"السوق الرئيسي لمركز قضاء تلعفر مهجور منذ العام 2004 وحتى الساعة، جراء استهدافه المستمر من قِبل التنظيمات الارهابية من القاعدة وداعش، رغم أنه يعدّ الرئة الاقتصادية للمدينة بل لعموم غرب نينوى، حيث كان يرتاده إلى جانب سكان تلعفر، متبضعين من مناطق سنجار والبعاج والعياضية وربيعة والقرى المحيطة بها" يقول طارق أحمد، أحد مواطني تلعفر.
ويضيف أحمد في حديثه لـ(كركوك ناو)، أن "عودة الحياة إلى هذا السوق سيساهم في انتعاش الحركة الاقتصادية والتجارية في المدينة وسيوفر فرص العمل للمئات من الشباب العاطلين عن العمل".
كان يضم محلات تجارية مختلفة بينها لبيع المواد الغذائية ومكاتب استنساخ وتصوير ومكاتب نقل وبيع مواد احتياطية للسيارات إلى جانب المطاعم والمقاهي الشعبية
ويقع تلعفر، الذي يسكنه نحو 450 الف نسمة، موزعة على مركز المدينة ونواحٍ ثلاث، على بُعد 69 كم شمال غرب الموصل، وجميع سكان مركزها من القومية التركمانية، فيما ينتشر العرب والأكراد في بعض النواحي والقرى التابعة له، مثل ربيعة، وزمار، والعياضية.
"نحن كأصحاب محلات تجارية في سوق تلعفر الرئيسي لدينا رغبة كبيرة في العودة إلى محلاتنا باعتبارها مصدر رزق لعوائلنا، الا أن هذه المحلات تعرضت إلى دمار كبير وهي بحاجة إلى اعادة اعمار وتأهيل" بحسب محمود صالح، صاحب محل في سوق تلعفر الرئيسي.
ويكشف أن "السوق يقع في وسط المدينة، وكان يضم محلات تجارية مختلفة بينها لبيع المواد الغذائية ومكاتب استنساخ وتصوير ومكاتب نقل وبيع مواد احتياطية للسيارات إلى جانب المطاعم والمقاهي الشعبية".
ويطالب صالح، 45 عاماً، في حديثه لـ(كركوك ناو)، الحكومة بتعويض أصحاب المحال التجارية في السوق كما "نطالب المنظمات الدولية العاملة في تلعفر بمدّ يد العون لنا ومساعدتنا في اعادة متاجرنا".
وقبعَ قضاء تلعفر، زهاء ثلاث سنوات تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، الذي قتل العشرات من أهله، فيما مصير 1300 منهم ما زال مجهولاً، بعد أن أقدم على خطفهم منذ الساعات الأولى لسيطرته على القضاء إلى إعادة سيطرة القوات الامنية العراقية عليه، بينهم أطفال ونساء. كما كانت المدينة هدفاً لمئات التفجيرات الانتحارية لتنظيم القاعدة خلال السنوات 2004 إلى 2010.
"اعادة الحركة التجارية إلى السوق الكبير في تلعفر سوف تساهم في تعزيز التعايش المجتمعي وتعزز بناء السلام بين مكونات المنطقة، إلى جانب أهميتها الاقتصادية، حيث كان السوق يرتاده الايزيدية والعرب والأكراد إلى جانب سكان المدينة التركمان، بل كان السوق يضم متاجر فرعية تسمى سوق الايزيدية وأخرى سوق العرب" بحسب عامر عبدالله، ناشط مدني من تلعفر.
ويقول عبدالله لـ(كركوك ناو) ان "المنظمات الدولية التي تسعى لتعزيز سبل العيش وتلك التي تعمل على توثيق أواصر السلام بامكانها أن تستثمر هذا السوق لتحقق أهدافاً انسانية واقتصادية في آنٍ واحد".
بعد تحرير تلعفر من سيطرة (داعش)، في أب 2017، عاد نحو 60% من النازحين التركمان إلى مدينتهم بينما ينتشر الاخرون، الذين فضّلوا عدم العودة، في عددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا سيما النجف وكربلاء وبابل، إلى جانب إقليم كوردستان، وكركوك وتركيا، لتضرر منازلهم أو لعدم توفر فرص العمل في المدينة، وتسعى الادارة المحلية بالتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في القضاء إلى اعادة اعمار البنى التحتية وتقديم الدعم اللازم للسكان بغية تشجيع النازحين للعودة إلى منازلهم.
من جانبه أفاد مصدرٌ أمني مسؤول في تلعفر أن "الوضع الأمني في المدينة يشهد استقراراً كبيراً، وليس هناك تحديات تتعلق بهذا الشأن لعودة الحياة التجارية إلى سوق تلعفر الرئيسي".
وأضاف المصدر في حديثه لـ(كركوك ناو) أن "الدوريات الأمنية تنتشر في السوق حالياً ومستعدة لتعزيز الاجراءات في حال عودة الحياة إليه للحفاظ على أرواح المواطنين ومتاجرهم".
وتابع أن "التنظيمات الارهابية طالما استهدفت المدنيين في هذا السوق وخلفت عشرات الشهداء والجرحى"، لافتاُ إلى أنه "في 25 كانون الأول 2018 قُتل مدنيان وأصيب 12 آخرون جراء انفجار سيارة ملغمة في هذا السوق، وأدى الانفجار إلى وقوع أضرار مادية بعدد من المحال التجارية والسيارات القريبة".