اللقاح في متناول اليد لكن النازحون يعزفون عن التطعيم

كفري/ آذار 2021/ امرأة نازحة تعمل في حقل زراعي بإحدى قرى القضاء   تصوير: ليلى أحمد

ليلى أحمد

يقول قسم من النازحين المقيمين في قضاءي كلار وكفري بمحافظة السليمانية شمالي العراق، بأنهم غير مستعدين لتلقي لقاح كورونا الا اذا اضطروا لذلك من أجل تسيير معاملاتهم في الدوائر التابعة للحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان والتي تشترط على الموظفين والمراجعين تلقي اللقاح.

في حزيران 2021 اشترط مجلس الوزراء العراقي اخذ اللقاح أو الخضوع لفحوص الكشف عن فيروس كورونا للسماح للمواطنين بمراجعة الدوائر وتمشية معاملاتهم.

بموجب القرار، أثناء مراجعة الدوائر الحكومية، يجب أن يحمل المراجع بطاقة التلقيح أو بطاقة فحص كورونا نافذة لأسبوعين.

يعترف النازحون، ومعظمهم من محافظتي ديالى وصلاح الدين ومن الطائفة السنية، بعدم وجود عراقيل تمنعهم من تلقي اللقاح وأنهم يستطيعون الحصول عليه بسهولة لكنهم يفضلون عدم تلقيها إلا إن كانوا مضطرين.

نعيمة تحسين، (56 سنة)، نزحت من ديارها منذ سبع سنوات وتعيش حالياً في قرية نائية بناحية سرقلا التابعة لقضاء كفري وهي منشغلة مع أبنائها بالزراعة، تقول نعيمة، "نحن لا نختلط بالناس، إذن لماذا يجب أن نأخذ اللقاح... عائلتنا مؤلفة من ثمانية افراد، لم يتلق أي منا اللقاح".

منذ صدور قرار الحكومة العراقية، لم تحتج نعيمة لمراجعة أية دائرة حكومية، وليس من الواضح فيما إن كانت ستقرر أخذ اللقاح مستقبلاً أم لا.

تقول عفيفة قاسم محمد، وهي أرملة تعيش مع بناتها الثلاث في نفس قرية نعيمة، بأنها لم تكن مستعدة لأخذ لقاح كورونا لكن في شهر كانون الأول 2021 "اضطرت" لأخذ اللقاح قبيل مراجعتها دائرة حكومية.

هاتان الامرأتان فقدن أزواجهن واخترن البقاء والعيش في ناحية سرقلا بسبب تدهور الوضع الأمني ووجود مجاميع مسلحة في مناطقهن.

"راجعت دائرة حكومية في قضاء كفري لإكمال معاملة رسمية، لكنهم طلبوا مني في قسم الاستعلامات بطاقة التلقيح فأخبرتهم بأنني لم أتلق اللقاح فقالوا بأنهم لم يسمحوا لي بالدخول دون بطاقة التلقيح".

فيديو: وزارة الصحة تحث المواطنين على تلقي اللقاح

اضطرت عفيفة بعد ذلك للتوجه الى مركز للتطعيم ضد كورونا في قضاء كفري وأخذ جرعة اللقاح، "المركز كان مكتظاً جداً، عدد كبير من الناس كانوا ينتظرون في طوابير لتلقي اللقاح، وقفت في الطابور وأخذت اللقاح"، كل ما احتاجت اليه حنيفة كان إظهار بطاقة هوية.

وقالت عفيفة، "لم تكن لأتلقى اللقاح لولا حاجتي لإكمال معاملة الدائرة الحكومية".

يعيش 30 ألف نازح (داخل وخارج المخيمات) في مناطق إدارة كرميان، وفقاً لما قاله بيستون زازليي، مسؤول قسم شؤون النازحين في إدارة كرميان.

بعض النازحين، أمثال نعيمة و عفيفة، يقيمون في قرى نائية.

حسب قرار الحكومة المحلية في كرميان، بإمكان النازحين مثل غيرهم من المواطنين تلقي جرعات لقاح كورونا بإظهار بطاقة الهوية في مراكز التطعيم.

عفيفة، رئيسة العائلة والوحيدة التي أخذت اللقاح قالت لـ(كركوك ناو)، "لا نختلط بالناس لذا لا نصاب بكورونا ولا نحتاج للقاح".

بالرغم من توفر مراكز تطعيم يستطيع النازحون الحصول فيها على جرعات اللقاح، شكّلت إدارة كرميان فرق جوالة تزور النازحين في المناطق النائية حسبما يقول فريق عبدالرحمن، مسؤول توزيع اللقاحات في دائرة صحة كرميان.

"لم نفصل النازحين عن غيرهم من المواطنين فيما يخص منح اللقاح، بمقدورهم تلقيح أنفسهم شرط أن تكون بحوزتهم بطاقة هوية رسمية".

حسب إحصائيات دائرة صحة كرميان، تلقى 1600 نازح فقط لقاح كورونا خلال العام الماضي وهو ما دفع دوائر الصحة للتفكير في تشكيل فرق جوالة لتمكين للنازحين المقيمين في القرى النائية من الحصول على اللقاح.

kalar-1-1
كلار/ كانون الثاني 2022/ مركز للتطعيم ضد كورونا في أحد مستشفيات القضاء   تصوير: إعلام دائرة صحة كرميان

القرار الخاص باشتراط أخذ اللقاح أو إجراء فحص كورونا للسماح بتسيير المعاملات دخل حيز التنفيذ في دوائر كرميان أواخر العام الماضي، وحسب معلومات (كركوك ناو) وتأكيدات مسؤولي المنطقة، بعد صدور القرار زادت نسبة الملقحين مقارنة بالسابق، لكن (كركوك ناو) لم يتمكن من الوصول الى إحصائية دقيقة بهذا الخصوص.

تنص بنود القرار الحكومي على أنه يعفى من تلقي اللقاح الأشخاص الذين لديهم تقارير طبية تثبت إصابتهم بأمراض تتعارض مع اللقاح، أو الذين لم تمض ثلاثة أشهر على إصابتهم بفيروس كورونا.

ويقول النازح عباس الشامي (59 سنة) ، "سمعت بأن اللقاح مضر للأشخاص المصابين ببعض الأمراض المزمنة، أغلب أفراد أسرتي يعانون من أمراض مزمنة، لذا نخشى أخذ اللقاح."

عباس يُعيل ثلاثة عوائل من أهالي قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين وقد نزحوا الى قرية في قضاء كفري منذ عدة سنوات. ثلاثة شبان فقط من تلك العائل الثلاث تلقوا اللقاح حتى الآن.

ويأتي ذلك في الوقت الذي حثت فيه وزارة الصحة العراقية في حملة التوعية التي أطلقتها مؤخراً المواطنين على أخذ اللقاح ونشرت على صفحتها الخاصة على موقع فيسبوك، هاشتاك "#لقح تسلم، #لقاحك حياتك". 

 وقال عباس الشامي، "الشهر الماضي راجعت دائرة حكومية في بغداد من أجل معاملة رسمية، حين وصلت منعوني من دخول الدائرة وطلبوا مني بطاقة التلقيح"، وتابع الشامي، "بعد ذلك أكمل شخص ما معاملتي مقابل مبلغ من المال".

ويطالب الشامي الحكومة العراقية وحكومة الاقليم بأن لا يجعلوا التلقيح إلزامياً، بالأخص للنازحين الذين يعيشون في القرى وليس لديهم اختلاط بالناس.

خارطة توضح موقع قضاء كفري في منطقة كرميان التابعة لمحافظة السليمانية والذي يقيم فيه بعض النازحين خارج المخيمات

يتواجد في اقليم كوردستان أكثر من 664 ألف نازح، يقيم أكثر من 136 ألف منهم ضمن حدود محافظة السليمانية، وفقاً لإحصائيات حكومة اقليم كوردستان.

تشير أرقام وزارة الصحة العراقية الى أن عدد الملقحين في محافظة السليمانية وإدارة كرميان لغاية يوم 14 شباط 2022 بلغ 381 ألف و 574 شخص، وتأتي السليمانية بالمرتبة الثالثة عشرة بين محافظات العراق في عدد الملقحين.

(كركوك ناو) زار ثمان عوائل نازحة أخرى في ناحية رزكاري التابعة لقضاء كلار، جميع تلك العوائل شددت على أن الناس يشجعوهم على أخذ اللقاح لكنهم لم يراجعوا حتى اليوم مركزاً للتطعيم ضد كورونا.

زكريا ريبوار، أحد أفراد تلك العوائل قال لـ(كركوك ناو)، "يوجد مركز تطعيم في الناحية، استفسرنا وأخبرونا بأن بمقدورنا الحصول على جرعات اللقاح كغيرنا من سكان المنطقة، قررنا جميعاً أخذ اللقاح، أرى بأن التلقيح لا يحتاج كل ذلك الخوف والقلق، إن كان اللقاح مضراً فالحكومة لن تعطيه للمواطنين". 

   

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT