلمان في أيار 2020، مع ذلك شارك كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في الحكومة.

ويقول سورجي، "ملف عودة نازحي سنجار وسهل نينوى وإعادة إعمار تلك المناطق من الخطوط الحمراء للاتحاد الوطني، لأن عدم عودة النازحين سيؤدي الى حدوث تغيير ديموغرافي في تلك المناطق"، ويرى بأن الوقت قد حان لحسم مشكلة المناطق المتنازع عليها التي بقيت معلقة بسبب أحداث 16 أكتوبر 2017 وعدم تهيؤ فرص مناسبة.

xanaqen.wazho

خانقين/ 15 تموز 2019/ حملة جمع تواقيع للمطالبة بتنفيذ المادة 140   تصوير: كركوك ناو

بموجب الدستور العراقي الذي أقرته أغلبية المصوتين في العراق، يجب حسم مصير المناطق المتنازع عليها وفق ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع ثم التعداد، على أن يتبع ذلك استفتاء محلي بشأن عائديتها، وذلك حسب المادة 140 التي حددت نهاية عام 2007 موعداً نهائياً لتنفيذ تلك المراحل.

وتستند تلك المادة الدستورية الى تنفيذ مضمون المادة 58 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، والذي صدر في آذار 2004، ويتألف من ثلاث فقرات.

"قلنا مراراً بأن يكون تطبيق المادة 140 النقطة الأولى في المفاوضات مع بغداد، لكن مع الأسف لم يكن أبداً النقطة الأولى"، على حد قول ابراهيم خليل، عضو المجلس القيادي للاتحاد الاسلامي الكوردستاني ومسؤول الملف السياسي لكركوك في الحزب.

ويقول ابراهيم خليل بأن الوقت قد حان لتنفيذ المادة 140، ليس فقط إدراجها ضمن برنامج عمل الحكومة وتجاهلها فيما بعد، لذا فإن هذه المادة تعتبر أولوية يصر عليها حزبه.

وأوضح ابراهيم خليل في حديثه لـ(كركوك ناو) بأن ثوة الكورد تكمن في وحدة الخطاب وبأنهم يدعمون التعايش السلمي من سنجار الى خانقين، مع ضمان حقوق جميع المكونات، "هذه القضايا الثلاث نقاط جوهرية ناقشناها مع المكتب السياسي للحزب لكي نجعلها برنامجاً للمحادثات والمفاوضات."

تشكلت اللجنة الدستورية لتنفيذ المادة 140 في عام 2006، يتمحور عمل تلك اللجنة حول إعادة وتعويض العوائل التي تم ترحيلها من ديارها أو تضررت خلال فترة حكم النظام السابق (1968 – 2003).

اللجنة التي كان رئيسها وأعضاؤها من مكونات العراق لمختلفة افتتحت مكاتب خاصة بها في عدة محافظات، وخلال الأعوام الماضية تم قطع ميزانيتها وفي عام 2021 خصص أقل من 13 مليار دينار لتسيير أعمال تلك المادة في الوقت الذي تحتاج فيه الى 60 مليار دينار.

shngal werankari

نينوى/ 2018/ آثار الدمار الذي خلفته الاشتباكات ضد  تنظيم  داعش وسط قضاء سنجار المتنازع عليه   تصوير: كركوك ناو 

ويقول مسؤول فرع كركوك للحزب الديمقراطي الكوردستاني بأن اللجنة الخاصة بتنفيذ المادة 140و رئيس اللجنة "كانوا جزءاً من العوائق أمام تنفيذ المادة"، دون أن يعطي توضيحات أكثر.

المحكمة الاتحادية العليا شددت في عام 2019 على تفعيل المادة 140 من الدستور لحين تنفيذ جميع الاجراءات المتعلقة بتلك المادة.

ويرى محمد خورشيد بأن تلك المادة لا تُنَفّذ بلجنة برلمانية، وبأنه "بعد تطبيع الأوضاع في كركوك، سيكون تنصيب محافظ كوردي الخطوة الأولى، ومن ثم تنفيذ البنود الأخرى للمادة 140"، وأضاف، "بالنسبة لسنجار، يشترط الحزب الديمقراطي الكوردستاني تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة العراقية."

في تشرين الأول 2020، أبرمت الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان اتفاق سنجار الخاص بإعادة تنظيم الملف الاداري، الأمني والخدمي في القضاء، لكن من بنود الاتفاق لم تُنَفّذ كما هي لحد الآن. 

ويقول مسؤول الملف السياسي لكركوك في الاتحاد الاسلامي الكوردستاني بأن قضية المناطق المتنازع عليها بالنسبة للكورد تتمثل في مرحلتين، الأولى الحصول على الحقوق الدستورية والثانية حماية المكتسبات، "لم نستطع استرداد حقوقنا الدستورية بعد ولا زلنا في المرحلة الأولى طوال 18 عاماً، لم نستطع الحفاظ على ما كسبناه بسبب تشتتنا، ومسؤولية ذلك تقع بالمرتبة الأولى على الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني لأنهما لم يعملا كفريق واحد في المناطق المتنازع عليها."

المناطق المتنازع عليها، مصطلح دستوري يطلق على الوضع السياسي والاداري لمحافظة كركوك والمناطق الأخرى التي طرأت عليها تغييرات ديموغرافية وإدارية نتيجة للسياسات التي اتبعتها الحكومة العراقية في الفترة من 1968 الى 2003.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT